الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الذكاء العاطفي (2)

15 يناير 2006
قال تعالى: (لو أنفقت ما في الأرضِ جميعاً مآ ألفت بين قلوبهم ولكنَّ اللهِ ألف بينهُم، إنه عزيز حكيم)... يتمسك كل منا برغبته في كسب قلوب من حوله ولكن البعض يعتقد أنه لم يعتد على كشف مشاعره بسهوله لمن حوله، فإذا توكلنا على الله وتحقق لنا توفيق البارئ سبحانه ، سيتم التآلف العاطفي بل وستكون العلاقة أكثر حميمية مما كنا نتوقعها وبالأخص في ما يتعلق بصلة الرحم والعلاقات الزوجية والأسرية، فقد يعتقد كل زوج وزوجة أنه من الصعب عليه بناء علاقة عاطفية بينه وبين فرد لم يره إلا ساعة توقيعه على عقد الزواج، ولكنه إن كان قد استخار وتوكل على الله واستفتى قلبه سيجد أن أمر العاطفة وبناء العلاقة الناجحة من أكثر الأمور سهولة ويسرا، ولا يحتاج الأمر إلى دراسة وقدرات عبقرية ودراسات وأبحاث إنما يحتاج كما ذكرنا في مقالات سابقة إلى حسن النية والتوكل على الخالق في حسن تبعل الطرف الآخر، والاحتساب إن حدث ما لا يتوقعه كل منهم·
اعتاد الناس على فحص ذكائهم العقلي والتعرف على نسبته وقد يتفاخر الآباء بنسب ذكاء أبنائهم وقد يعتبرونهم من الموهوبين، وأشير هنا إلى أهمية الذكاء العاطفي لأنه المحرك للذكاء العقلي فبدونه يصعب على الفرد تسويق نظريته، أو بحثه أو التعامل مع مرؤوسيه، وأسرته، ولذلك كانت مقالاتنا مخططة لتنمية الذكاء العاطفي بين الأفراد وبالأخص الأزواج والزوجات وأفراد الأسرة الواحدة لتعم هذه المهارات المهمة لتنمية المجتمع وتطوره·
ما هو الذكاء العاطفي؟
لقد أظهرت عدة دراسات أن الذكاء العاطفي هو عبارة عن المهارات العاطفية والاجتماعية التي يكون مقرها الجهاز الطرفي في الدماغ، ويشار إليه على أنه الجزء العاطفي للمخ المستقر بعمق داخل النصفين الكرويين للدماغ أو المخ، وهو المسؤول عن تنظيم عواطفنا ودوافعنا، ويشتمل الجهاز الطرفي على عدة أجزاء يختزن فيها الذكريات العاطفية، ثم يتم إرسالها إلى كافة أجزاء الجسم عند الاحساس بأية عاطفة، وتوجيه الجسم لإحداث رد الفعل المناسب، ويساعد اللحاء (جزء التفكير في المخ) على ضبط العواطف والتحكم فيها، وبالأخص فيما يتعلق بحل المشكلات واللغة والتخيلات والعمليات الأخرى)·
وقد يتذكر أحدنا ما كان يعتقد سابقا على أن القلب هو مصدر العواطف والمشاعر بينما اليوم قد علمنا أن العقل هو مصدرها بل المحرك الأول لها·
والسؤال الذي يطرح نفسه هل يمكننا أن ننمي ونحفز الذكاء العاطفي لدينا؟
أهم المؤثرات على نمو الذكاء العاطفي
تغيير كيمياء المخ
تعلم طرق تمكن من السيطرة على وظائف المخ
التفاؤل والوضوح والصراحة
تحديد الأهداف وسنوات انجازها وأهم الأشخاص المساعدين لنا
التعاطف والاهتمام ببناء العلاقات الاجتماعية
بناء المنظومة القيمية
تنمية العواطف الأخلاقية والأنشطة الإيجابية
مما لا شك فيه أن للتفهم العاطفي بين الزوجين أثره ودوره وأهميته في إشعار كل منهما بالسعادة الزوجية والسواء النفسي، ويساعد كل منهم على الحوار الإيجابي وتقبل الآخر كما هو، فضلا عن دوره في الإقلال بل وغياب الفراغ العاطفي لديهم، من خلال استثمار كل زوج الفرصة المناسبة للتعبير عن مشاعره وأحاسيسه وعواطفه للزوج الآخر وقضاء الأوقات العاطفية السعيدة·
قد يتساءل الكثير منا إذا كنا نحب أو نحب، هل يمكننا أن نصرح بهذه المشاعر لأزواجنا، ونحن نعتقد أن الامر فيه الكثير من الحرج، بل وقد يقاوم بعض الأزواج هذه الفكرة بتناقضاتها؟
وقد يتساءل البعض الآخر ماذا إذا كنت قد أحببت الزوج الآخر أكثر مما أعرف عنه أو أتوقع أن يبادلني هذه المشاعر؟
بل وقد يكون أحدنا لا يعرف كيف يتعامل مع مشاعره ومع مشاعر الزوج الآخر رغم تفوقه في كل دور يناط به!
الذكاء العاطفي الذي نطلبه من أزواجنا ومن والدينا محاط بالكثير من الوضوح والبساطة والتلقائية والتفهم العاطفي وهو ما يقدم لنا، أو ما نستقبله بإحساسنا، أو ما نسعى للوصول إليه، ولا يحتاج منا إلى التكلف أو التنازل بل بالعكس نحقق ما نريد بقليل من التنازلات·
معظم الناس ينتمون إلى أزواج أو عائلات متقاربة ومتحابة لكنهم لا يعرفون كيف يكسبون هذه العائلات لطرفهم· وقد يشعر أحد الزوجين أو كلاهما أن عليه أن يحب الطرف الآخر لأنه قد ارتبط به، ولا بد أن يعبر عن المشاعر تجاهه سواء أكانت مجاملة أو حقيقة أو تجملا، إلا أن الأغلبية لا يعلمون أن رد فعل الزوج الآخر يتوقف على درجة الصدق في هذه المشاعر وينطلق التفهم العاطفي الحقيقي لها من الإخلاص فيها وللزوج الآخر·
متى؟
؟ يمكن لكل زوج أن يتفهم مشاعر الآخر العاطفية؟
؟ يمكنه تبادل هذه المشاعر مع من حوله بصدق؟
؟ يمكنه تلقي ردود الفعل التي يرتجيها ممن حوله؟
قد يشعر أحدنا بالحب لزوجه أو لأفراد أسرته أحيانا لأنهم أفراد من عائلته، ولكنه قد يتناسى أن يحب كل فرد ويتفهم مشاعره وعواطفه لذاته ولما يحمله من مشاعر له وليس لكي يبادله مشاعره ويسعده فحسب·
وقد يميل كل منا لتقدير الزوج الآخر وأفراد أسرته بوصفهم أفرادا يجب علينا محبتهم ورعايتهم·
أين الفجوة؟
قد يستغرب البعض منا هل توجد بيننا وبين أزواجنا أية فجوة؟! بل هل توجد بيننا وبين أفراد أسرتنا أية فجوات؟!
الإجابة ربما تكون نعم، أو أحيانا، أو دائما، وتعتمد الإجابة على درجة تفهم كل منا لخبراته العاطفية السابقة تجاه ذاته وتجاه الآخر أو الآخرين، بل وتفهم مواقف وعواطف الآخر أو الآخرين من حولنا، ومن ثم تحليل الادوار والسلوكيات والأفعال التي تشير إلى وجود مشاعر صادقة أو مشوشة أو غير ذلك والتعرف على أسبابها وظروفها لنتمكن من الوصول للذكاء العاطفي السليم الذي يُسهم إن شاء الله في إحداث السعادة لذواتهم ولمن حولنا·
عادة ما تكون هناك فجوة في طريقة الحب المعبر عنها وكيفية استقبال هذا التعبير من قبل الآخر· وكأن البعض من هذه الرسائل مشفرة لا يفهمها إلا من قالها أو ربما بعض الهمهمات أو الرسائل غير اللفظية لا يفهمها المقابل بالطريقة التي عبَّر عنها الزوج، ولذلك تكون ردة فعله مغايرة لما سعى إليه وتكون ردة الفعل غير متوقعة من الطرف الأول وتحدث المشكلات، وكما يقال (النار تأتي من مستصغر الشرر)· إذ يتعامل معظم العائلات مع الحب باستخدام كلمات أو إيماءات، هذه الكلمات وتلك الإيماءات لا تجعل الحب غامضا وحسب بل تتعداه إلى جعل الحب يترجم إلى معانيه العكسية·
كل شخص له أسلوبه وطريقته في التعبير وفي استقباله العاطفي المتفردة به والتي قد يستخدمها أو تستخدمها للتعبير عن الحب، الحب بين الزوجين أو بين الوالدين والأطفال قد يرسل رسالة أو عدة رسائل، وقد لا يستلم، أو لا يتفهم ما تم استلامه·
وكلما استخدم كل منا ذكاءه العاطفي كلما نجح بل تفوق في ابداعه العاطف وبناء علاقة محبة مع الزوج الآخر·
تفعيل الذكاء العاطفي الزوجي الناجح
·1قال تعالى ( فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى) لنتعلم القول اللين لأنه يؤثر على ردة فعل الزوج الآخر·
·2إظهار السعادة من قبل الزوجين عند رؤية بعضهما والترحيب بوجود الآخر ، كما كان ذلك بين الرسول صلى الله عليه وسلم وبين سيدتنا عائشة رضي الله عنها وأرضاها، إذ كانت ترحب به عند قدومه وتشيعه عند خروجه·
·3يكتمل الحب واستثمار الذكاء العاطفي في التعامل مع الزوج الآخر عندما يكون لله وفي الله، فلنتحاب في الله ولله ولنبدأ من اليوم في حب كل زوج لزوجه أِشد من حب الزوج الآخر له لينعما بحلاوة الإيمان والسعادة والاستقرار·
·4أن يحرص كل زوج وزوجة على مصارحة الزوج الآخر بل والأبناء بمشكلاته، وليناقشهم في البعض منها، فالأطفال أكثر مرونة وقدرة على استعادة الحيوية لأبويهم وأسرتهم، وقد يستفيد الأبوان من اقتراحاتهم البريئة·
·5ليبدأ كل أب وأم بمناقشة سلبياته وأخطائه مع زوجه وأولاده، وذلك لتنمية الذكاء الواقعي لديهم ولتدريبهم على التفكير الواقعي، فمثلما نسرد لهم إيجابياتنا لا بد انهم يعلمون أن لدى الأزواج والآباء صفات سلبية أيضا·
·6وأخيرا لا بد من استثمار الذكاء العاطفي لكل منا بأن لا نسخر من مشاعر الزوج الآخر ونتقبلها كما هي لأن الله سبحانه وتعالى أخبرنا في الآية الكريمة: (لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم)
وإلى الذكاء العاطفي -3-
استودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©