الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«الركود الكبير» ليس سوى البداية

23 يوليو 2010 21:39
إليكم فكرة تثلج الصدور في منتصف فصل الصيف. هل سمعتم عن الـ15 مليون عاطل عن العمل في أميركا، وذاك النمو البطيء، وتضخم الدَّين العام، وهذا العجز المرتفع؟ الواقع أن كل تلك المشاكل ليست هي أكبر مشاكلنا الاقتصادية؛ ذلك أن الاختبار الحقيقي للاقتصاد الأميركي يبدأ حين نتجاوز تداعيات انفجار فقاعتي العقارات والبنوك الذي أدى إلى "الركود الكبير". ولكن في ما يخص هذا التحدي -الذي يشمل الحفاظ على مستويات المعيشة الأميركية في عالم يتميز بازدياد التنافس- فإننا إما لا نعرف ما ينبغي القيام به، أو نعرف ولكن يبدو أنه ليست لدينا نية لتحريك ساكن. والواقع أن جولة سريعة عبر التاريخ تضع هذه اللحظة في السياق المناسب. فبعد الحرب العالمية الثانية، وعندما كانت الولايات المتحدة هي الاقتصاد الوحيد الذي ما زال واقفاً على قدميه، بدأنا سباقاً اقتصاديّاً غير مسبوق. ومثلما قال "بيل جيتس" في 2007، فقد "كانت ثمة فترة 60 عاماً حيث كان كل قطاعات القيمة المضافة، أو الاختراعات والابتكارات، أو المخاطرة الكبيرة -سواء في الصيدلة، أو التكنولوجيا البيولوجية، أو البرامج الحاسوبية، أو الكمبيوترات الشخصية، أو أشباه الموصلات- توجد كلها في الولايات المتحدة". وقد دعم الرخاءُ المشترك الذي أتاحته هذه الهيمنة رسوخ الطبقةَ الوسطى؛ غير أن عهد السيطرة والتفوق الأميركي كان من الضروري أن يتوقف في لحظة ما؛ وقبل عقدين من الزمن تقريباً، بدأت قوى صاعدة مثل الهند والصين الإصلاحات التي جعلت منها منافسة اقتصادية قوية لاحقاً. والحق من وجهة نظر إنسانية، أن صعود هذه الدول يشكل خبراً رائعاً؛ ذلك أن مئات الملايين من الناس انتُشلوا من براثن الفقر، في وقت تأمل فيه مليارات أخرى أن تتبعهم. غير أن الضغوط على الرواتب بالنسبة للعمال في البلدان المتقدمة كانت أمراً حتميّاً لا مفر منه، بعد أن بات من الممكن نقل قدر أكبر من العمل إلى أي مكان على وجه الأرض حيث العمالة منخفضة التكلفة (وذات جودة عالية، على نحو متزايد). وقد كانت تلك هي النقطة من المسلسل -حين أظهرت البحوث أن ما قد يصل إلى 100 مليون أميركي يعيشون في عائلات تكسب أقل مقارنة مع آبائهم في سن مماثلة- التي انفجرت فيها الفقاعة العقارية والمالية. إن الشيء الذي ينبغي تذكره هنا هو أن الأمر يتعلق بأنواع مختلفة من الأحداث؛ ذلك أن انفجار الفقاعات، وحالة الهلع التي عمت الأسواق بعد ذلك وتجمد الائتمان، كان نوبة قلبية ردَّت عليها السلطات بتدابير استعجالية؛ ولكن "قدر الطبقة الوسطى" في هذا العصر المعولم مختلف؛ ذلك أنه يشبه إلى حد كبير داء السرطان -فهو تهديد بطيء ولكنه عميق، ويتطلب تجديداً جوهريّاً للتنافسية الأميركية- وبدون "حالة طوارئ" معبِّئة. وبشكل عام، يمكن القول إن ثمة شيئين مهمين ينبغي أن نقوم بهما. الأول، وكما عبَّّّر عن ذلك جيداً عالم الاقتصاد مايكل سبانس في صحيفة "فاينانشل تايمز" مؤخراً، يتمثل في "خلق وظائف تتطلب رؤوس أموال كبيرة، أي وظائف ذات مستويات إنتاجية تتوافق مع تقدم مداخيل البلد". أما الشيء الثاني، فيتمثل في الحرص على أن تكون لدى الأميركيين المهارات لشغل هذه الوظائف. ولكن، كيف هو حالنا بخصوص هذه الأجندة؟ إنه محزن. وثمة جملة من الأسباب لذلك لعل أبرزها حقيقة أن النخب الأميركية لا تفكر في استراتيجية اقتصادية وطنية من النوع الذي يتحدث عنه عالم الاقتصاد المذكور. صحيح أن مخططات تنشيط الاقتصاد قد أمدَّت بعض تكنولوجيات الطاقة بأمل حقيقي (تكنولوجيات التخزين والإضاءة المتطورة، وأجهزة تحويل الطاقة، على سبيل المثال)، مما سيرفع من الإنتاجية في هذه المجالات بشكل ملموس، علماً بأن مثل هذه المكاسب التي يتم تحقيقها على صعيد الإنتاجية يمكن أن تضمن استمرار ارتفاع الأجور. غير أننا لم نقترب بعد من الحجم المطلوب للجهود التي ينبغي أن يبذلها القطاع العام والخاص معاً. وفي جميع الأحوال، لماذا ستقوم شركات تستطيع ترحيل وظائفها إلى مكان آخر من العالم بصناعة هذه الابتكارات في أميركا حصراً؟ الواقع أنه لا يكفي أن نقوم بابتكار المنتج في الولايات المتحدة؛ لأننا في حاجة للقيام بالتصنيع أيضاً. فتلك هي الطريقة الوحيدة لاكتساب خبرة عملية مع منتجات تفضي إلى كل الابتكارات اللاحقة. ذلك أنك إذا ضحيت بالتصنيع، فإنك ستخسر الدائرة برمتها -ما دفع أحد الخبراء إلى الدعوة إلى تبني تدابير حمائية إذا اقتضى الأمر للتأكد من احتفاظ أميركا بعلاقة "الابتكار إلى التصنيع إلى الوظائف الجيدة". أما بخصوص التعليم، فإن أجندة الإدارة الحالية، وعلى "جرأتها" قياساً بالتجارب السابقة، ليست طموحة بما يكفي. إن السياسيين لن يتحدثوا عن احتمال تراجع مستويات المعيشة؛ أما رجال الأعمال وأرباب الشركات الذين يعرفون ما يجري في الخارج، فيتحدثون عنه في مجالسهم الخاصة دائماً. وبالتالي، فإن السؤال الكبير الذي يطرح نفسه هنا هو: ماذا نفعل إذا كان التغيير التدريجي لا يعادل متطلبات تجديد التنافسية الأميركية؛ علماً بأن نظامنا السياسي غير قادر على إنتاج أكثر من تغيير تدريجي؟ مات ميلر زميل مركز التقدم الأميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة "واشنطن بوست"
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©