السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الإسراء والمعراج من أهم أحداث النبوة ومعجزات الرسالة

الإسراء والمعراج من أهم أحداث النبوة ومعجزات الرسالة
22 مايو 2014 22:56
الحمد لله الذي أنعم علينا بالإسلام، وشرح صدورنا للإيمان، والصلاة والسلام على سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم- وعلى آله وأصحابه أجمعين، وبعد: يقول الله تعالى في كتابه الكريم: (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ)، «سورة الإسراء الآية 1». لقد أخبرنا الله سبحانه وتعالى في هذه الآية الكريمة عن مكرمة خالدة، أكرم الله بها سيدنا محمداً -صلى الله عليه وسلم-، وما أكثر ما اختص الله به نبينا محمداً -صلى الله عليه وسلم- من وجوه الاصطفاء والتكريم، ومن المعلوم أن المكرمة الخالدة التي تشير إليها الآية السابقة هي حادثة الإسراء من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، والتي كانت ولا تزال من أهم أحداث النبوة ومعـــجزات الرسالة. وفي هذه الأيام تمر بنا هذه الذكرى العطرة والرحلة الميـمونة المباركة، وإننا إذ نغتنم حلول هذه الذكرى، لنذكر المــسلمين جميعاً بأن رسولنا -صلى الله عليه وسلم- لم يخرج من الجزيرة العربية إلا إلى القدس، وكان ذلك في رحلة الإسراء والمعراج، يوم صَـــلَّى -عليه الصلاة والسلام- إماماً بالأنبياء والمرسلين -عليهم الصلاة والسلام- في المسجد الأقصى المبارك. الرسول يُصَلِّي إماماً حادثة الإسراء كانت رحلة أرضية من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، حيث جمع الله -سبحانه وتعالى- الأنبياء والمرسلين في المسجد الأقصى، وقد صَلَّى بهم رسولنا -صلى الله عليه وسلم- إماماً في ليلة الإسراء والمعراج، كما جاء في عدة أحاديث شريفة، منها: ? عَنْ عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-، «قَالَ: لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِنَبِيِّ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-،.... قَالَ: فَلَمَّا دَخَلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْمَسْجِدَ الأَقْصَى قَامَ يُصَلِّي، ثُمَّ الْتَفَتَ، فَإِذَا النَّبِيُّونَ أَجْمَعُونَ يُصَلُّونَ مَعَهُ»، (أخرجه أحمد). ? وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «لَقَدْ رَأَيْتُنِي فِي الْحِجْرِ وَقُرَيْشٌ تَسْأَلُنِي عَنْ مَسْرَايَ فَسَأَلَتْنِي عَنْ أَشْيَاءَ مِنْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ لَمْ أُثْبِتْهَا، فَكُرِبْتُ كُرْبَةً مَا كُرِبْتُ مِثْلَهُ قَطُّ، قَالَ: فَرَفَعَهُ اللَّهُ لِي أَنْظُرُ إِلَيْهِ مَا يَسْأَلُونِي عَنْ شَيْءٍ إِلا أَنْبَأْتُهُمْ بِهِ، وَقَدْ رَأَيْتُنِي فِي جَمَاعَةٍ مِنْ الأَنْبِيَاءِ، فَإِذَا مُوسَى -عليه السلام- قَائِمٌ يُصَلِّي فَإِذَا رَجُلٌ ضَرْبٌ جَعْدٌ كَأَنَّهُ مِنْ رِجَالِ شَنُوءَةَ، وَإِذَا عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ -عَلَيْهِ السَّلام- قَائِمٌ يُصَلِّي أَقْرَبُ النَّاسِ بِهِ شَبَهًا عُرْوَةُ بْنُ مَسْعُودٍ الثَّقَفِيُّ، وَإِذَا إِبْرَاهِيمُ -عَلَيْهِ السَّلام- قَائِمٌ يُصَلِّي أَشْبَهُ النَّاسِ بِهِ صَاحِبُكُمْ -يَعْنِي نَفْسَهُ صَلّى الله عليه وسلم-، فَحَانَتِ الصَّلاةُ فَأَمَمْتُهُمْ، فَلَمَّا فَرَغْتُ مِنْ الصَّلاةِ قَالَ قَائِلٌ يَا مُحَمَّدُ: هَذَا مَالِكٌ صَاحِبُ النَّارِ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ، فَالْتَفَتُّ إِلَيْهِ فَبَدَأَنِي بِالسَّلامِ»، (أخرجه مسلم). ? وعن أنس بن مالك -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «أُتِيتُ بِالْبُرَاقِ» وَهُوَ دَابَّةٌ أَبْيَضُ طَويلٌ فَوْقَ الْحِمَارِ وَدُونَ الْبَغْلِ يَضَعُ حَافِرَهُ عِنْدَ مُنْتَهَى طَرْفِهِ»، قَالَ: فَرَكِبْتُهُ حَتَّى أَتَيْتُ بَيْتَ الْمَقْدِسِ، قَالَ: فَرَبَطْتُهُ بِالْحَلْقَةِ الَّتِي يَرْبِطُ بِه الأنْبِيَاء قَالَ: ثُمَّ دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ فَصَلَّيْتُ فِيِه رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ خَرَجْتُ، فَجَاءَنِي جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلام بِإِنَاءٍ مِنْ خَمْرٍ وَإِنَاءٍ مِنْ لَبَنٍ، فَاخْتَرْتُ اللَّبَنَ، فَقَال جِبْرِيلُ -صلى الله عليه وسلم- اخْتَرْتَ الْفِطْرَةَ، ثُمَّ عَرَجَ بِنَا إِلَى السَّمَاء، فاسْتَفْتَحَ جبريلُ فَقِيل: مَنْ أنت؟ قال: جبريلُ. قِيلَ: ومَنْ مَعَكَ؟ قال: محمدٌ...»، (أخرجه مسلم). جاء في كتاب (فتح المنعم شرح صحيح مسلم): «بعد هذا الإعداد وذلك التطهير جيء له بالبراق، تلك الدابة العجيبة الشأن، التي تشبه المألوف في الشكل، وتخالفه في الصفات والفعل، إنها شبيهة بالحمار الكبير أو البغل الصغير، لكنها تضع حافرها عند منتهى بصرها، وإذا صعدتْ جبلاً طالت رجلاها، وإذا هبطت وادياً طالت يداها، فيظل ظهرها مستوياً في الحالتين زيادة في راحة راكبها، لقد نقلت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وفي صحبته جبريل -عليه السلام- من المسجد الحرام بمكة إلى المسجد الأقصى بالشام في لحظات، وهناك كانت وفود الأنبياء -عليهم الصلاة والسلام- في استقباله، وَأُذِّنَ للصلاة، فقاموا صفوفاً ينتظرون مَنْ يَؤُمُّهم، فأخذ جبريل بيد محمد -صلى الله عليه وسلم- فأمَّهم»، (فتح المنعم شرح صحيح مسلم للدكتور/ موسى شاهين لاشين 1/541). رحلة المعراج من المعلوم أن حادثة المعراج كانت رحلة سماوية من المسجد الأقصى المبارك إلى ما بعد سدرة المنتهى، حيث لا يعلم مدى ذلك إلا الله سبحانه وتعالى، حتى وصل -عليه الصلاة والسلام- إلى مرحلة كان فيها وحيداً دون رفيق دربه جبريل أمين وحي السماء -عليه الصلاة والسلام-، فنظر رسولنا -صلى الله عليه وسلم- فلم يجد جبريل -عليه السلام-، فقال: أفي هذا المكان يترك الحبيب حبيبه؟! فقال جبريل -عليه السلام- للرسول محمد -صلى الله عليه وسلم-: «أنتَ إِنْ تَقَدَّمْتَ اخترقتَ، وأنا إِنْ تَقَدَّمْتُ احترقتُ»، وحادثة المعراج ثابتة في كتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم-، فالآيات الأولى من سورة النَّجم تتحدث عنها، كما ورد ذكرها في السنة النبوية الشريفة. فريضة الصلاة لقد كانت الصلاة أول ما أوجبه الله تعالى من العبادات، حيث فُرضت ليلة الإسراء والمعراج في السماء إظهاراً لعظيم شأنها وجليل قدرها وعلوِّ منزلتها، ومن المعلوم أن للصّلاة في الإسلام منزلة عظيمة، فهي عماد الدين الذي لا يقوم إلا به، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «رَأْسُ الأَمْرِ الإِسْلامُ، وَعَمُودُهُ الصَّلاةُ، وَذِرْوَةُ سَنَامِهِ الْجِهَادُ»، (أخرجه الترمذي)، وهي أول ما يحاسب