الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

«عاصفة التغيير» تهب على اقتصاد هونج كونج

«عاصفة التغيير» تهب على اقتصاد هونج كونج
24 يوليو 2010 22:05
مرر المجلس التشريعي في هونج كونج قبل أسبوعين مشروع قانون الحد الأدنى للأجور وذلك بعد جدل حاد استمر لأكثر من عام. وربما يصل الحد الأدنى 23 دولار هونج كونج (3 دولارات أميركية) للساعة الواحدة. وما يزيد عن أهمية خفض الأجور، وهو ما يطرح سؤالا بشأن ما يعنيه هذا الخفض بالنسبة لاقتصاد المنطقة التي كانت تشتهر بالنظم الحرة التي تنتهجها أسواقها. ويجئ قانون الحد الأدنى للأجور في أعقاب تشريعات عمل أخرى، بالإضافة إلى دخول الحكومة في الأعمال التجارية، وتوسيع الخدمات العامة، والسياسات الصناعية. وتعزى هذه الخطوات التي قامت بها الحكومة لزيادة إنفاقها كجزء من الناتج الإجمالي المحلي. وظلت الضرائب المباشرة منخفضة، كما ادخرت الحكومة تكاليف القوات المسلحة حيث من السهل إغفال هذا التحول. لكن يعتبر تأثير هذه التغييرات، تحولاً هاماً في واحدة من أكبر النظم الرأسمالية الحرة في العالم. واستشرى التدهور الذي لحق بسوق العقارات، في سوق التجزئة. كما أن ربط دولار هونج كونج 7,80 مقابل الدولار الأميركي، يتنافى مع حرية السوق. وبزيادة تدخل الحكومة في قطاعات أخرى، خاصة بعد الحرب العالمية الثانية، تحررت هونج كونج في الأسعار، والأجور، والواردات، وتنظيم الأعمال التجارية والتوظيف. وبعد التذبذب الذي شهده اقتصاد البلاد، تحولت هونج كونج من واحدة من أفقر دول العالم، إلى واحدة من أغناها. لذا، فان مقاومة الحد الأدنى للأجور، يعكس تحولاً تدريجياً، وليس مفاجئاً. وتم إصدار التشريع الذي يعطي حاكم المستعمرة الحق في فرض الحد الأدنى للأجور، في العام 1932، وأعيد في 1999. كما تم اقتراح خطة طوعية للحد الأدنى للأجور في 2006، والتي لم تصبح قانوناً إلا في هذه الأيام. وستقوم الحكومة في أغسطس المقبل بتحديد المستوى الأدنى للأجور. ومن الآثار التي ستترتب على ذلك، مثلاً أنه حتى وعند مستوى 24 دولار هونج كونج للساعة، يتم فقد نحو 30,000 وظيفة، أي 1% من القوى العاملة، ونحو 170,000 وظيفة عند 32 دولارا للساعة. وستنحصر هذه الوظائف المفقودة في الصغار، والمهاجرين من الصين الذين يعملون في المطاعم، وأعمال النظافة، وغيرها. ويضم هذا القطاع المعوقين، وكبار السن الذين يتقاضون أجوراً ضعيفة. ويدخل الحد الأدنى للأجور أيضاً في توسيع دائرة القوانين الخاصة بمزاولة الأعمال التجارية في هونج كونج، حيث تطالب الحكومة المؤسسات بتزويدها بالبيانات الكافية عن العاملين وأجورهم حتى يتسنى حساب الضرائب السنوية. لكن، وبما أن ضريبة الدخل تفرض على الدخول التي تتراوح بين 90,000 الى 100,000 دولار هونج كونج ، فان نحو 60% من العاملين لا تنطبق عليهم هذه الضريبة. لكن تغير هذا الوضع في عام 2000، وأصبحت الشركات مطالبة بتوفير بيانات شهرية، وبخصم 5% من الأجور التي تزيد عن 5,000 هونج كونج دولار في الشهر، بغرض المعاش. وصاحبت هذا القانون قوانين أخرى، مثلاً في 1996 تم سن قانون عدم التفرقة التي تقوم على الجنس، والإعاقة، والوضع الأسري، وفي 2009 أضيف إليه بند العرق. وبفرض المعايير المحلية، أصبحت