السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

محمود عبود يرسم كل حالات حواء ويتحاور مع أنوثتها

محمود عبود يرسم كل حالات حواء ويتحاور مع أنوثتها
23 يوليو 2010 20:51
أقامت جمعية الإمارات للفنون التشكيلية مؤخراً معرضا للفنان التشكيلي محمود فهمي عبود الذي طرح تجربته الفنية بعرض مجموعة من الأعمال أنتجها حديثا، ليقف الجمهور على أسلوب آخر من الأساليب الفنية، ويتمتع المشاهد بما يقدمه الفنان من إبداعات ويتأمل المهتمين بالفنون في الأسلوب والطريقة ليخرج الجميع بانطباعاتهم نحو التجربة المعروضة، ويتحقق الهدف من نشر الفن وتداوله بين الجميع للارتقاء بالحس والذوق لدى الإنسان في كل مكان حيث ترقى الأمم برقي فنونها. في السطور التالية كان لنا لقاء مع الفنان وتجربته الجديدة. يتحدث محمود عبود عن البدايات، وكيفية دخوله لعالم الفن التشكيلي فيقول: «كنت منشغلاً بالفن منذ الصغر، وأعجبت كثيراً بالفن الأوروبي، وخصوصاً المدرسة الايطالية والهولندية، وفي مراحل متقدمة تأثرت بالفن الفلامنكي والانطباعية الفرنسية، وكنت شغوفاً بمعرفة سيرة حياة هؤلاء الفنانين واحلم بأن اكون مثلهم، كما كان لأخي الأكبر، الفنان محمد فهمي، الأثر الكبير في زرع هذا الولع، عبر مكتبته المليئة بالكتب المصورة للوحات الفنانين، ومرسمه المتواضع في بيتنا، وقد حزت في المرحلة الابتدائية الجائزة الاولى على مستوى محافظة بابل، وكانت السبب في فوز مدرستنا لأول مرة، وكان ذلك عام 1975، وما زلت احتفظ بالميدالية الخاصة بالجائزة». الإنسان محور الفن عن ميله نحو التشخيص التجريدي يقول عبود: «أنا لا أُخفي في هذا المعرض ولعي بالتشخيص، والكتل الآدمية موجودة في لوحاتي مهما ابتعدت وحاولت ان تنحو الى التجريدية، فالمشاهد سيجد الجسد قابعاً دائماً في اللوحة، لأن أدوات التعبير الجسدية لايمكن تعويضها بأي شكل من الاشكال، فالعين واليد وانحناءة الجسد والرأس والصرخة في الفم والابتسامة والحزن كلها ادوات تعبير هائلة يمكن توظيفها في العمل الفني، وثانيا لأن الانسان هو محور اي عمل فني، فلا بد ان يكون حضوره اساساً لكل عمل ابداعي». ويشير عبود إلى الفنانين الذين أثروا في تجربته وأثروها. فيقول: «مراحل تجربتي الفنية فرضت في كل فترة فناناً معيناً، وحالما يتغير هذا الفنان يظهر فنان آخر حسب النضج الفني، فعند ذهابي للدراسة في أوكرانيا تأثرت بعدد من الفنانين مثل الفنانين الروس «اليا ريبن» و»سيروف كروفن» و»مليافن»، وكذلك «نيكولاي فيشن» والسويدي «اندرياس زورن» والنرويجي «مونخ» والكثير من الفنانين الكبار المعروفين، وكنت احب ان اقرأ سير حياة هؤلاء الفنانين، وتعجبني التقاليد الصارمة في دراسة الفن التي تحتاج الى المثابرة والصبر والتدريب المتواصل». دفع التشكيل للأمام ينتقل بنا الحديث عن الحركة التشكيلية في الإمارات فيؤكد عبود: «لقد وضعت الحركة التشكيلية في الامارات في الفترة الاخيرة نفسها في المسار الصحيح، وتسير بخطى واعدة، خصوصاً على مستوى دول المنطقة من حيث الرعاية وعدد الصالات الفنية والجاليريات التي تعرض للفنانين التي تزداد يوماً بعد يوم، كما أن البينالي في الشارقة مثلا، وقصر الامارات في أبوظبي واستضافته لاعمال كبار الفنانين من متاحف عالمية، يسهم بلا شك في رفد الحركة التشكيلية ودفعها للامام، وانا أتواصل مع هذه الاعراس الفنية دائما، وحريص على المتابعة والمشاركة فيها». ويتطرق عبود إلى هم النقد التشكيلي حضوراً وغياباً فيقول: «النقد التشكيلي احد اهم عناصر نهضة ورقي الفن التشكيلي، فالواقع النقدي جزء لا يتجزأ من المنجز الثقافي والفني في الساحة، ولا يمكن ان يكون النقد ناضجاً في واقع فني متخلف، فكلا الاثنين يعتبر نتاجا للآخر، والاتجاهات النقدية في الامارات لها طابع يتسم بالتشتيت بسبب الفائض الثقافي المتنوع، وهو الأمر الذي أدى الى ضبابية في التصويب نحو تكوين خصوصية تشكيلية لحالة اماراتية تخرج