الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الانقسامات العرقية الأفغانية...هل تعود؟

23 يوليو 2010 21:36
تقف الأجزاء الغربية من كابل بمبانيها المتداعية وأنقاضها المتراكمة كشاهد صامت على ما جرى عندما "انقسمت" أفغانستان آخر مرة على أساس عرقي، فالحرب الأهلية بتداعياتها الكارثية التي اندلعت مطلع التسعينيات من القرن الماضي وخلفت وراءها ما يزيد على 100 ألف قتيل، وصعود "طالبان" إلى السلطة، تسببا في تحويل العاصمة كابل إلى كومة من الأنقاض، تاركة ندوباً غائرة حول المدينة مازالت جهود إعادة الإعمار تجاهد لمحوها. لكن الحروب بندوبها المتعددة لم تقتصر آثارها المدمرة على العمران، بل مازالت ذكرياتها الأليمة مستمرة لدى العديد من الأفغان إلى اليوم، يحركها هذه الآونة صعود ملحوظ في التوتر العرقي على خلفية محاولات كرزاي التواصل مع "طالبان"، فالرئيس الأفغاني الذي لم يعد مقتنعاً بقدرة الولايات المتحدة على البقاء طويلاً في أفغانستان، بدأ يسعى إلى التقارب مع حركة "طالبان" بهدف نهائي يرمي إلى إشراكهم في العملية السياسية، لكن مبادراته تلك أثارت مخاوف الذين يخشون من إعادة توزيع السلطة على أسس عرقية تهمش وجودهم، بل تهدد كيانهم، فمعروف أن "طالبان" تتكون أساساً من "البشتون" الذين يمثلون أكبر عرقية في البلاد، وهو ما يقلق قادة باقي الأقليات العرقية مثل الطاجيك والأوزبك والهزارة من أن تقارباً بين كرزاي و"طالبان" قد يتم على حسابهم وأن مغازلته الأخيرة للمتمردين وسعيه إلى توطيد قاعدته بين "البشتون" الذي ينتمي إليهم، سيؤدي إلى إقصائهم والتعدي على حقوقهم، هذا التخوف عبرت عنه البرلمانية الأفغانية "شكرية براكزاي"، قائلة "أعتقد أن كرزاي بدأ يشعر بأن قوته لم تعد مستقرة، ولذلك يحتاج إلى استقطاب المعارضة المسلحة"، واللافت أن كرزاي غير استراتيجيته التي قامت في الصيف الماضي خلال الانتخابات الرئاسية على التواصل مع مختلف أطياف المشهد الأفغاني والتحالف مع فئات الشعب الأفغاني كافة، إلا أن التجاوزات الكبيرة التي شابت الانتخابات ووصمت رئاسته جعلته غير قادر على الوفاء بتعهداته التي قطعها على نفسه خلال حملته الانتخابية. وكرد فعل على التجاوزات التي شهدتها الانتخابات، شرع بعض الحلفاء القدامى في الابتعاد عن كرزاي، أو القطع نهائياً معه، حيث أدلى القائد السياسي البارز، "حاجي محمد محقق"، أحد الحلفاء السابقين للرئيس وزعيم الهزارة بتصريحات انتقد فيها بشدة كرزاي، ويبدو أن غضب "محقق" جاء بسبب فشل كرزاي في تثبيت مرشحين وزاريين ينتميان للهزارة. لكن بصفة عامة يشعر الهزارة، وبصرف النظر عن عدم تثبيت مرشحيهما في الحكومة بقلق بالغ من اللغة التصالحية التي ما فتئ كرزاي يستخدمها في الإشارة إلى عناصر "طالبان" باعتبارهم "الإخوة المستائين"، وقد شدد كرزاي على أن المباحثات التي يسعى إلى فتحها مع "طالبان" تقتصر فقط على المتمردين الذين يوافقون على نبذ العنف وقطع علاقاتهم بتنظيم "القاعدة"، والتعهد باحترام الدستور الأفغاني وما يتضمنه من مبادئ أساسية مثل احترام حقوق المرأة. لكن الدبلوماسيين الغربيين يشككون في قدرة كرزاي على ضمان احترام تلك المبادئ في إطار القنوات الخلفية للحوار الجارية لأكثر من سنة، هذا بالإضافة إلى الاعتقاد الراسخ بأن انسحاب القوات الغربية يتوقف على عقد نوع من التسوية السياسة مع "طالبان"، ولم يعد النفوذ الأميركي على تصرفات كرزاي بنفس القوة التي كان عليها في السابق بسبب التصور السائد بأن المجهود العسكري الأميركي يسير نحو الفشل كما يدل على ذلك التأخير المتكرر لفرض سيطرة الحكومة على مدينة قندهار المحورية، فضلاً عن التغيير المفاجئ في قيادة قوات حلف شمال الأطلسي. وفي ظل الشعور المتنامي بتزحزح بنية السلطة في أفغانستان بدأت السياسة العرقية تزحف إلى الواجهة يشهد على ذلك إقالة كرزاي لمدير الاستخبارات، "أمر الله صالح" الذي كان يحظى بتقدير الأوساط الغربية، فقد عبر "صالح"، وهو من الطاجيك عن شكوكه من حوار الرئيس الأفغاني مع "طالبان" وتحفظه على بعض الإجراءات التي قام بها كرزاي في هذا السياق مثل إطلاق سراح مشتبه فيهم من "طالبان". وقد أثارت عملية الإفراج عن معتقلين ينتمون إلى "طالبان" مخاوف المؤسسة الأمنية الأفغانية التي تعتقد بأن كرزاي يمنح تنازلات كبيرة للمتمردين دون الحصول على شيء في المقابل، بل الأكثر من ذلك اعتقل الكثير من العناصر التي أفرج عنها، أو التي سيفرج عنها قريباً بعد جهود كبيرة بذلتها قوات حلف شمال الأطلسي ومعها القوات الأفغانية هددت حياتهم وعرضتهم للخطر. ومن بين المنتقدين الآخرين لسياسة كرزاي في التقارب مع "طالبان" الزعيم البارز، "عبدالله عبدالله"، الذي شغل في السابق منصب وزير الخارجية، والمرشح الذي انسحب من الانتخابات الرئاسية عندما تبين له حجم الخروقات، فقد وصف "عبدالله" تصريحات كرزاي حول "طالبان"، والتي تجاوزت في بعض الأحيان اللغة التصالحية بأنها "أصبحت تنظر إلى طالبان ليس كإخوة كما كان الرئيس يشير إلى ذلك، بل كأعزاء، وهو ما يدل في نظري على افتقاد الرؤية الواضحة وغياب الطريق الصحيح". وعلى غرار النبرة العرقية التي سادت أثناء الانتخابات الرئاسية التي احتدم فيها التنافس بين كرزاي وعبدالله، فإنه من المتوقع أن تطفو على السطح الحساسيات العرقية خلال الانتخابات البرلمانية المقرر عقدها في شهر سبتمبر المقبل. لورا كينج - أفغانستان ينشر بترتيب خاص مع خدمة "إم. سي. تي. إنترناشيونال"
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©