السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مليونا مغترب يقصدون المغرب كل صيف

مليونا مغترب يقصدون المغرب كل صيف
24 يوليو 2010 21:31
تنتعش الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في المغرب في فصل الصيف بفضل عودة آلاف المغتربين الذين يعيشون بأوروبا وينزحون نحو بلدهم لقضاء إجازاتهم السنوية بالقرب من عائلاتهم، ويدفع تدفق المغتربين في النقاط الحدودية ورغبتهم في انتقال إلى مدنهم وقراهم السلطات إلى تعبئة كل طاقاتها من أجل إنجاح عملية عبور المغتربين ومواكبة رحلة وصولهم إلى بلدهم الأصلي ثم عودتهم إلى بلاد الغربة من جديد. عبور المهاجرين تطلق السلطات المغربية مع بداية فصل الصيف عملية لمواكبة تنقل قرابة مليونين من المغاربة بين بلد إقامتهم في أوروبا وبلدهم الأصلي، وتهدف هذه العملية إلى تمكين المهاجرين من العبور في ظروف مريحة ومساعدتهم في مجال الإجراءات الإدارية والجمركية وتقديم الدعم للمسافرين في وضعية صعبة، وبالنظر للمد الكثيف للعائدين وقصر الفترة المخصصة للعملية والمحددة في 3 أشهر هي فترة الإجازة الصيفية، ومرور المغتربين عبر ممرات بحرية وبرية محدودة تربط المغرب بأوروبا، فإن هذه العملية الصعبة تطرح تحديات كبيرة على السلطات بسبب تزامنها مع فترة الإجازة الصيفية وكثرة الأسفار وتوافد السياح والمصطافين المحليين. ويفضل أغلب المغتربين التنقل عن طريق البحر، حيث يختار 70.3 % من المغتربين هذه الوسيلة للانتقال من أوروبا إلى المغرب عبر موانئ إيطاليا وإسبانيا، حيث يقطعون مسافة تتراوح ما بين 7 و30 كيلومترا حسب موقع الميناء، ورغم قرب السواحل الأوروبية من الشواطئ المغربية فقد سجل مؤخراً تزايد مهم في عدد الوافدين عن طريق الجو، بعد تخفيض تكلفة الرحلات بين أوروبا والمغرب وزيادة عددها، حيث بلغت نسبة المغتربين الذين يفضلون السفر جوا 29.7% من مجموع المسافرين. ويحتل ميناء طنجة بأقصى الشمال المرتبة الأولى فيما يتعلق بعدد المغاربة المقيمين بالخارج الذين زاروا المغرب، حيث يستقبل سنويا %31 من مجموع المسافرين، متبوعا بالنقطة الحدودية «باب سبتة» بـ %16,52، ثم مدينة الناظور بـ 14,22%، وتأتي المطارات في المرتبة الرابعة من حيث استقبال المهاجرين. ملايين المغتربين تقدر إحصائيات رسمية عدد المهاجرين المغاربة «بخمسة ملايين نسمة، يعيش غالبيتهم في دول أوروبا الغربية، خصوصاً في فرنسا، حيث يعيش 800 ألف مغترب مغربي وإسبانيا حيث يعيش 750 ألفاً وإيطاليا 450 ألفاً، إضافة إلى بلجيكا وهولندا حيث تقطن جالية مغربية مهمة». ويمثل المهاجرون قوة اقتصادية مهمة بفضل التحويلات المالية نحو بلادهم ومشاريعهم الاستثمارية. وتعد تحويلات المغتربين في المغرب المصدر الأول للعملات الأجنبية وتتفوق على مصادر الدخل الأخرى كالصادرات الزراعية والصناعية وعائدات السياحة والفوسفات والنسيج. حيث بلغت تحويلات المهاجرين السنة المنصرمة نحو 8 مليارات دولار، وهو ما يجعل الاقتصاد المغربي يعتمد بنسبة كبيرة على هذه