الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

دارفور والابتعاد عن الحل

23 يوليو 2010 21:37
مرة أخرى يتجدد اشتعال النيران في دارفور. إنه لم يتوقف تماماً، ولكنه عاد الآن بصورة تدعو لازدياد القلق. الجديد هو المعارك العنيفة التي دارت خلال الأسبوع الثالث من هذا الشهر في المنطقة الواقعة شمال الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور بين قوات الحكومة وقوات تابعة لحركة "العدل والمساواة"، التي بدأت التفاوض مع الحكومة ثم تخلت عن ذلك قائلة إن الحكومة لم تلتزم بما تم الاتفاق عليه. ويتضح اتساع المعارك مما أعلنته الحكومة عن قتل 300 من مقاتلي الحركة، وأسر 86 فرداً، والاستيلاء علي كميات من السلاح والعتاد. نفت الحركة صحة هذه الأرقام، ولكن ذلك لا ينفي وقوع المعارك أياً كان المنتصر فيها. أما على صعيد جهود الحل السياسي، فما زالت المفاوضات مستمرة في قطر بين الحكومة وعدد من فصائل التمرد الصغيرة. ولكن ما يضعف هذا الجهد غياب الفصيلين الرئيسيين من المتمردين، فصيل "العدل والمساواة" بقيادة الدكتور خليل إبراهيم وفصيل "تحرير السودان" بقيادة عبد الواحد محمد نور. وتأتي أهمية هذين الفصيلين ضمن أسباب أخرى إلى أنهما يمثلان أكبر قبيلتين في دارفور وهما الزغاوة والفور. وهناك الآن محاولات لإقناع الدكتور خليل للعودة لمائدة التفاوض على رأسها جهود ليبيا التي لجأ إليها مؤخراً. كذلك هناك جهود لإقناع "عبد الواحد" بالانخراط في التفاوض والتخلي عن لاءاته المعروفة. وكانت آخر تلك المحاولات ما قام بها وزير خارجية فرنسا، الذي قال في تصريح له إن "عبد الواحد" سيقبل الدخول في المفاوضات، ولكن الأخير الذي يقيم في باريس لم يؤكد ذلك حتى الآن. إن أصواتاً كثيرة من أبناء قبيلة "الفور" تحذر الآن عبد الواحد من موقفه الحالي وتدعوه للحاق بركب التفاوض لعدة أسباب، منها أن الوضع في دارفور قد تغير وأن "الجنجويد"، الذي يطالب بمعاقبتهم قد تفرقوا؛ فمنهم من انضم للتمرد، أو للحكومة، ومنهم من صار من قطاع الطرق. ومن بين الأسباب أيضاً أن النازحين من القرى والمشردين بدأوا الانضمام للحركة التي تضم عدداً من الحركات الصغيرة، والتي يقودها زعيم من "الفور" هو "السيسي"، وهي التي تفاوض الحكومة في قطر. إن كثيرين يعتقدون أن هذه هي فرصة "عبد الواحد" الأخيرة، وإذا لم يدركها فأنه سيكون من الخاسرين. هذه الصورة على اهتزازها يواجهها طرح جديد للحكومة قالت إن هذه هي استراتيجيتها لحل أزمة دارفور. تقول خطة الحكومة الجديدة: ينبغي نقل منبر التفاوض ومكانه للسودان لأن ذلك سيتيح مشاركة أوسع في الحوار لعناصر وجهات أخرى في دارفور وغيرها. والحكومة تكثف الآن الدعوة لهذه الخطة، وتدعي أنها خير وسيلة للحل، وأن مواصلة رهن مفاوضات الحل للخارج ينبغي أن ينتهي بعد أن أنجز الكثير، مما لا يمكن نكرانه. ولكن معارضي الحكومة وكذلك بعض قادة التمرد يقولون إن هذه الخطة لا تخلو من خبث، وإن هدفها هو إغراق القضية flooding، وإن الهدف هو إشراك أعضاء المجالس التشريعية الولائية في دارفور، إضافة إلى مسؤولي الحكم المحلي في الإقليم. وكل هؤلاء من المنتسبين لحزب "المؤتمر الوطني"، وعلى كل حال، فإن الحزب نفسه لم ينف أنه يريد إشراك العناصر المشار إليها بدعوى أنها جاءت بانتخابات حرة ونزيهة. هناك قوى إقليمية وعالمية مثل الولايات المتحدة الأميركية وغيرها تضغط الآن لإنهاء أزمة دارفور وحلها قبل أن يحين موعد استفتاء الجنوبيين لتقرير مصيرهم في البقاء في السودان الموحد أو الانفصال، وهو اليوم التاسع من شهر يناير 2011. ولكن بالنظر للحقائق التي نراها على الأرض، وكذلك التوقعات، فلا أعتقد أن ذلك يمكن أن يتحقق. وبعد...فان اشتعال النيران في دارفور وبالصورة الواسعة والعنيفة (300 قتيل) قبل أيام لا يعني إلا أننا ما زلنا بعيدين عن الحل السلمي الشامل والعادل. محجوب عثمان
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©