الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أخطار الـ «بلاك بيري» تضعه في دائرة الشبهات

أخطار الـ «بلاك بيري» تضعه في دائرة الشبهات
23 يوليو 2010 21:06
تصاعد في الآونة الأخيرة الجدل الدائر حول الأخطار الكامنة في استخدام الجهاز “بلاك بيري” بعد أن عمدت بعض دول العالم إلى إيقاف خدماته فيما تفكّر دول أخرى في تقنين استخداماته وحصرها في حدود معينة. ولعل الشيء الذي لا يمكن إنكاره أبداً هو أن “بلاك بيري” ينطوي بالفعل على أخطار جسيمة لو أسيء استخدامه. ومعظم هذه الأخطار تتعلق بالخصوصية الشخصية لمستخدميه طالما أن الشركة التي تعمل على تشغيله قادرة على تسجيل كافة المكالمات وتحديد أوقاتها. البداية من فرنسا وقبل ست سنوات، وفي قمة عهد الرخاء الاقتصادي الذي كان يشهده العالم، برزت بشكل مفاجىء ظاهرة تجسس الشركات العالمية الكبرى على بعضها البعض حتى أصبحت الكثير من الأجهزة اللاسلكية اليدوية مثاراً لشبهات الدوائر الأمنية. وتمكن رجال الاستخبارات الفرنسية من التعرف على أوجه الخطر الكامنة في الهاتف اليدوي الشهير “بلاك بيري”. ومن المعروف أن هذا الجهاز الذكي الذي لا يزيد وزنه عن 150 جراماً، يمكنه أن يبحر في صفحات الويب وأن يرسل ويستقبل البريد الإلكتروني؛ وهو أيضاً جهاز موبايل فائق الذكاء. وتكمن خطورته الأمنية في أنه يعد وسيلة ممتازة لنسخ وإرسال أخبار وأسرار المؤسسات والشركات من قبل الموظفين المتواطئين مع جهات أو أجهزة أجنبية، كما أن معلوماته ذاتها تمر عبر خوادم إلكترونية “سيرفرز” تشرف عليها الشركة الصانعة والأجهزة الأمنية المرتبطة بها. وأشارت صحيفة “لوموند” ذات مرّة إلى أن الأمانة العامة للدفاع الوطني في فرنسا عمدت إلى اتخاذ قرار يقضي بحظر استخدام “بلاك بيري” داخل القصر الجمهوري والوزارات الحكومية. ويشير التقرير إلى أن الجواب عن هذا السؤال يأتي من صحيفة لوموند ذاتها حين أشارت إلى أن المستفيد الأول من هذا النشاط التجسسي الحكومي هو الوكالة الأميركية للأمن الوطني. وفي هذا الصدد، كشفت الصحيفة عن سرّ خطير يفيد باكتشاف حالات كثيرة كان يتم فيها نقل معلومات وبيانات حكومية حساسة عبر أجهزة “بلاك بيري” إلى جهات حكومية في كل من الولايات المتحدة وبريطانيا. ونقلت الصحيفة عن آلان جويه مدير وحدة الاستخبارات الاقتصادية التابعة للحكومة الفرنسية في ذلك الوقت قوله: “إن المخاطر الكامنة في مثل هذه النشاطات التجسسية كبيرة جداً”. وعندما صدر القرار الحكومي الرسمي في فرنسا بمنع استخدام “بلاك بيري” قبل نحو أربع سنوات، عبّر الكثير من الموظفين عن احتجاجهم على القرار؛ ونقلت الصحيفة عن أحد كبار موظفي وزارة الدفاع الفرنسية قوله: “ما إن بدأنا ندخل عصر التكنولوجيات المتقدمة، حتى وجدنا كيف عمدت حكومتنا البيروقراطية لمقاومتها حتى تعيدنا إلى عصر الكتابة اليدوية للتقارير الرسمية. وربما تكمن الخطوة المقبلة في منعنا من استخدام أجهزة الموبايل الأخرى”. وأشارت “لوموند” التي تابعت هذه القضية الحساسة من خلال تحقيق ميداني، إلى أن بعض الموظفين في مكاتب رئاسة الحكومة الفرنسية أشاروا إلى أن الجهاز الآمن البديل لـ”بلاك بيري” الذي اعتمدته الدولة رسمياً أثبت انخفاض مستوى أدائه للدرجة التي دفعت العديد منهم للعودة لاستخدام “بلاك بيري” بطريقة خفيّة متحدّين بذلك القرار الرسمي بحظره. وربما كان أغرب ما في هذه القضية هو أن رئيس الوزراء الفرنسي في ذلك الوقت فرانسوا فيلون رفض التعليق على قرار الحكومة بحظر استخدام “بلاك بيري” أو إبداء الرأي فيه؛ كما امتنع عن التعليق على التقرير الذي نشرته “لوموند” حول الموضوع. وبالرغم من أن (بلاك بيري) أكثر تداولاً في الولايات المتحدة مما هو في فرنسا، إلا أن هذا الجهاز الاتصالي ذا الأداء المتفوق أصبح يحظى بشعبية متزايدة وخاصة في أوساط المدراء التنفيذيين للشركات والمحامين والكثير من الفئات والشرائح الاجتماعية والاقتصادية الأخرى بمن فيهم البيروقراطيون الحكوميون والشخصيات السياسية. وكانت شركة “أورانج” الفرنسية للاتصالات التابعة لمؤسسة “فرانس تيليكوم” التي تشرف على تشغيل أنظمة وخدمات الموبايل في فرنسا، بدأت بطرح خدمة (بلاك بيري) قبل نحو ست سنوات. وقال جان ماري كولبين نائب رئيس شركة “أورانج فرانس” في نشرة صحفية وزعت لتعريف الفرنسيين بالخدمة الجديدة عند إطلاقها في عام 2004: “أصبح الدخول السهل لمستهلكي خدماتنا إلى البريد الإلكتروني بمثل أهمية الاتصال أو تلقي المكالمات الهاتفية الثابتة. وتضمن هذه الخدمة لزبائننا الاستفادة من خيارات كثيرة ومتعددة مطروحة أمامهم للدخول إلى المعلومات وتناقلها”. أخطار بلا حدود وعندما يتعلق الأمر بالتنبؤ بمستقبل الأجهزة الإلكترونية، فإن نظرة الخبراء إلى الأمر تختلف بحسب طبيعة خبراتهم. ومن ذلك مثلاً أن خبيراً أميركياً شهيراً في التنبؤ بمستقبل الأجهزة الإلكترونية يدعى “أوجامبيرا” يتوقع ظهور أجهزة “موبايل” مصنوعة من مواد عالية المرونة كالمطاط الطبيعي تجعلها قابلة للطي والعجن والتشكيل والتطويل والتقصير لتشبه بذلك “معجونة التشكيل” أو “الماستيك” التي يستخدمها الأطفال في المدارس. وفيما يبدو بعض الخبراء غارقين في تصور الأشكال والأوصاف والخصائص المدهشة التي ستصبح عليها أجهزة المستقبل الرقمية، فإن بعضهم الآخر يفضل النظر إلى الجانب السلبي في الموضوع عندما يتنبأون بانتهاء عصر الحريات الشخصية بسبب التطور السريع الذي تشهده صناعة كاميرات الفيديو وخاصة من حيث زيادة إمكاناتها وتصغير حجومها إلى الحدود التي تجعلها خافية تماماً عن الأعين؛ وسوف يكون في وسعها اختراق أصغر الأمكنة وأكثرها خصوصية لتقوم بالتقاط الصور والأفلام للأشخاص من دون علمهم. ولا شك أيضاً أن تقنيات التنصّت على المواد والمعلومات التي يتم تبادلها عبر البريد الإلكتروني سوف تتطور بدورها إلى الحدود التي ستجعل من مسألة الحفاظ على سرية المعلومات مشكلة مستعصية بالنسبة للأفراد والمؤسسات العامة والخاصة على حد سواء. وهناك الكثير والكثير مما يمكن أن يقال بشأن الخوف على خصوصية المعلومات والبيانات السرية بعد ابتكار هذه الباقة المتنوعة من الأجهزة اليدوية المحمولة مثل الموبايل متعدد الوظائف واللاب توب؛ والتي تم تصميمها جميعاً من دون أخذ مشكلة أمن المعلومات بعين الاعتبار. وفيما مضى، كان نشاط لصوص المعلومات يقتصر على سرقة البيانات والصور الثابتة، ولكنهم باتوا الآن قادرين على سرقة الأصوات وأشرطة الفيديو التي أصبحت شائعة الاستخدام والتناقل عبر هذه الأجهزة. ويضرب كريسبين أوبريان الرئيس والمدير العام لمجموعة KPMG الاستشارية أحد الأمثلة عن هذه الأخطار حين قال في حوار أجراه معه المحلل الصحفي آلن كين في ردّه على سؤال حول ما إذا كان هناك أي مستقبل ينتظر الهاتف الثابت وكمبيوتر سطح المكتب بعد التطور السريع الذي شهدته الأجهزة المحمولة فأجاب: “هناك الكثير جداً من الأخطار الكامنة في استخدام هذه الأجهزة. ولو أنت نسيت اللاب توب في المقعد الخلفي لسيارتك عندما تتركها في مكان عام، فستكون قد عرضت نفسك لأخطار عظيمة. ولا شك أن تقنيات تشغيل الموبايل والأجهزة الحساسة الأخرى مثل بلاك بيري تتطلب الكثير من العمل الابتكاري الذي يضمن في النهاية تحقيق أمن وسلامة المعلومات التي يتم تناقلها عبرها”. مواقف أميركا في شهر يناير الماضي، قالت شركة موتورولا الأميركية أنها تلقّت شكوى تفيد بأن شركة ريسيرتش إن موشن الصانعة للجهاز بلاك بيري تتجسس على خمسة من كبار خبرائها عبر استخدامهم للجهاز. الكويت تعمل الشركات الثلاث المشغلة لخدمات بلاك بيري في الكويت إلى جانب العديد من المستخدمين هناك مع وزارة الداخلية لإيقاف العمل بقرار منع خدمة الرسائل عن طريق بلاك بيري الذي تعتزم الوزارة اتخاذه منذ شهر مايو الماضي. سرية تطورت تقنيات التنصّت على المواد والمعلومات التي يتم تبادلها عبر البريد الإلكتروني إلى الحدود التي تجعل من مسألة الحفاظ على سرية المعلومات مشكلة مستعصية بالنسبة للأفراد والمؤسسات العامة
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©