الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«فاقد الشيء لا يعطيه»

9 مايو 2012
لا أستطيع تكييف أو وصف انطباعات أب عندما يسمع طفله يقول:” أنا فيه ييجي.. مافي معلوم “، أو “ أنا فيه روح سيدا”، أو “ دريور اليوم فيه تأخير زيادة .. أنا فيه روح مدرسة فيه باب مسكر!”. نعم.. هذا ما آلت إليه حالة اللغة العربية في بيوتنا، أمام واقع يشهد ارتفاع عدد العمالة المنزلية دون مبرر، فربما يجهل كثيرون أن حجم إنفاق الأسر الإماراتية على خدم المنازل يقدر بنحو ثلاثة مليارات درهم سنوياً، وتساهم إمارة أبوظبي بنسبة 46% منها، ويقدر بحوالي 1,3 مليار درهم سنوياً، بحسب دراسة منشورة نهاية 2007، وتضاعفت كثيراً في 2012. من المؤكد أن بقاء الطفل فترة طويلة بين أحضان مربية أو خادمة أجنبية ينحرف به بعيداً عن سياق لغته الأم. لذلك نرى أن نسبة كبيرة من الأطفال الذين يعانون من الخلل اللغوي، يعانون أيضاً من مشكلة صياغة الأفكار السلسة، أو المفاهيم التي يفترض أن تتطور بنمو الطفل، مما يسبب تأخر النمو الانفعالي والوجداني واللغوي عن أقرانه، وذاك بسبب بقائه مدة طويلة مع الخادمة الأجنبية. اللغة تفاعل حي بين ثلاثة عناصر هي “المضمون والشكل والاستعمال”، والنمو اللغوي يعني التفاعل الناجح بين هذه العناصر الثلاثة. واختلال هذا النمو يمكن أن يوصف بأنه تمزق بين العناصر الثلاثة، لهذا نجد أن بعض الأطفال يلجأون إلى استعمال بعض الصيغ والتركيبات العجيبة ـ “ المكتسبة” من محيطهم الاجتماعي ـ لتوصيل أفكارهم، وغالبا ما تكون هذه الصيغ وهذه التراكيب مكسرة ومشوهة وغير ملائمة، ولا تناسب سياق الكلام، ولا تؤدي المعنى المقصود. “فاقد الشيء لا يعطيه”. فكيف تفيد الأجنبية الطفل لغويا وهي تعاني من التمزق اللغوي والانفصال اللغوي الذي تقوم بإسقاطه على الطفل الموجود بين يديها لساعات طويلة! قد لا يعلم كثيرون أن اللغة العربية، اللغة الأم لأكثر من 277 مليون عربي، وتعد اللغة المرجعية لملياري مسلم يشكلون قرابة 23% من سكان العالم. وهو ما حدا بمنظمة اليونيسكو في الأمم المتحدة إلى أن تقرع أجراس الخطر، وتحذر بأن ‏50%‏ من اللغات المحلية في كافة أنحاء العالم‏،‏ والبالغ عددها‏ سبعة آلاف لغة معرضة للاندثار بعد اختفاء 300‏ لغة محلية وانقراضها في القرن العشرين‏ فقط،‏ وأنها تندرج بين اللغات المتوقع انقراضها في القرن الحادي والعشرين!، وذلك بفعل ما تواجهه “لغة الضاد” من تحديات عديدة تأتي من عقر دارها قبل أن تهب عليها من الخارج، لأسباب عديدة في مقدمتها عدم إدراك أهلها وتقديرهم لهول الخطر! لغة القرآن، تراجعت خلال العقد الأخير إلى المرتبة الرابعة من بين عشر لغات ينتشر استخدامها في الدولة بحسب تقرير مركز الإمارات للدراسات والإعلام، على الرغم من اتخاذ الحكومة في التاسع من مارس 2008 قراراً باعتماد اللغة العربية لغة رسمية في المؤسسات والهيئات الحكومية استناداً إلى المادة السابعة من الدستور الإماراتي التي تنص على عروبة الدولة وعلى أن اللغة العربية هي اللغة الرسمية للبلاد. وتزايدت شكوى تدهور حال اللغة العربية وإغفال دورها ومكانتها كعنوان للهوية الوطنية. المحرر | khourshied.harfoush@admedia.ae
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©