الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تأثير برادلي ··· هل يوجّه قرار الناخب الأميركي؟

تأثير برادلي ··· هل يوجّه قرار الناخب الأميركي؟
3 نوفمبر 2008 01:39
لعلكم تذكرون ما حدث في شهر يناير الماضي، الذي كان وبكافة المقاييس شهراً صعباً بالنسبة لمراكز ومؤسسات استطلاع الرأي· في ذلك الشهر أظهرت كافة استطلاعات الرأي أن باراك أوباما مهيأ لمواصلة انتصاره الكبير الذي حققه في مجمع'' إيوا'' الانتخابي وأنه سيتمكن من توجيه ضربة قاضية للسيناتورة هيلاري رودهام كلينتون في الانتخابات التمهيدية لولاية '' نيوهمبشاير؟· لكن ما حدث هو أن تلك التوقعات خابت، وأن أوباما خسر تلك الجولة، وهو ما دفع مؤسسات الرأي الثلاثة عشر التي تنبأت بفوزه إلى التسابق حول تفسير ما حدث وتبرير أسباب إخفاقها في التنبؤ· والسؤال هنا هو: هل يمكن أن تتعرض جهات استطلاع الرأي إلى نفس هذا الإحراج مرة أخرى من خلال إساءة الحكم على الفصل الحالي من هذه الانتخابات الرئاسية الملحمية؟ الحقيقة أن الأفكار المتعلقة بـ''ولاية الجرانيت''، وهو اسم الشهرة لولاية ''نيوهمبشاير'' دفعتني أنا وزملائي إلى أن نظل متيقظين إلى ساعة متأخرة من الليل خلال الأيام الأخيرة· ومن المعروف أن المرشح الجمهوري السيناتور ماكين، قد صرح أكثر من مرة أن استطلاعات الرأي غالباً ما تكون مضللة، وحاول توضيح ما يقصده بذلك في برنامج ''قابل الصحافة'' الذي أذاعته محطة ''إن· بي· أس'' يوم الأحد قبل الماضي عندما قال ''إن معظم استطلاعات الرأي تبين بشكل يكاد يكون دائماً أني أتأخر عن منافسي بمسافة أكبر بكثير مما هو عليه الوضع بالفعل''· ليس فيما قاله ماكين شيء جديد، إذ أن انتقاد نتائج استطلاعات الرأي من الممارسات المعروفة الذي يلجأ إليها المرشحون ومناصروهم· لكن ما قاله ماكين لا يعني أنني أو أي من مراكز استطلاعات الرأي الأخرى يمكن أن نقع في خطأ فادح مثل ذلك الذي وقع فيه معهد ''جالوب'' عام 1948 عندما أعلن أن توماس ديوي حاكم ولاية نيويورك الذي رشح نفسه للرئاسة في ذلك العام قد ألحق الهزيمة بهاري ترومان· تلك الانتقادات لا تعني أننا نستخدم في عملنا تقنيات عفا عليها الزمن ونفترض من خلالها أن السباق قد انتهى، ونوقف عملنا بالتالي، أي نتوقف عن استطلاع الآراء· في استطلاع الرأي الأخير الذي أجرته'' إيه· بي· سي'' بالتعاون مع صحيفة ''واشنطن بوست''، واللتان استطلعتا فيه آراء بعض الناخبين المحتملين، تبين أن أوباما يتفوق على ماكين بتسع نقاط، أي أكثر بأربع نقاط عما كان ديوي يتفوق به على ترومان قبل انتخابات ·1948 وهنا قد يخطر على الأذهان سؤال: هل يمكن لنا كمركز استطلاع آراء، أن نرتكب أخطاء كبيرة كخطأ انتخابات 1948؟ وهل يمكن الثقة في استطلاعات الرأي في الأساس؟ بصفتي رئيساً لمركز استطلاع الرأي في واشنطن بوست، فإنني أتلقى هذا السؤال كل يوم تقريباً حتى في أوقات أو في ظروف أقل احتداماً من تلك التي نمر بها حالياً، وهو ما يرجع إلى أن بعض الناس يتشككون في القاعدة العلمية التي تنهض عليها استطلاعات الرأي، ويرفضون أن يصدقوا أن مقابلة عدة مئات أو آلاف من الناس يتم اختيارهم بطريقة عشوائية، يعتبر تمثيلاً دقيقاً لرأي الملايين من الناس· يضاف إلى ذلك التشكك الذي رافق انتخابات هذا العام حول دقة عملية التصويت نفسها، حيث يميل المستطلعة آراؤهم من السود إلى إعطاء أصواتهم دون تفكير لأوباما، ويميل آخرون من البيض إلى إعطاء أصواتهم للمرشح الأبيض، كما يضاف إليه كذلك القلق المتزايد بشأن الطريقة التي نعرف بها ''الناخبين المحتملين''· أنا شخصياً لا أرى أن أياً من تلك الانتقادات تمثل مشكلة عويصة للغاية كما قد يرى البعض· لكن ذلك لا يعني أطلاقاً أنني محصن ضد الخوف من استطلاعات الرأي، فالواقع أن كل تلك الاستطلاعات يمكن أن تتعرض للخطأ، على الأقل من الناحية النظرية· أولاً يمكن لنا جميعاً أن نخطئ في تعريف ''الناخبين المحتملين''، أي في تحديد أي من الأشخاص الذين استطلعت أراؤهم في مرحلة ما قبل الانتخابات، سوف يقوم بالتصويت بالفعل· فحتى قبل أيام قليلة من الانتخابات يظل عدد الناخبين الذين سيشاركون بالفعل مجهولا، فليس كل من يقول في استطلاعات الرأي إنه سيدلي بصوته في الانتخابات، سيفعل ذلك حقاً· إن بعض من يشكون في استطلاعات الرأي التي أجريت في سياق الحملة الانتخابية الحالية، يثيرون الظاهرة المعروفة بـ''تأثير برادلي''، وهذه ظاهرة تستمد اسمها من'' توم برادلي'' الأميركي من أصول أفريقية الذي كان يشغل منصب عمدة لوس أنجلوس، ورشح نفسه لمنصب حاكم ولاية كاليفورنيا عام ·1982 فالذي حدث في ذاك العام أن برادلي دخل انتخابات حاكم الولاية وهو متفوق في عدد النقاط، حسب آخر استطلاعات الرأي التي أجريت في حينه، لكنه خسر تلك الانتخابات في النهاية بفارق ضئيل· البعض أرجع هذه الخسارة للعنصرية التي أظهرت نفسها في مراكز الاقتراع· فالناخبون البيض المحتملون كانوا يقولون في تلك الاستطلاعات العلنية إنهم سينتخبون برادلي حتى لا يبدون في صورة العنصريين، لكنهم عندما كانوا يدلون بأصواتهم في مراكز الاقتراع السرية، كانوا يعطون أصواتهم للمرشح الأبيض الذي فاز في النهاية بالانتخابات· منذ ذلك الحين يتم الاستشهاد بـظاهرة ''تأثير برادلي'' لإلقاء ظلال من الشك على استطلاعات الرأي التي يتم إجراؤها في حالة وجود متنافسين من البيض والسود، رغم أن هناك دراسات أجرتها جامعة ''هارفارد'' أثبتت أن تأثير العنصرية، وإن كان قائماً في الانتخابات بشتى أنواعها التي أجريت في ثمانينيات أو تسيعنيات القرن الماضي، فإنه اختفى الآن· إن ذلـك يطمئنني ويطمئن غيري من المسؤولين عن مراكز استطلاعات الرأي، على أن انتخابات 2008 تختلف عن انتخابات الثمانينيات، لكن إذا ما حدث خلال الأيام القليلة القادمة أن تمكن ماكين من قلب الكفة لصالحه، رغم حقيقة أن استطلاعات الرأي تشير إلى أن أوباما يتفوق عليه بتسع نقاط، فإن ذلك لن يعني أننا سنتوقف عن استطلاع الآراء، لأن تلك الوسيلة كما اعتقد اعتقاداً يقينياً ستظل أفضل وسيلة متاحة لقياس اتجاهات الرأي· ورغم ذلك فسأظل قلقاً إلى أن ينتهي كل شيء، فأنا الآن لا أعرف كيف سأمضي ليلة الثلاثاء المقبل لكني متأكد على الأقل أنني سأمر بليلة عصبية يوم الاثنين· جون كوهين مدير مركز استطلاعات الرأي في واشنطن بوست ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©