السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«هنا القاهرة» قراءة في عبقرية المكان عبر رحلات إلى الأحياء العتيقة

«هنا القاهرة» قراءة في عبقرية المكان عبر رحلات إلى الأحياء العتيقة
12 مايو 2011 20:15
احتفى الوسط الفني والثقافي في مصر بافتتاح أحدث معارض الفنان التشكيلي طبيب العيون فريد فاضل بقاعة بيكاسو تحت عنوان “هنا القاهرة” وضم المعرض 50 عملا بالألوان الزيتية والمائية والعجينة اللونية، تعبر عن روح القاهرة عبر الزمن منذ تأسيس مدينة منف ثم الفسطاط حتى قاهرة المعز لدين الله الفاطمي. استعرض الفنان التشكيلي فريد فاضل في معرضه “هنا القاهرة” أحياء المدينة القديمة بكل جمالياتها وضوضائها ومتناقضاتها وصولا إلى ثورة 25 يناير، التي عبر عنها من خلال رؤيته الخاصة في لوحات تفيض بالمشاعر الصادقة والمتناقضة أحيانا بينها الأمل والألم والدعوة للعمل والتسامح. وعكست الأعمال عشق الفنان للقاهرة وناسها خاصة البسطاء كبائع الخبز وغيره من النماذج التي جعلها أبطالا في مشاهد رأتها عين الفنان المبدع الذي يتأمل ويلتقط الجمال. دعوة للتأمل عن اختياره لعنوان “هنا القاهرة”، قال فاضل إنه كان دائما شغوفا بعبقرية المكان في أعماله لكن “هنا القاهرة” دعوة للتأمل العميق في هذه المدينة الساحرة عبر أزمنة متعددة، مؤكدا أن العالم كله أصبح ينظر للقاهرة خلال أحداث ثورة 25 يناير بإعجاب، وهو ما جعله يتذكر عبارة “هنا القاهرة” التي كان يسمعها وهو صغير عبر الراديو، وكان يشعر معها بالفخر وهو نفس الشعور الذي استعاده وهو يعد لهذا المعرض، وأراد أن يكون المعرض دعوة للتأمل العميق لهذه المدينة التي أحبها بكل تفاصيلها وجمالها. ولكنه أحيانا لا يفهمها وحاول أن تكون اللوحات رسالة لأن يرى الناس الأشياء الجميلة التي قد تبدو بسيطة لا تخطف العين لأول وهلة، لكنها تحتاج إلى تأملها بهدوء حتى يستوعب الإنسان هذا الجمال الساكن في تفاصيل صغيرة. ويبرر اعتماده على أساليب فنية جديدة بأن طبيعة بعض اللوحات دفعته لاستخدام أساليب متنوعة، حيث طغت العجينة اللونية واستخدام ضربات السكين في اللوحات التي عبرت عن الثورة وأحداثها لما يعطيه ذلك من تأثير، كذلك استخدام ورق الذهب الذي يرمز إلى الزمن المطلق ووجوده في الخلفية له دلالات فنية، فهو تارة رمز للخلود في لوحة “مصر الثورة”، بينما نراه في لوحة “أم الشهيد” خلفية لروح الشهيد التي جسدها في صورة حمامة بيضاء تحلق وكأنها تصعد إلى بارئها. معانٍ صادقة وأضاف “استخدمت الشاش المعقم للمرة الأولى في لوحة تحمل اسم “من أجل مستقبل أفضل ليوسف” إلى جانب استخدام ألوان الطلاء العادية ليظهر وجه يوسف مبتسما، وكأنها دعوة لنبدأ العمل والإنتاج تقديرا لدم شهداء الثورة، أنها دعوة لنحقق طفرة حضارية ولا نستغرق حتى يسرقنا الوقت ونحن نحاول القصاص من النظام السابق”. عن اللوحات التي تتصدرها المساجد والكنائس القديمة والشهيرة، قال فاضل “هذه المجموعة من اللوحات رسمتها عقب حادث كنيسة القديسين بالاسكندرية وحاولت فيها أن أؤكد أن علاقة الإنسان المصري بربه علاقة سامية وخاصة جدا، ويجب أن تنعكس على سلوكه الشخصي، والإنسان المصري متدين بطبعه، وظل كذلك عبر الزمن فهو يحرص على أن يقدم الصدقة في الخفاء، وأن يكون متواضعا خاصة مع الفقراء والبسطاء وحنون على الحيوان ولذلك لا يجب أن تكون نظرتنا للدين قاصرة على الشكل فقط”. وأضاف “بحثت عن تلك المعاني الصادقة ورصدتها بريشتي في لوحة “جامع الغوري” من خلال شخص يرفع يديه ويهمس بالدعاء وطفل صغير ذهب يشعل شمعة في الكنيسة ويدعو ربه وهناك لوحة “جامع عمرو” التي رسمتها متأثرا بأجواء رمضان الدافئة، وكذلك لوحة “راقصي التنورة” في حركتهم الدائرية عكس عقارب الساعة والتي يحلقون بها إلى آفاق بعيدة. أما ظهور “الحمام” في العديد من الصور فيرى انه رمز للسلام والتسامح والأمل وأحيانا للتسبيح”. قيم التسامح وأكد فاضل أن القاهرة كانت دائما موجودة في معارضه السابقة لكنها أكبر من أن يستوعبها معرض أو عدد من اللوحات، ولذلك حاول أن يركز في هذا المعرض على قيم التسامح وعلاقة الإنسان المصري بربه وبالآخر، وأن المصري سيصنع المستقبل الأفضل متخطيا كل ما مر به من معاناة. وقال فاضل “علاقتي بالقاهرة معقدة فأنا أفتقدها سريعا عندما أسافر ربما لأنها تشعرني بالحياة نفسها أو أن أهلها لهم القدرة على استيعاب الآخرين بسرعة مذهلة، وأحيانا لا أطيقها فأغمض عيني عن قبح عشوائياتها، وأعيد اكتشافها عبر لوحات كانت نواتها رحلات داخلية إلى أحيائها العتيقة”. «مصر الأم» في معرض “هنا القاهرة” أربعة أقسام رئيسية أولها القاهرة القديمة بحواريها وجوامعها وكنائسها القديمة، ومظاهر الحياة والعمارة في القرن التاسع عشر، ويضم القسم الثاني القاهرة مدينة العبادة والابتهال حيث تتعانق الأديان والحب والسلام، وثالثها القاهرة التي لا نراها دائما بوضوح على الرغم من وجودها الدائم على مرمى البصر وذلك من خلال مجموعة لوحات تبرز جماليات الحياة اليومية من تفاصيل ترصدها عين الفنان. وتحتل قاهرة الثورة قسما هاما من لوحات المعرض، وفيها يظهر حماس الفنان وتعاطفه وانفعالاته الصادقة من خلال خطوطه وألوانه الساخنة التي تعكس حالة الصراع الذي اختبره خلال معايشته لثوار ميدان التحرير. ويبدو واضحا في قسم “قاهرة الثورة” الانفعال الشديد في لوحات مثل “مصر الأم” حيث تتصدرها امرأة هي رمز “مصر” تراقب الثورة “الوليدة”.
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©