عليه العبد، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «أَوَّلُ مَا يُحَاسَبُ بِهِ الْعَبْدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الصَّلاةُ، فَإِنْ صَلُحَتْ صَلُحَ لَهُ سَائِرُ عَمَلِهِ، وَإِنْ فَسَدَتْ فَسَدَ سَائِرُ عَمَلِهِ»، (ذكره السيوطي في الجامع الصغير)، وهي آخر وصيّة وصّى بها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أمته عند مفارقة الدنيا: «الصَّلاةَ الصَّلاةَ، وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ»، (أخرجه أحمد). فضل الصلاة في المسجد الأقصى المبارك وأما عن فضل الصلاة في المسجد الأقصى المبارك فقد وردت أحاديث عديدة تتحدث عن ذلك، منها: ? عَنْ أَبِي ذَرٍّ -رضي الله عنه- قَالَ: «تَذَاكَرْنَا وَنَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، أَيُّهُمَا أَفْضَلُ: مَسْجِدُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أو مَسْجدُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ؟، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: صَلاةٌ فِي مَسْجِدِي هذا أَفْضَلُ مِنْ أَرْبَعِ صَلَوَاتٍ فِيه،ِ وَلَنِعْمَ الْمُصَلَّى، وَلَيُوشِكَنَّ أن لا يَكُونَ لِلرَّجُلِ مِثْلُ شَطَنِ فَرَسِهِ مِنَ الأَرْضِ حَيْثُ يَرَى مِنْهُ بَيْتَ الْمَقْدِسِ خَيْرٌ لَهُ مِنَ الدُّنْيَا جَمِيعًا، أو قال: خيرٌ من الدنيا وما فيها»، (أخرجه الحاكم). ? وعن أبي الدرداء -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «الصَّلاةُ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ بِمِائَةِ أَلْفِ صَلاةٍ، وَالصَّلاةُ فِي مَسْجِدِي بِأَلْفِ صَلاةٍ، وَالصَّلاةُ فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ بِخَمْسِمِائَةِ صَلاةٍ»، (ذكره السيوطي في الجامع الصغير). ? وعن ميمونة مولاة النبي -صلى الله عليه وسلم- قَالَتْ: «يَا رَسُوَلَ اللهِ، أَفْتِناَ فِي بَيْتِ الْمَقِدْسِ، قَالَ: «أَرْضُ َالْمَحْشَر ِوالْمَنْشَر، ائْتُوهُ فَصَلُّوا فيِه، فَإِنَّ صَلاَةً فِيِه كَأَلْف صَلاَة فِي غَيْرِهِ». قَلتُ: أَرَأَيْتَ إِنْ لَمْ أَسْتَطِعْ أَنْ أَتَحَمَّلَ إليه؟ قال: «فَتُهْدِي لَهُ زَيْتاً يُسْرَجُ فِيهِ، فَمَنْ فَعَلَ ذِلكَ فَهُوَ كَمَنْ أَتَاهُ»، (أخرجه ابن ماجه). تؤكد الأحاديث النبوية الشريفة السابقة على فضل الصلاة في المسجد الأقصى المبارك، ومضاعفة أجرها إلى: مائتين وخمسين صلاة، أو خمسمائة صلاة، أو ألف صلاة، فيما سواه من المساجد، عدا المسجد الحرام والمسجد النبوي الشريف. هذه هي فلسطين الحبيبة ودرتها مدينة القدس ولؤلؤتها المسجد الأقصى المبارك، حيث اجتمع الأنبياء -عليهم الصلاة والسلام- في ليلة الإسراء والمعراج، ومن المعلوم أن فلسطين ومقدساتها تتربع في قلب كل عربي ومسلم، فهي أمانة تسلمتها الأمة الإسلامية منذ حادثة الإسراء والمعراج، وهي أرض إسلامية فتحها الأجداد، ويحافظ عليها الآباء والأبناء والأحفاد، فقضية فلسطين هي قضية العرب والمسلمين جميعاً لارتباطها الوثيق بدينهم وتاريخهم وتراثهم. وصلى الله على سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم- وعلى آله وأصحابه أجمعين. بقلم الشيخ الدكتور/ يوسف جمعة سلامة خطيب المسجد الأقصى المبارك www.yousefsalama.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©