السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الرياضة

حرب الجماهير المونديالية

حرب الجماهير المونديالية
15 يونيو 2018 03:18
في الجادة المحاذية لمركز «جوم» التجاري الشهير في الساحة الحمراء، والذي يقع على بعد خطوات من قصر الكرملين تجتمع جماهير المنتخبات المشاركة في المونديال يومياً، لتمارس فنون التشجيع وجنونه، حيث تندمج الألوان وتتداخل اللغات، وتبرز شتى أنواع الفلكلور والتقليعات. هنا حيث تنحبس الأنفاس، وتتشابك الخطوات حتى لا يكاد العابر يستطيع مد قدميه بالقدر الذي تتيح له الحركة، تجد الجماهير البرازيلية، وقد أطلقت صيحاتها المدوية على أنغام موسيقى السامبا، وعلى بعد خطوات منها لا تخطئ عيناك الأعلام الزرقاء السماوية الممهورة بصورة الأيقونة العالمية ليونيل ميسي، لتعرف أنك بين جماهير الأرجنتين التي لا تنفك بين حين وآخر عن ممارسة لعبتها المفضلة، حيث رقصة التانجو، ومثلهما في ذلك تجد جماهير الكرة الإنجليزية بصخبها المعهود، ومثلهم جماهير المنتخبات الأفريقية، والأوروبية، وغيرها في مشهد كرنفالي مبهر حد الدهشة. التباري بين الجماهير في تلك الجادة لا سيادة فيه لمنتخب على آخر، كما هو في الملعب، وهو ما أظهرته جماهير المنتخبات العربية، خاصة جماهير السعودية ومصر والمغرب، إذ سجلت حضوراً لافتاً في حرب الجماهير للفوز بلفت الأنظار، إن من حيث العدد أو الأداء، ولا أبالغ إن قلت أن الجماهير السعودية كان كعبها عاليًا في حضورها الرائع، وأدائها الباهر، وتفانيها في نقل صورة حضارية عن المشجع السعودي. في ذلك المشهد السوريالي العجيب استحضرت مقولات لبعض المفكرين العالمين والأدباء البارزين، والذين يعبر عنهم الكاتب والصحفي الأوروجوياني إدواردو جاليانو في كتابه «كرة القدم بين الشمس والظل»، بأنهم يرون «انتشار كرة القدم في العالم مؤامرة إمبريالية للإبقاء على الشعوب المقهورة في طور الطفولة»، ومن ذلك وصف الكاتب الإيطالي أمبرتو إيكو لكرة القدم، فيما كان منتخب بلاده يحتفل بتحقيق مونديال 2006 بأنها أفيون الشعوب، ومثله يذهب العديد من الكتاب والمفكرين. في تلك اللحظة تراءت لي مقولة الشاعر الفلسطيني محمود درويش حينما وصف كرة القدم بأنها أشرف الحروب، ومثله الشاعر البحريني قاسم حداد الذي التقيته ذات حوار صحفي، والذي وصف فيه كرة القدم بأنها ضرب من ضروب الثقافة، حيث تنمي لدى الإنسان جمالية الكائن البشري، قبل أن يضيف وهو الذي كان قد حضر مونديال ألمانيا 2006: يكفي أنها تجمع في «المونديال» فقط كل العالم باختلاف أجناسهم وألوانهم، حيث يتنافسون بشراسة ثم يتعانقون بعد ذلك. هي كرة القدم إذاً بفنونها وجنونها، وهو المونديال، حيث أكبر تظاهرة عالمية على الإطلاق، والذي بات أمل الحكومات وحلم الشعوب، وهو ما يؤكد حقيقة أن كرة القدم التي تجمع شعوب الأرض في حيّز واحد ليست أفيون الشعوب كما يرى إيكو، بل هي أكسير الحياة الحقيقي.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©