الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

القرآن «أمر الله» وحجته على العالمين

القرآن «أمر الله» وحجته على العالمين
12 مايو 2011 20:18
يقول الله تعالى في محكم التنزيل: «إنا أنزلناه في ليلة مباركة، إنا كنا منذرين، فيها يفرق كل أمر حكيم، أمرا من عندنا، إنا كنا مرسلين» (سورة الدخان الآيات 3 و 4 و5)، ويؤكد العلماء أن الأمر المقصود في الآيات هو القرآن الكريم، وهو اسم من أسمائه وذكر القرطبي والنسفي والسيوطي والزمخشري أن القرآن أمر أنزله الله سبحانه وتعالى. ذهب آخرون إلى أن القرآن الكريم هو المقصود بأمر الله في قوله تعالى: «أتى أمر الله فلا تستعجلوه سبحانه وتعالى عما يشركون، ينزل الملائكة بالروح من أمره على من يشاء من عباده»، (سورة النحل الآيتان 1و2) وقوله عز وجل «رفيع الدرجات ذو العرش يلقي الروح من أمره على من يشاء من عباده لينذر يوم التلاق» (سورة غافر الآية 15) للإنذار والتوحيد وجاء في التفسير أن سورة الدخان تبدأ بالحديث عن القرآن، وأنه أنزل من عند الله في ليلة القدر المباركة للإنذار والتوحيد، وأقسم الله بالقرآن الكاشف عن الدين الحق الموضح للناس ما يصلح دنياهم وآخرتهم إعلاما برفعة قدر هذه الليلة يفصل ويبين كل أمر محكم، والقرآن رأس الحكمة والفيصل بين الحق والباطل والأمر العظيم صادر من الله رحمة بعباده، وهو صاحب العرش ينزل الوحي من قضائه وأمره على من اصطفاه من عباده ليخوف الناس عاقبة مخالفة المرسلين يوم التقاء الخلق أجمعين في يوم الحساب، ولا يخفى على الله من أمرهم شيء. وأمر الله الأعظم هو العبادة، أي عبادة الله وحده لا شريك له وأنواع العبادة التي أمر الله بها مثل الإسلام، والإيمان، والإحسان، والدعاء، والخوف، والرجاء، والتوكل، والرغبة، والرهبة، والخشوع، والخشية، والإنابة، والاستعانة، والاستعاذة والاستغاثة، والذبح، والنذر، وغير ذلك وهي كثيرة لأن كل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة عبادة، فالعبادة تشمل الدين كله. والدليل قوله تعالى: «ومن يدع مع الله إلها آخر لا برهان له به، فإنما حسابه عند ربه إنه لا يفلح الكافرون» فمن دعا غير الله تعالى من الأموات والغائبين، أو رجاهم أو خافهم أو سألهم قضاء الحاجات وتفريج الكربات، أو غير ذلك، فهو مشرك الشرك الأكبر لأنه أشرك مع الله غيره، وكافر لأنه جحد حقا لله تعالى فصرفه لغيره. أهم أنواع العبادات وأهم أنواع العبادة ما ورد في حديث النعمان بن بشير رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الدعاء هو العبادة، فدل على أن الدعاء أهم أنواع العبادات والدعاء في القرآن الكريم يتناول معنيين الأول: دعاء العبادة، وهو دعاء الله امتثالا لأمره، فإنه سبحانه أمر عباده بالدعاء، فمتى دعوت الله سبحانه وتعالى ممتثلا أمره فإن دعاءك عبادة، قال تعالى: «ادعوني استجب لكم»، فإذا دعوته امتثلت أمره، وإذا امتثلت أمره تكون عبدته والثاني: دعاء المسألة وهو دعاؤه سبحانه وتعالى بجلب المنفعة ودفع المضرة. والقرآن الكريم أمر الله وكتاب الإسلام الخالد، ومعجزته الكبرى، وهداية للناس أجمعين، قال تعالى: «الر كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور» -إبراهيم 1- من قال به صدق، ومن عمل به أُجر، ومن دعا إليه هُدي إلى صراط مستقيم، فيه تقويم للسلوك، وتنظيم للحياة، من استمسك به فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها، ومن أعرض عنه وطلب الهدى في غيره فقد ضل ضلالاً بعيداً. والقرآن رسالة السماء إلى الأرض، فمن أراد أن يفهمه على هذا النهج، فقد وقف بنفسه على مواطن العظمة، ومواضع الإعجاز فيه، ومن أراد أن يعرف أثره في اللغة العربية، فلينظر ذلك الأثر في حياة المسلمين عقيدة وسلوكاً، ليرى ذلك واضحاً وجلياً، ولكن قد تَقْصُر الأفهام عن المراد من آية من آياته، فيُظَنُّ أنها جاءت على غير ما تعارف عليه أهل اللغة. وقد يَعْجَز البصر عن الوصول إلى إعجاز نحوي، فيذهب الظن إلى أن القرآن قد تجاوز قواعد اللغة وما تعارف عليه أهلها، وهذا - لا شك - قصور وعجز في الإنسان عن إدراك لغة القرآن وأساليبه البيانية، فهو كتاب رب العالمين، ومحال أن يناله تجاوز أو خطأ أو مجافاة للذوق اللغوي، فضلاً عن أنه أساس اللغة العربية، ومنه تُستنبط القواعد اللغوية. والقرآن الكريم نعمة السماء إلى الأرض، وحلقة الوصل بين العباد وخالقهم، نزل به الروح الأمين، على قلب رسوله الكريم بالحق ليكون للعالمين نذيراً، وهادياً ونصيراً، قال تعالى: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُوراً مُبِيناً» -النساء 174-. يشفع ويعتق القرآن لم يتغير، ولم يستنفد أغراضه، ولايزال الكتاب الإلهي الذي هبط لإنقاذ البشرية قبل أكثر من أربعة عشر قرنا من الزمان، وهو يستطيع أن يقوم بدور كبير في البناء الحضاري، في الوقت الراهن وفي المستقبل. والقرآن هو أمر الله الجامع فيه كل الأوامر والنواهي الإلهية وهو حجة الله على خلقه ولا حجة لمن تركه وهجره، وحتى الذين لا يستطيعون تدبر آياته المحكمات لجهل وقلة علم ونضوب المعرفة باللغة، لا بد لهم من تلاوته آناء الليل وأطراف النهار، لأن الذي يقرأ القرآن ويتعمق وهو عليه شاق له أجران، وفي كل حرف منه صدقة وحسنة ورقى في الدرجات يوم القيامة، والقرآن هو الذي يشفع لأهله يوم القيامة فيشفع ويعتق رقابا كثيرة من النار، والقرآن أيضا منهج حياة في الدنيا من قال به صدق ومن حكم به عدل، ومن تركه من جبار قصمه الله والشيطان لا يدخل بيتا يتلى فيه القرآن، وهو بركة وخير لمن يتلوه، وبركة وخير أكبر لمن يعمل به ومن استنصر به الله نصره، ومن تحصن به نجا من كل كرب وهم وغم وجعل الله له من كل هم مخرجا ومن كل ضيق فرجا.
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©