من الولعية بالتراث، وبخاصة في تركيزها على سمات (ديكورية تزينية) اكثر من كونها نضجاً فنياً يعالج الحالة الانسانية وينطلق نحو الحرفية الفنية، وهذا عائد الى العقبات الاجتماعية والتابوهات التي تقف في وجه الرسم في بعض الاحيان، وقلة تناول جرعات الفن في المناهج التعليمية، الأمر الذي حوله إلى فن تزويقي وملء للفراغ في حائط بيت ما. ولهذا أعتقد أن على النقاد الاماراتيين ان يشخصوا هذا الخلل. ومن جهة اخرى أرى أن الفن الراقي قد تحول الى مسارات نخبوية متطرفة في احيان كثيرة، اما عن الدخلاء على الفن فهذا نتاج طبيعي لعدم وضع المسار الصحيح على السكة، بالرغم من الاهتمام الكبير بالفن التشكيلي، ظهر لنا هذا الاستسهال في دخول الفن، لفراغ الساحة الفنية من نقاد يجرؤون على توصيف الواقع التشكيلي بالشكل الصحيح، وهذه الأشياء لا تحتمل المجاملة». المرأة شغلي الشاغل أما عن سطوة حضور المرأة أو «عشتار» كما يسميها في معرضه، فيقول عبود: «المرأة هي الشغل الشاغل لكل الفنانين رغما عنهم، ذلك أنها تمثل الحيز الثاني في فضائنا فلماذا لا أكترث بهذا الحيز والكائن الجميل؟ وخصوصاً وانا منشغل بكوني رجلاً اسهمت في تكوين هذه الحالات التي اردناها للمرأة شاءت ام أبت، فأنا هنا اتعاطف مع المرأة منذ أن كانت انثى تتصدر مكانة عظيمة تسمو على الحدود البشرية في الحضارات الانسانية القديمة، فعلينا ان نعرف كم كانت منزلتها عظيمة في الحضارات القديمة (عشتار البابلية وافروديت الآلهة الإغريقية) مثلا لا حصرا». يضيف عبود: «لم تكن لوحاتي انفعالية بل انها مستدامة طالما ظلت بهذا السكون الذي نستميت على ان لا يتغير، انها البيضة التي يجب ان لا تنكسر، يمكنها ان تكون افضل من ان تقبع في البيت، تحاور الجدران وتنصت لحديث عابر تلتهي به بقية يومها، لا لسبب الا لأنها لايمكنها فعل شيء!! رسمت هذه الحالات لطرحها كحالة للنقاش». تتخذ المساحات اللونية (وأحيانا اللون الواحد) مساحة شاسعة تنم عن حالة انتشاء باللون المفرد في حواره اللون الآخر في لوحات الفنان، عن هذا الجانب يقول عبود: «يشكل اللون عنصرا هاما في الحالة الابهارية لعين المتلقي، فلا يمكن اغفال ذلك، لذلك أنا أهتم بالتجانس اللوني كثيراً، وكذلك التضاد الضوئي والفراغات التي دائماً تكون حيادية في احيان أخرى، في سبيل اعطاء الراحة لعين المتلقي وعدم اصابته بالدوار، كما احب الخلطات اللونية الخاصة بي، فهي اكثر غنى، كما أن بصمة الفنان تأتي من خلطته اللونية المميزة». نافذة إبداعية أخيرا يتحدث عبود عن الطقوس الخاصة التي تدفعه للعمل نحو نافذة اللوحة، وعن أحلامه وأقصى حالات الفرح وأقصى حالات السعادة بالنسبة له، فيقول: «ارسم في الشتاء اكثر من الصيف هنا في الامارات مثلاً، واستمع الى الموسيقى اثناء العمل في المرسم لأنها تجعلني في حالة انفصال تام داخل حرم الفن، وهذا هو طقسي الذي لا يتغير، ولهذا أحلم بالتفرغ نهائياً للرسم الإبداعي بدون الحالات والانشغالات الاستهلاكية اليومية الشاغلة عنها، وأحلم بامتلاك مرسم يستوعب كل لوحاتي الكبيرة، وانجاز لوحة جميلة هي اقصى حالات الفرح بالنسبة لي، واقصى حالات السعادة هي حب طلابي وطالباتي لي ورضاهم عني كأستاذ». الفنان في لمحات ? من مواليد العراق/ بابل 1962م. ? خريج معهد التكنولوجيا/ بابل عام 1985م. ? سافر إلى اوكرانيا بالاتحاد السوفيتي سابقاً والتحق بمعهد الفنون في خاركوف وتخرج بدرجة ماجستير فنون جميلة (رسم) عام 1997م. ? عاصر ودرس على يد فنانين اوكرانيين وروس كبار وتدرب على أصول المدرسة السوفيتية المعروفة بأصولها الفنية الصارمة. ? عمل في التدريس في النرويج من عام 1999 الى عام 2002 وبعدها باشر في العمل في الامارات في التدريس لمادة الرسم في معهد الفن الخاص، ومراكز الاطفال والفتيات في الشارقة ويتعامل مع المطبوعات في رسم القصص للأطفال.
المصدر: الشارقة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©