هونج كونج قبلة للمهن الاحترافية حيث يتجه إليها الأطباء الآن من مختلف أنحاء العالم. ولا تخلو أسواق المنتجات من بعض القوانين أيضاِ. وبالحماس الشديد الذي أبدته هونج كونج لاحتضان التجارة الحرة، جعل متاجرها تعج بكل أنواع السلع من مختلف بقاع العالم. لكن وفي الأول من يوليو الحالي تم تطبيق القانون الذي يلزم بوضع الديباجة على المنتجات الغذائية والذي يستهدف في المقام الأول المنتجات الصينية المغشوشة. وقبيل صدور هذا القانون، نشر مجلس المواد الغذائية تقريراً يفيد أن 10% من المواد الغذائية المحفوظة، لا تطابق الشروط وينبغي سحبها من الأسواق. وفي القطاع المالي، أخذ التدخل الحكومي في الارتفاع. وتم مؤخرا إنشاء شركة الرهن العقاري في هونج كونج بهدف تشجيع امتلاك المنازل. كما أن المصارف في تلك الدولة لا تقدم القروض الكافية، حيث تقوم بتمديد الرهونات التي تغطي أقل من 70 أو حتى 50% من قيمة العقار. وأقامت شركة الرهن العقاري برنامجاً يمكن المصارف من تقديم قروض تساوي أكثر من 95% من قيمة العقار. واصبحت هذه الشركة قوة ضاربة في سوق الجملة من خلال عمليات الشراء، وإعادة بيع الرهونات العقارية. كما أقامت الشراكات الخارجية في ماليزيا، وشينزين الصينية، بالاضافة الى شرائها سندات الرهن العقاري المدعومة في كوريا الجنوبية. وفي رد فعل على الأزمة الآسيوية (1997) تدخلت الحكومة بشكل مباشر في بورصة هونج كونج بشراء الأسهم المحلية. وبالرغم من أن حصتها تم تسييلها بحلول العام 2002، إلا أن صندوق تابع للبنك المركزي، احتفظ بما قيمته 50 مليار هونج كونج دولار. وفي ذروة الأزمة المالية العالمية الأخيرة، أدخلت هونج كونج نظام ودائع التأمين العالمية، والتي رفضتها في ستينيات القرن الماضي. ومن التغييرات الكبيرة الجديدة، سن الحكومة لقانون الاحتكار في 2 يوليو الحالي الذي من شأنه أن يحث على المنافسة. وعمليا، من المرجح أن تمتد صلاحيات الدولة إلى القطاعات الخاصة، مع ترسيخ الاحتكارات المستقرة والمرتبطة بالدولة. ولا يقل تدخل الحكومة في قطاع المواصلات عن غيره من القطاعات. وبتحويل مدخل نفق كروس هاربر لادارة الحكومة في 1999، وصلت الأعمال فيه إلى طريق مسدود، خاصة وأن رسوم عبوره منخفضة. أما المطار الجديد، فقد تم تشييده كمرفق قائم بذاته بالرغم من أنه يمكن أن يدرج تحت لواء الحكومة في أي وقت. كما تولت الحكومة بصورة مباشرة تنفيذ اثنين من المشاريع الجديدة، الجسر المؤدي إلى مكاو، والطريق السريع الى مدينة جوانزو بالصين. وكان الناس يعتقدون قبل سنوات قليلة أن تدخل الحكومة في شؤون الاقتصاد سيتقلص بمرور الوقت، لكن استمرار ذلك يظهر جلياً في مشروع “ديزني لاند”، و”سايبر بورت؛ للشركات العاملة في مجال الإنترنت. وتظل هونج كونج ولحد كبير، مكانا يعج بالنشاط والحيوية، والمشاريع التجارية، لكن ما يعكر صفوها قلة الإنفاق الحكومي لما دون المستويات الأوروبية. كما أن ثمن التدخلات الحكومية يستغرق بعض الوقت لينعكس صداه، وربما يكون من الصعب تقييمه آنذاك، خاصة في وقت تنمو فيه الصين بسرعة كبيرة. لكن، وبالرغم من ذلك، فان التجربة الاقتصادية الفريدة لم تأت لنهايتها بعد. عن «إيكونوميست»
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©