الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أوباما ليس جديداً !

3 نوفمبر 2008 01:41
هناك قول مأثور مفاده أن أقدم كلمة في الحياة السياسة الأميركية هي ''جديد''· والواقع أنه بهذا المعنى فقط يمكن القول إن ثمة شيئاً جديداً بخصوص باراك أوباما الذي يفضل كلمة ''تقدمي'' على ''ليبرالي'' لأن ذلك يجعله يبدو كما لو أنه متجرد من الأفكار الليبرالية القديمة، لكنه إذا كان كذلك، فإنه فقط من أجل تبني أفكار أقدم· وقد واجهت أميركا الرؤية التي يتبناها أوباما لأول مرة في عهد وودرو ويلسون، الذي يعد أول رئيس تقدمي وأول من انتقد صراحة الدستور الأميركي باعتباره عائقاً أمام حكومة متنورة· وكانت فكرته الجديدة تقضي باستبداله بـ''دستور حي'' يقوي الحكومة حتى تتطور وتتجاوز قيود تلك الوثيقة· كانت ثمة حاجة لاستبدال التصور القديم للفردانية بنظام جديد يقوم فيه المواطن بـ''تزويج مصالحه للدولة''، حسب تعبير ويلسون، وهو ما من شأنه السماح للدولة بتحقيق التعهد التقدمي المتمثل في ''نشر الرخاء''· وأوباما يشاطر ويلسون إيمانه بدستور حي ويجادل بضرورة تثبيت قضاة المحكمة العليا على أساس تعاطفهم مع المستضعفين· في مقال في العدد الأخير من دورية ''كليرمونت ريفيو أوف بوكس''، يلفت تشارلز كيسلر إلى أن أوباما يَذكر فرانكلين روزفيلت في كتابه (The Audacity of Hope) (جرأة الأمل) أكثر من أي سياسي ديمقراطي حي، وذالك أمر ليس مفاجئاً في الواقع بالنظر إلى أن روزفيلت -الذي عمل في إدارة ويلسون- كان يحمل رؤية تقدمية أكثر من ويلسون نفسه· ففي عام ،1944 اقترح روزفيلت تحديث ''وثيقة الحقوق'' واستبدالها بـ''وثيقة حقوق اقتصادية'' تعرِّف الحرية ليس بكونها التحرر من تدخل الحكومة، وإنما كامتلاك للفوائد التي توفرها الحكومة· كما كان روزفيلت يقول: ''إن الناس المعوزين ليسوا أناساً أحرارا''· عبارة لا شك أن أوباما يتفق معها· ومما يذكر هنا أن مستشاره ''كاس سانشتاين'' ألف كتاباً اعتبر فيه أن ''عريضة الحقوق الثانية'' لروزفيلت ينبغي أن تكون المبدأ الأساسي للسياسة في أميركا· ولئن كان ثمة كثير من المبالغة بخصوص ما صدر من تعليقات على ما قاله أوباما لـ''جُو السباك'' من أن الأمور تكون أفضل حين ''يتم توزيع الثروة''، فإن حملة أوباما رفضت تهمتي ''الاشتراكية'' أو ''الراديكالية''· غير أن كلمات أوباما ذاك اليوم في أوهايو كانت منسجمة تماماً مع تصريحاته السابقة· ومن ذلك ما قاله في مقابلة أجراها معه ''راديو شيكاجو'' عام 2001؛ حيث انتقد أوباما، والذي كان أستاذاً للقانون وعضوا في برلمان الولاية وقتها، المحكمة العليا في ستينيات القرن الماضي لأنها لم تتبن قرارات جذرية بما يكفي، وقال مجادلاً إنه إذا كانت المحكمة قد أصابت بخصوص منح السود حقوقاً تقليدية، فإن ''المأساة'' هي أن ''المحكمة العليا لم تقدِم أبداً على طرق مواضيع إعادة توزيع الثروة''، وتأسف لأنها ''لم تتحرر من القيود التي وضعها الآباء المؤسسون والدستور''· ورسمياً، يقول أوباما إنه لا يؤيد فكرة إنشاء صندوق واحد يغطي نفقات الرعاية الطبية، لكنه في 2003 أخبر نقابة ''إي إيف إل-سي آي أو'' بأنه ''من مؤيدي البرنامج··· وذلك ما أود أن أراه، لكن مثلما تعلمون جميعاً، فإننا قد لا نبلغ هذا الهدف فوراً لأنه علينا أولا أن نستعيد البيت الأبيض، وعلينا أن ندعم مجلس الشيوخ، وعلينا أن نستعيد مجلس النواب''· ملحوظة: إذا فاز أوباما الأسبوع المقبل، فستكون كل الشروط الثلاثة قد استوفيت، علماً بأن زملاءه في مجلسي النواب والشيوخ يتحرقون شوقاً إلى عقد ''صفقة جديدة''· والواقع أنه فقط في بلاد يعاني أهلها فقدان الذاكرة، يمكن للمرء أن يزعم بأن خلق نظام تتكفل الدولة بموجبه بتوفير الرعاية الطبية للمواطنين ''فكرة جديدة''· إن نفض الغبار عن أشياء قديمة لا يجعلها جديدة· والواقع أنه باستثناء لون بشرته، فإن أوباما لا يمثل جديداً، بل إنه يرمز للعودة إلى رؤية قديمة للولايات المتحدة كان يُنظر إليها قبل ثمانية عقود مضت على أنها ''موجة المستقبل''· وشخصياً، لست مستعدا للعودة إلى ذلك المستقبل· جونا جولدبرج كاتب ومحلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©