الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

عميد الصاغة قصة 150 عاماً من احتراف المهنة

عميد الصاغة قصة 150 عاماً من احتراف المهنة
12 مايو 2011 20:03
عرفت عائلة الصايغ بأنها العائلة التي سبقت الآخرين في صياغة الذهب في الامارات، ولذلك حملت لقب الصايغ كقبيلة عرف رجالها ونسائها بالعمل اليومي، المتعلق بكل ماله علاقة بالذهب والمجوهرات، ومنذ ما يزيد على مائة وخمسين عاماً بدء عبدالله راشد محمد الصايغ حرفة إذابة السبائك الذهبية وتحويلها إلى خناجر من الذهب الخالص وأيضا تصنيع السيوف الذهبية، وكان الجد قد احترف صنع المرتعشة وهي نوع من القلائد الدقيقة الصنع للنساء في منزل منصور عبدالله الصايغ كان لنا لقاء ليتحدث عن والده عميد الصاغة في الامارات، حيث يرقد والده حالياً على سرير المرض، بعد عمر طويل قضاه في إبداع زينة الرجال، وهي زينة لم يكن يملكها إلا رجال الأسر الحاكمة في الامارات، لأنها ثمينة ولا يستطيع أي رجل في ذاك الزمان أن يمتلك خنجراً من الذهب أو سيفاً ذهبياً. وقد استطاعت حليمة الصايغ ابنة الرجل التي تخصصت مثل والدها في صناعة الخناجر، أن تسترد آخر قطعتين قام والدها بصناعتها لتبقى كمادة توثق تاريخ الرجل، وهما عبارة عن خنجر وسيف. يقول منصور الصايغ: حملت أسرتنا لقب الصايغ منذ مائة وخمسين عاماً، لأن كل أفراد الأسرة احترفوا صناعة الذهب، والنساء كن يعملن في تصنيع «القطاعة» وهي تلك القطعة التي تكون من الجلد وتطرزها النساء ليزين بها الخنجر، وهو الزينة الجميلة التي اختفت من على الرجال منذ الستينيات، حين كانت تولة الذهب (التولة مقياس محلي يساوي أحد عشر جراماً) تباع بسبعة دراهم، وكان سعر آخر خنجر تم صنعه لا يزيد على عشرين ألف درهم. وتم استرداده بمبلغ سبعين ألف درهم في عام 2010، واليوم وصل سعره مائة ألف درهم وربما تزيد بسبب غلاء الذهب. تخصص الأسرة يكمل منصور أن الدولة لم يكن بها أي جنسية تعمل في صياغة الذهب، قبل أن يسافر والده ليأتي بعمال للمساهمة في عملية الإنتاج، وعندما دخل الهنود الدولة تمرسوا في عملية زخرفة ونقش الخناجر والسيوف بالرموز والأشكال الإسلامية والعربية. ولكنهم بعد فترة من الزمن قاموا بإدخال تلك الرموز والنقوش التي تأخذ الطابع الآسيوي، ولأن عبدالله الصايغ كان قريباً من الأسرة الحاكمة، فقد تخصص في صنع تلك الخناجر والسيوف لرجال الأسر الحاكمة وللأعيان فيما بعد. ذكر الصايغ أن جدهم قد تخصص في صنع قلادة المرتعشة للنساء الثريات، ولذلك عندما تحتاج إحداهن لصنع واحدة، فإن الشيخ ينقل الصايغ الى بيت التاجر ليبقى هناك يأكل ويشرب وينام حتى ينهي مهمته، فتلك العملية لها خصوصية والقلادة من أسرار الأسرة التي لا يجب أني يطلع عليها أحد حتى تستلمها صاحبتها. ولذلك بقيت صناعة المرتعشة والسيوف الخناجر مختصرة على علاقة بين الصايغ والطبقة العليا من المجتمع. تفاصيل العمل يستغرق صنع الخنجر مدة ثلاثة أشهر والسيف أربعة أشهر، وكان منصور يتابع باهتمام كل تفاصيل العمل، شأنه شأن أي شاب يافع ينشأ في أسرة تعمل في أثمن المعادن، حتى أنه لا يزال يذكر أن مشهد سبائك الذهب كان عادياً حيث كانوا يجدونها في أي مكان وكأنها قطعة من التحف، فقد كانت الدار أمان ولا يخشى من أن تمتد يد لتسرق، ومن أهم الأجزاء في الخنجر قبضة الخنجر التي عادة ما تكون من ناب الفيل أو قرن وحيد القرن، والبعض من خشب الساج والنصل من الحديد الجيد. انتعشت صناعة الخناجر في عهد الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه، فقد اهتم بالخناجر والسيوف لتهدى للملوك والسلاطين والرؤساء الذين يفدون كضيوف للدولة. حينها حمل والده عبدالله -شفاه الله- لقب شيخ الصاغة. ورغم ذلك لم يتخذ لنفسه مقراً فخماً ليتفنن في صناعته، فقد كان يعمل بكل هدوء وسعادة ولو تحت شجرة غاف أو سدرة أو أي شجرة، وكان محباً للنقش بالطرق على الذهب أو الحفر عليه، وتلك العملية دقيقة جدا لا تحتمل الخطأ، فإذا حدث أي خطأ يجب إذابة كامل القطعة ثم إعادة العمل عليها من جديد، وقد اتخذ لنفسه متجراً يعد الأول في سوق الذهب، وهو الوحيد المتخصص في بيع الخناجر والسيوف. إحياء الحرفة قال منصور إنه كان يتمنى أن تهتم الجهات المختصة بالتراث بإحياء هذه الحرفة على يدي مواطنة، وقد قامت شقيقته حليمة بالتعاون معه بمخاطبة جهات حول هذا الأمر، ليتم عكس صورة جميلة عن تاريخ صياغة الذهب خلال المعارض والمهرجانات، ولكنهم لم يجدوا أي تجاوب وهو يرى لو أن المعنيين بأمر التراث، يبادرون إلى فتح باب التدريب على حرفة الصياغة لأنها تعني إنتاج المجوهرات الذهبية النادرة. رغم ذلك فإن الأسرة تعمل في الوقت الحالي على وضع جدول وخطة عمل، تعيد صياغة الخناجز والسيوف إلى الواجهة، لأنها جزء من الهوية الوطنية للامارات. شيخ الصاغة اليوم يعيش عبدالله الصايغ على فراش المرض، وربما لو تسنى له أن يجري معنا هذا الحوار، لكان عبر عن رغبته في إحياء الحرفة التى برع فيها، ولكان قدم ذات الطلب في أن تقوم الجهات الحكومية المعنية بالتراث والهوية على تبني التواصل مع عائلة الصايغ، للإبقاء على إنتاج المزيد من الخناجر والسيوف التي ستبقى مدى الدهر، شاهداً على براعة الاماراتي في تطويع الذهب بتحويله إلى قطع ثمينة من زينة الرجال
المصدر: دبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©