السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أزمة خليج المكسيك ومستقبل الطاقة النظيفة

أزمة خليج المكسيك ومستقبل الطاقة النظيفة
23 يوليو 2010 21:37
لطالما راودني شعور بالفخر غير المثير للضيق بذلك الدور الصغير المتواضع في الدمج بين قوة صناعة الطاقة والقرارات التي اتخذتها الإدارات "الجمهورية" المتعاقبة. فبفضل ذلك الدمج، تمكنا من إحراز الانتصار التاريخي الأهم في مسيرة الحركة "الجمهورية". فعلى امتداد نحو 30 عاماً استمر حظر أنشطة تطوير حقول النفط والغاز الطبيعي في سواحل المحيطين الهادي والأطلسي. وفي منتصف عقد الثمانينيات كنت ضمن طاقم الموظفين البيئيين لدى عضو مجلس النواب ليون بانيتا –نائب ديمقراطي من مونتيري- وكان قائداً وحجة في الكونجرس في كل ما يتعلق بمشاريع تطوير الطاقة بعيداً عن المناطق الساحلية. وعن طريق العمل مع المحامين والمنظمين من ثماني ولايات ساحلية، فقد قدر لي أن أساعد في الحصول على حظر مؤقت سنوي لأنشطة حفريات الطاقة في المناطق الساحلية. ولكن سرعان ما تراجع ذلك النشاط الذي بدا بمثابة رافعة سياسية قوية في عام 1981 تدريجياً بمرور السنوات، إلى أن تنازلت إدارة الرئيس الأسبق جورج بوش في عقد التسعينيات لما أصبح يعرف بالتوافق السياسي الثنائي الحزبي، فأصدرت أمراً تنفيذياً مدد الحظر المؤقت لأنشطة الحفريات البحرية حتى عام 2012. ولدى مشاهدة تلك الصور المروعة المبثوثة مؤخراً من سواحل خليج المكسيك –المتأثرة بالأضرار البالغة لبقعة شركة (بي. بي) النفطية الأخيرة- فلا ريب أن يشعر أولئك الذين كافحوا من أجل استمرار حظر أنشطة الحفريات بصحة موقفهم، فضلاً عن شعورهم بارتياح كبير لخلو سواحلهم من منصات الحفريات. كما يسعدنا أن ساعدت الكارثة الحالية في خليج المكسيك في تغيير الحوار السياسي الدائر بشأن مستقبل الطاقة، وهو ما دفع الرئيس أوباما إلى إعادة فتح الحوار العام حول الأنشطة المتعلقة بالحفريات البحرية. ولكن لا بد من الاعتراف بأن الذي غاب عن ذلك التحالف الذي جمع بين "الجمهوريين" و"الديمقراطيين" وأصحاب الأراضي الساحلية والمستثمرين والناشطين البيئيين هم سكان المناطق القريبة من خليج المكسيك. والحقيقة أن نجاح الاستراتيجية التي عملنا على تطويرها، اعتمد اعتماداً كلياً على منح الصناعات النفطية مدخلاً مستمراً لمياه الخليج. وبالنتيجة فقد ارتفع عدد منصات الحفريات البعيدة عن سواحل لويزيانا وتكساس إلى ما يقارب الـ4000 منصة، بينما نصبت منصات حفريات جديدة بعيداً عن سواحل ولايتي مسيسبي وألباما خلال السنوات القليلة الماضية. وفيما لو كنا نحن البيئيين أمناء مع أنفسنا، لكنا قد وجهنا مجموعة من الأسئلة القاسية الصعبة المثيرة للقلق لأنفسنا. أولها: هل أضفنا ضغوطاً إضافية على سواحل الخليج بوقفنا لأنشطة الحفريات البحرية؟ إن الأمر لا يبدو وكأننا شجعنا الحفريات البحرية، لكن لابد من إيجاد سبل بديلة لارتفاع الطلب المحلي على منتجات طاقة النفط والغاز الطبيعي، فإن ممارسة المزيد من الضغط على المناطق الساحلية يبدو نتيجة منطقية لعجزنا عن توفير البدائل المناسبة لهذين النوعين من أنواع الطاقة الأحفورية. وكنا قد تحاججنا بالقول إن البديل المناسب لأنواع الطاقة هذه هو المحافظة البيئية القائمة على تطوير موارد الطاقة النظيفة المتجددة. ولكن السؤال هو لأي مدى كان نشاطنا العملي ناجعاً في تحريك هذه الأجندة وتحقيقها؟ فعقب حديث أوباما عن هذه البدائل الجديدة للطاقة الأحفورية مباشرة، عرض "جون ستيوارت" مقدم البرنامج التلفزيوني الكوميدي المعروف، سلسلة من التصريحات الشبيهة منذ إدارة ريتشارد نيكسون وإلى الآن. وتكاد تصريحات الرؤساء الأميركيين بشأن هذه الموارد تتطابق تماماً، إلى درجة أصبح فيها حديثهم جميعاً عن أهمية استقلال بلادنا في مجال الطاقة قاسماً مشتركاً عاماً. كما يلاحظ أن تلك التصريحات حوت نبرة عقلانية جديدة لا تدعمها ممارستنا السياسية العملية. أما نحن البيئيين فقد واصلنا تكرار الكلمات نفسها التي ظل يكررها رؤساؤنا، بينما لم يبق لنا سوى الحظر المؤقت لأنشطة الحفريات البحرية. وبدلاً من أن يدعم ذلك الحظر المؤقت التزام برفع كفاءة استهلاك الطاقة وتطوير موارد الطاقة البديلة المتجددة، يلاحظ تزايد تطوير حقول النفط في سواحل الخليج ودلتا نهر النيجر والأمازون وإندونيسيا وأماكن أخرى لا حصر لها، بعيدة عن أنظارنا وبالنا. وإذا كان لنا أن نستعيد أمجاد قصتنا، فإن علينا الاعتراف بالبديهي: ففي ظل نظام طاقة معقد ومعتمد على عناصر ومكونات متعددة، لا بد من القول إن أنصاف الحلول لا تمثل حلولاً البتة. والمقصود بذلك هو أن مجرد صدور حظر مؤقت لأنشطة الحفريات البحرية، دون أن يصحب ذلك التزام قومي برفع كفاءة استهلاك الطاقة وإيجاد بدائل الطاقة النظيفة المتجددة، مصحوبة بإحداث خفض هائل للطلب على موارد النفط والغاز الطبيعي، لن يؤدي إلا إلى تحويل المشكلة إلى مكان آخر، بينما لم تفلح السياسات التي دافعنا عنها، المتعلقة بالترويج لموارد الطاقة البديلة المتجددة. وبدلاً من مواجهة الجمهور بحقيقة التكلفة المالية الكبيرة التي يتطلبها الانتقال إلى نظام الطاقة الجديدة، وعدم توفر تأكيدات على إمكانية هذا الانتقال بالفعل، فضلنا الاعتماد على تصديق الوهم الذهني المريح الكسول. فقد أصرينا على الترويج لحصولنا على التكنولوجيا المتقدمة التي تمكننا من تحقيق الانتقال إلى نظام الطاقة الجديدة، والقول إن من شأن فرض ضريبة محدودة رمزية على الكربون، أن تحدث ثورة هائلة في مجال الطاقة. وضمن ذلك الوهم واصلنا التظاهر بإمكانية الحصول السهل الرخيص الثمن على مستقبل الخضرة الذي نحلم به. ومثلما اكتفينا بمجرد صدور الحظر المؤقت على حفريات الطاقة البحرية، فقد أقنعنا أنفسنا كذلك بأن من شأن أنصاف الحلول وحدها أن تمثل الحل الكامل الذي نريد...ولكن تبقى الحقيقة خلاف ذلك بالطبع. فهناك طريق واحد فحسب لأميركا يجب عليها السير فيه، إن أرادت أن يكون لها قصب السبق في مجال ستقبل الطاقة الخضراء، وكسر دائرة دمار الطاقة الأحفورية التقليدية. ويتلخص هذا الطريق في ضرورة استغلال موارد الحكومة الفيدرالية المخصصة لمجال البحث والتطوير والمشتريات في إنتاج الطاقة المتجددة النظيفة بتكلفة أقل مما ننفق على إنتاج موارد الطاقة النفطية وطاقة الفحم الحجري الأحفورية. كما أن علينا استقطاب إمكانات القطاع الخاص ودفعها للاستثمار في مجال الطاقة المتجددة هذه. وبذلك نكون قد أكدنا لأمتنا أننا قادرون على إحداث تقدم كبير في هذا المجال، بدمجنا لطاقات القطاعين العام والخاص، وحفزهما معاً للابتكار في تكنولوجيا الطاقة الجديدة الخضراء. كما أن علينا أن نذكر أن الصين وكوريا الجنوبية واليابان قد قطعت شوطاً بعيداً في الإمساك بزمام القيادة في تطوير هذه التكنولوجيا. وكذلك يفعل بيل جيتس وجيف إميت وغيرهما من كبار المستثمرين الأميركيين. وعلى الحكومة الفيدرالية في واشنطن دي سي أن تلحق بهذا الركب العالمي. بيتر تيج مدير برنامج الابتكار البيئي بمؤسسة ناثان كمنجز في نيويورك ينشر بترتيب خاص مع خدمة "إم. سي. تي. إنترناشونال"
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©