التحويلات في ميزانية الإنفاق الحكومي. وإذا كان أغلب هؤلاء المهاجرين قد هاجروا من أجل تحسين دخلهم المادي وهرباً من شبح البطالة الذي يسجل معدلات مرتفعة في المغرب، فإن تحسن أوضاعهم المعيشية انعكس إيجاباً على اقتصاد بلدهم وأسرهم. يقول محمد أوشن- الخبير الاقتصادي: «استفاد الاقتصاد الوطني من تحويلات المهاجرين استفادت الدولة من المشاريع الاستثمارية التي أقامها المغتربون بعد تقاعدهم أو أثناء زياراتهم للمغرب في الإجازة الصيفية، كما أن معظم المغتربين تركوا ورائهم في المغرب عائلات لا معيل لها سواهم بالتالي كانت تحويلاتهم موجهة ليس للادخار بل للاستهلاك والاستثمار، مما رفع من قيمتها ومن درجة استفادة الدولة منها». حول أهمية التحويلات المالية للمغتربين، يقول أوشن: «لا تقتصر التحويلات فقط على اعتماد أسر المهاجرين عليها، بل إنها أساسية في تنفيذ المشاريع الاستثمارية التي يديرها أقارب هؤلاء، مما يساعد في القضاء على البطالة وتنمية الاقتصاد، إذ تعتمد الدورة الاقتصادية في بعض المدن المغربية بشكل كامل على أنشطة المهاجرين الذين يقومون بالاستثمار في العقار وفي الصناعات التحويلية والسياحة والخدمات الزراعية، ويدفعهم الارتباط بالقرى والأرياف إلى الانخراط في المشاريع الخيرية والمساهمة في توفير البنيات التحتية من طرق وماء وكهرباء». ثروة بشرية من جهتها، ترى سعيدة العلوي- باحثة اجتماعية: «دور المهاجرين المغاربة لا يقتصر على تنمية اقتصاد بلدهم الأصلي والإعالة الاجتماعية لأسرهم وتشغيل الشباب وخلق مشاريع مدرة للدخل، بل تتجاوزه إلى المساهمة في التأثير على توجهات الدول الأوربية لصالح بلدهم، فلقد أصبح المهاجرون المغاربة يشكلون قوة ديمغرافية واقتصادية كبيرة في بلاد المهجر لا يمكن تجاهل وزنها ودورها، ففي إسبانيا وإيطاليا يشكل المغاربة أكبر جالية كما يحتلون المرتبة الثانية في فرنسا بعد الجزائريين. وأصبح وجودهم في بلجيكا وهولندا كبيراً وملحوظاً ووصلوا في جميع هذه الدول إلى مناصب مهمة وحققوا نجاحات كبيرة في ميادين الرياضة والفن والأدب والسياسة والقطاعات الاقتصادية». وتسترسل العلوي مضيفة: «إن تأثيرات الهجرة على المغرب ليست كلها إيجابية لأنها تتسبب في نزيف الكفاءات والطاقات الشابة المتعلمة والمدربة وهجرة الأدمغة، فغالبية المهاجرين هم من المجازين والحاصلين على تخصصات مطلوبة في الهندسة والطب والعلوم، بينما كانت الهجرة في السابق محصورة في أصحاب الحرف البسيطة الذين يعملون في الزراعة والصناعة والخدمات. وإضافة إلى نزيف الكفاءات تساهم الهجرة في تأليب الشباب ضد بلدهم والثورة على واقعهم، حيث يساهم المهاجرون بطريقة غير مقصودة في تقديم صورة مغلوطة عن الهجرة ويرسمون أحلاما وردية حول واقع الهجرة، حين يظهرون ترفاً وثراءً يؤثر على المواطن ونظرته لواقعه فيحاول جاهداً الهجرة لتحقيق ما حققه الآخرون وإذا لم ينجح في الهجرة يعيش ناقما غاضبا على واقعه».
المصدر: الرباط
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©