الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

النقد والنصيحة (2/1)

24 يوليو 2010 21:37
يشكل على بعض الناس التفريق بين النقد والنصيحة، فيأتي الناصح لينصح فإذا به ينقد ويجرح دون أن يشعر، وهو لم يقصد من ذلك غير النصيحة. وبعيداً عن المجالات الأدبية والفنية كالشعر والنثر وصناعة الأفلام وغيرها، فإن النقد كلمة يعتقد كثير من الناس أنها إيجابية، وهي بشكل عام تحمل السلبية خاصة في مجال التعاملات والعلاقات البشرية. فكلمة النقد تحمل الألم والحزن والندم للمتلقي، وهذا ما نراه واضحاً جداً على وجوه معظم من انتقد شخصه أو سلوكه أو عمله. فالناقد لا يدرك مدى مشاعر وأحاسيس الشخص الذي أمامه، وما يمكن أن تفعل به كلمة موجة له أريد بها خير، فإذا بها تؤتي أكلها بعكس ذلك؛ ولذا قيل: «النصيحة ثقيلة فاختاروا لها حسن البيان». ولعل المولى عز وجل وضح لنا ذلك في قصة موسى وهارون عليهما السلام مع فرعون الذي قال: (أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى)، حيث قال الله تبارك وتعالى لهما في سورة طه: (اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (43) فَقُولا لَهُ قَوْلا لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى) (44). فكم من نقد جارح خرج من زوجة كسرت به شموخ زوج وأدى إلى دمار الأسرة وشتات الأبناء، وكم من كلمة نقد لاذعة قالها زوج دمر بها نفسية زوجة وأفقدها صبرها واهتمامها بنفسها وبيتها وأبنائها. وكم من تعليقات آباء لأبنائهم أفقدتهم شخصيتهم والإحساس بالثقة بأنفسهم، وجعلت منهم الانطوائي والخجول والجبان والتائه وعديم الفائدة. وكم من نقد مؤلم من مدير حطم طموح موظف وجعل منه شخصية سلبية محبطة وغير منتجة. وكم من نقد من معلم جعل بسببه الطالب يتعقد ويكره المادة التي يدرسها ويكره المدرسة بل ويترك الدراسة. وكم من نقد موجه من زميل في العمل جعل زميله يستقيل من وظيفته التي يسترزق منها. عزيزي القارئ أنا لن أفترض النية السلبية فيما يفعله بعض الناس تجاه الآخرين من نقد بل افترض أن فعلهم يحمل النوايا الإيجابية، ولكن أدعو الإنسان أن يدرك ويقيس ويقيم ويفكر ويتمهل قبل التلفظ بأي كلمة، وأن ينظر إلى حالة الشخص ونفسيته أهو فرحان، سعيد، معتز بنفسه، يتباهى بإنجازه.. فلا يكسر قلبه ولا يعكر صفوه ولا يؤلمه. عليه أن يكون رحيماً بالآخرين ليرسل الله له من يرحمه إذا أصبح في مكانه. إن الإنسان الحكيم هو من يرتب الكلام وينسق العبارات ويختار الكلمات بما يتوافق مع الموقف، فلكل مقام مقال. والنصيحة أولى أن تعطى أعلى درجات الاهتمام. فقول سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه: «رحم الله رجلاً أهدى لي عيوبي»، واضحة كل الوضوح في لفت الانتباه إلى إهداء العيوب وليس نقدها. فإذا رأيت من شخص ما هو خطأ فلا تهاجم بل وجه بلطف وأنت على قدر من السماحة واللين والحب والود. وللحديث صلة إن شاء الله. dralazazi@yahoo.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©