الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الثورة السورية... وإحياء مسار اللاعنف

8 مايو 2012
بعد أكثر من عام على بدء الانتفاضة، كان 50 شخصاً فقط مازالوا موجودين للاحتجاج في بلدة سورية تعرضت مبانيها للحرق وواجهات محالها للقصف. ولكن بالنسبة لسكان "عندان" الذين تجمعوا للمطالبة بالحرية والكرامة في صباح اليوم الذي بدأ فيه وقف إطلاق النار في سوريا الشهر الماضي، بدا كما لو أن الثورة قد بدأت من جديد حيث يقول "أبو الغيث"، وهو ناشط في البلدة القريبة من حلب التي كان الثوار قد استولوا عليها ثم فقدوها من جديد أمام القوات الحكومية: "كنا راغبين ومستعدين للخروج كما لو أنه يومنا الأول"، مضيفاً: "قوتنا تكمن في سلمية حركتنا". غير أنه على مدى أشهر، رأى النشطاء الذين ساهموا في إشعال الانتفاضة ضد نظام الأسد عبر الوسائل غير العنيفة انتفاضتهم تنفلت من بين أيديهم بعد أن حمل آخرون في المعارضة السلاح، وبدأ النزاع يتحول إلى ما يشبه حرباً أهلية. واليوم، أخذ وقف إطلاق النار المدعوم من الأمم المتحدة، الذي عرف عدداً من الخروقات، ولكن أيضاً تراجعاً في إراقة الدماء، يوفر خلفية غير عنيفة مناسبة لجهود النشطاء الرامية إلى استعادة الثورة. في الأسبوع الذي بدأ فيه وقف إطلاق النار، خاض بعض النشطاء حملة على الإنترنت من أجل اختيار الاسم الذي سيطلق على احتجاجات الجمعة المقبلة، التي تخضع للتصويت كل أسبوع. وفي نهاية المطاف، اختير اسم "ثورة لكل السوريين" على أسماء أخرى أكثر تشدداً، ووُصف ذلك باعتباره نصراً لنشطاء السلام، الذين تعزز موقفهم بعجز المتمردين المسلحين تسليحاً خفيفاً عن التصدي لحملات القمع الحكومية الوحشية في أماكن مثل حمص وإدلب وغياب مساعدة عسكرية خارجية في المستقبل القريب، مما يبرز صعوبات محاولة خلع الأسد بالقوة. النشطاء يشيرون إلى أن الثورة المسلحة لم تعمل إلا على استعداء الأغلبية الصامتة السورية أكثر في مدن مثل دمشق وحلب، والتي تروعها الصور الدامية التي تراها على التلفزيون التابع للنظام السوري. ويرون أنه فقط من خلال أعمال التحدي السلمية ستنضم هذه المجموعة إلى الثورة. فحتى تكون حركة ناجحة، يقول النشطاء، يجب أن تكون الاحتجاجات مصحوبة بإضرابات العمال ومقاطعة الحكومة قصد حرمان النظام من الدعم المالي. وتقوم المجموعات التي تنبذ العنف بالترويج لهذه الحملات منذ أشهر ولكنها تقول إنها تجد صعوبة في ذلك بسبب قلة التنظيم والوعي. ويقول النشطاء الرافضون للعنف إن الاحتجاجات المتزايدة في حلب ودمشق تمثل دليلاً على طفرة جديدة للوسائل غير العنيفة، غير أن كلا المدينتين تعرضتا لانفجارات خلال الأيام الأخيرة. كما أن النشطاء لا يتمتعون سوى بقوة محدودة في المناطق التي أصبح فيها المتمردون أكثر ترسخاً. وفي أماكن مثل تلك، يقول النشطاء والثوار على حد سواء إن إلقاء السلاح يرقى إلى الموت، وهو ما يجعل من هدف نشطاء السلام صعب التحقيق. الخلاف أثناء الثورة ليس حول من يتحدث باسم المعارضة فحسب، وإنما أيضاً حول عواقب إسقاط النظام. وفي هذا الإطار، يقول يوسف الشامي، وهو ناشط يستعمل اسماً حركياً وفر من سوريا قبل أشهر لأنه كان مطلوباً من قبل قوات الأمن بسبب مشاركته في تنظيم الاحتجاجات:"إن هدفنا هو بناء سوريا وليس تدميرها، إنا لا نريد تدمير البلاد أثناء محاولتنا خلع النظام". الشهر الماضي، انضم الشامي إلى نحو 200 ناشط آخر في القاهرة من أجل تأسيس البرنامج الديمقراطي السوري، وهو عبارة عن ائتلاف نشطاء يشعرون بأن الثورة قد تم الاستيلاء عليها من قبل الفصائل المسلحة. وعلى غرار آخرين في هذا الخندق، لا يعارض الشامي دفاع المتمردين المسلحين عن المحتجين، ولكنه يعتقد أنه لا ينبغي أن يكونوا في موقف هجومي. فالتاريخ، كما يقول، يثبت أن الثورات المسلحة تتطلب وقتاً طويلاً حتى تطيح بالأنظمة، كما أنها كثيراً ما تفضي إلى شكل آخر من القمع والديكتاتورية. الظهور العلني الجديد للحركة لخصته بشكل رئيسي احتجاجات "أوقفوا القتل" الصامتة، التي تنظم في العاصمة دمشق. ففي الثامن من أبريل الماضي، وقفت ناشطة تدعى ريما دالي وسط الحركة المرورية في أحد شوارع دمشق أمام مبنى البرلمان ورفعت لافتة حمراء مكتوبة بخط اليد كتب عليها: "أوقفوا القتل، نريد بناء بلد لكل السوريين". وكان المارة يتوقفون للمشاهدة بينما كان بعضهم يصفق. وقد تم اعتقال دالي وبعض أصدقائها، ولكنها ألهمت آخرين وشجعتهم. ونادية واحدة من هؤلاء. فهذه الناشطة الشابة من دمشق شعرت بالاستياء من المنعطف الذي اتخذته الثورة حيث تقول في مقابلة معها عبر الإنترنت: "شخصياً، شعرتُ بخيبة أمل كبرى: إن هذا لم يعد يمثلني، لا يشبهني، لا يناسبني". ولكنها بينما كانت تشاهد فيديو دالي، وجدت فيه نادية مصدر إلهام. وفي اليوم التالي، تجمعت هي وابنة عمها ومجموعة من الأشخاص أمام البرلمان من جديد ورفعوا لافتة عليها نفس المطلب مكتوباً بلون أبيض. كما نظم آخرون مظاهرات مماثلة خارج قصر العدالة. وتقول نادية: "الأسابيع الماضية كانت حافلة بمشاعر الإحباط من كل شيء، وكان نشطاء السلام جامدين تقريباً. أما اليوم، فإنها باتت تعج بالحركة والنشاط كخلية نحل، فالعديد من الناس يتصلون بنا من أجل تنظيم أحداث مماثلة. وكل أصدقائي استأنفوا أنشطتهم مثلما كان عليه الحال من قبل". ألكسندرا سانلدز - بيروت ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم. سي. تي. إنترناشيونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©