الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ديمتري ساناكوف··· الوجه الآخر لأوسيتيا الجنوبية

ديمتري ساناكوف··· الوجه الآخر لأوسيتيا الجنوبية
3 نوفمبر 2008 01:40
في أحد المكاتب داخل مبنى بالعاصمة الجورجية تبليسي، يجلس ''ديمتري ساناكوف''، الرئيس البديل لأوسيتيا الجنوبية محاطاً بصور إقليمه الضائع تعود إلى زمن كان فيه متواجداً بالإقليم، وبجانبه أيضاً تصطف صور أخرى تظهر الازدهار الذي عاشته القرى الجورجية داخل أوسيتيا الجنوبية، عندما كان يشرف على إدارة جزء منه مثل محل جديد لبيع الأدوات الإلكترونية وصراف آلي حديث، بالإضافة إلى الألعاب التي تنتظر الأطفال لزيارتها· وعلى امتداد ثمانية عشر شهراً، كان ''ساناكوف'' الوجه العلني لحملة جورجيا الهادفة إلى كسب عقول وقلوب سكان أوسيتيا الجنوبية باعتباره رئيساً لحكومة بديلة تتحدى المطالب الانفصالية للرئيس ''إدوارد كوتواتي''· لكن بدلاً من أن تقود هذه الخطوة إلى هرب جماعي لسكان أوسيتيا الجنوبية إلى المناطق الواقعة تحت السيطرة الجورجية، جاءت الاستجابة سلبية مطلقة، وتمثلت في سيل من ردود الفعل الغاضبة ضد ''ساناكوف'' المقاتل السابق في الميليشيات الانفصالية التابعة لأوسيتيا الجنوبية، حيث نعت بكلمات قاسية ووصف ''بالمتملق للجورجيين'' و''الخائن''، فضلاً عن العزلة التي فرضت على الجورجيين الذين اختاروا اتباعه من قبل مواطنيهم الأوسيتيين· وعندما اندلعت الحرب في شهر أغسطس الماضي، كانت القرى التابعة للمنطقة التي يديرها ''ساناكوف'' أول المستهدفين، حيث تعرضت لقصف مدفعية أوسيتيا الجنوبية لتهدم المنازل، وتسقط في النهاية بيد الجماعات الانفصالية، ويضطر هو للنزوح إلى داخل جورجيا· لكن رغم التجربة القاسية التي مر بها، يحافظ ''ساناكوف'' على برودة أعصابه مع اعترافه أن ما حصل له خلال إقامته في أوسيتيا الجنوبية، هو ''باقة مختارة من السب والتشهير''، مؤكداً أنه كان يعتقد بالفعل أن مستقبل أوسيتيا الجنوبية سيكون أفضل لو حصلت على حكم ذاتي دون الانفصال النهائي عن جورجيا، إلا أن الأمر الذي لم يتوقعه وأساء تقديره هو ردة فعل مواطنيه الذين رفضوا الفكرة تماماً وأصروا على الانفصال الكلي عن جورجيا· ويعبر ''ساناكوف'' عن هذا الفشل في استمالة ''أوسيتيا الجنوبية'' إلى الصف الجورجي قائلاً: ''أعتقد أننا خسرنا لأن هدفنا الأول كان تجنب الحرب، فهؤلاء الناس ظلوا تحت الحكم الشمولي لسبعة عشر عاماً، وهم لا يتعلمون حتى الجورجية لذا من الصعب التواصل مع مجتمع بهذا الشكل''· وحتى بعد مرور أشهر على الحرب الشاملة التي خاضتها أوسيتيا الجنوبية، مازال مشروع ساناكوف يثير جدلاً محتدماً وردود أفعال متباينة سواء في العاصمة الجورجية تبليسي، أو تسخينفالي، عاصمة الإقليم المنفصل، إذ فيما يرى المسؤولون الجورجيون أن المشروع كان ناجحاً، وربما كان سيسهل الوصول إلى حل سلمي مع الوقت، يذهب المنتقدون إلى أن التشبث بالمشروع دليل على تعامي تبليسي عن رؤية الانقسامات الإثنية التي طفت على السطح بعد سقوط الاتحاد السوفييتي· وفي هذا الإطار، يؤكد ''تشارلز كينج''، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة جورجتاون الأميركية أنه لسنوات عدة دأب المسؤولون الجورجيون على إرجاع العداء الذي يواجهونه من أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا إلى التدخل الروسي قائلاً ''إن وجهة النظر الجورجية، تحصر الموضوع في مجموعة من الانفصاليين النخبويين الذين يسعون إلى تحريض السكان المحليين ضد المركز''· ولمزيد من إلقاء الضوء على تجربته الشخصية أصدر ''ساكانوف'' مطلع العام الماضي سيرة ذاتية عنوانها ''مازلت متًفائلا: أنا أوسيتي وطني'' يوضح فيها كيف حاول اختيار مهنة بعيدة عن الجيش مثل القانون، أو الرياضيات، أو غيرها لكنه انجرف وراء القضية الانفصالية، التي كانت مسيطرة على أذهان الأوسيتيين· وبعدما تقلد منصب وزير الدفاع في إقليم أوسيتيا الجنوبية، وهو لم يتجاوز بعد 27 سنة، ثم توليه رئاسة الحكومة لاحقاً انشق بعد ذلك عن الحكومة عندما صعد الرئيس ''كوكواتي'' إلى السلطة في العام ،2001 مشيراً كيف ورط الرئيس الجديد لأوسيتيا الجنوبية البلاد في شراك الحرب كلما لاحت بوادر السلام قائلا في هذا الصدد ''في كل مرة تطلق صفارة الإنذار تتلوها الاستفزازات وتبادل إطلاق النار وعمليات الاختطاف والتفجيرات''· لكن بموازاة ذلك كانت السلطات الجورجية، وعياً منها بحدة المشكلة وتفاقها، تبحث عن قائد من أوسيتيا الجنوبية لديه الاستعداد للعمل على بلوغ حل سلمي· وعندما قرر ''ساناكوف'' ترشيح نفسه لرئاسة الإقليم لم تسر الأمور على ما يرام بعدما أصدرت السلطات الانفصالية بياناً صحفياً لاذعاً، يصف ساناكوف ''بالخائن الذي يلهث وراء رضا قياداته في تبليسي''· وهكذا أقامت الإدارة الجديدة في أوسيتيا الجنوبية والمتعاونة مع جورجيا مقرها في ''كورتا'' على بعد ميلين إلى الشمال من العاصمة تسخينفالي وشرعت في تنفيذ مشروعات كبيرة لجذب الأنظار والترويج للازدهار، الذي كانت تموله تبليسي بمبلغ يصل إلى 11 مليون دولار سنوياً· والهدف هو إظهار ما ينتظر الأوسيتيين من رخاء خارج منطقتهم الانفصالية المنغلقة على نفسها، حيث لجأ ''ساناكوف'' في هذا الإطار إلى توزيع مفاتيح ثلاثين شقة فاخرة للعائلات التي هربت إلى منطقته، بالإضافة إلى تأمين وظائف لهم في إدارته· غير أن المحاولات تلك الرامية إلى استقطاب الأوسيتيين باءت بفشل ذريع مباشرة بعد اندلاع المعارك في الصيف الماضي على الجبهات الجورجية والأوسيتية والروسية وتدهور الوضع الأمني، فضلاً عن محاولة الاغتيال التي تعرض لها ''ساناكوف'' بعدما أمر الرئيس الجروجي ساكاشفيلي بقصف العاصمة الأوسيتية· إلين باري-جورجيا ينشر بترتيب خاص مع خدمة نيويورك تايمز
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©