الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

باروخ سبينوزا.. «أمير الفلاسفة»

باروخ سبينوزا.. «أمير الفلاسفة»
16 يونيو 2018 21:02
علي البزاز (الرباط) تحقيقاً لمشروع اشتغل عليه طيلة عشر سنوات، أصدر الدكتور أحمد العلمي رئيس مختبر الفلسفة والمجتمع بجامعة بن طفيل بالقنيطرة المغربية، سلسلة من الأعمال الأكاديمية المتميزة حول الفيلسوف الهولندي باروخ سبينوزا؛ ترجمة وتقديماً وتعليقاً لدى دار «أفريقيا الشرق» وهي: «الإشكال الأخلاقي في فلسفة سبينوزا وفي تاريخ الفلسفة السبينوزية» للكاتب فكتور دلبوس، وهو أستاذ الفلسفة بجامعة السوربون، اشتهر باهتماماته بالفلسفة الألمانية والفرنسية، و«الفلسفة السبينوزية» للكاتب ذاته، و«دروس السوربون؛ الطبيعة والحقيقة في فلسفة سبينوزا» للكاتب فردنان ألكييه، أستاذ الفلسفة بجامعة السوربون، الذي اشتهر هو أيضاً بأعماله حول كانط وديكارت وماربرانش. وقد سبق للدكتور العلمي أن أصدر «سبينوزا: الأتيقا» و«سبينوزا في الفلسفة والأتيقا والسياسة»، وهكذا نستطيع أن نرى مشروعاً سبينوزياً عربياً، يمثل نسقاً معرفياً شمولياً عن فكر سبينوزا متضمناً في الآن ذاته كل القواعد الأساسية في الاشتغال على المتن الفلسفي من الشروحات والتعليقات والحواشي، التي تمكّن القارئ العربي من الدخول إلى عالم سبينوزا، وتفتقر إليه المكتبة العربية كمشروع متكامل. وقد اضطهد سبينوزا وفلسفته في حياته، ولكنه ظل بحق فيلسوف التفاؤل والإيجابية، محترماً الاختلاف والغيرية، ولم يجرِ تبعات اضطهاده الشخصي على فلسفته، بل استثمرها في مصالحة الكائن مع وجوده، فكان بحق فيلسوف التنوير والعقلانية، مادحاً القوة في الإنسان، انتصاراً على الضعف والهزيمة، وهكذا تأثر في فكره، جلّ فلاسفة الاختلاف؛ نيتشه، فوكو ودولوز الذي يقول عنه «إنه أمير الفلاسفة» وقد عكف على دراسته كثيراً ما يمكن القول بسبينوزية دولوز، بل وحتى العلمي، فقد وفد إليه عن طريق دولوز أيضاً. يقول مارسيال غيرو كشهادة فكرية قيمة على عمل فكتور دلبوس، «إنه لا يخطئ أبداً»! مما يعني أن القراءات والتأويلات للنص السبينوزي قبله (دلبوس) كان الأغلب منها مخطئاً ومعنّفاً له، بمعنى، أن اشتغال مؤلف السبينوزية كان دقيقاً على الرغم من الاختصار الذي مارسه في عمله، الذي ظل يحظى باهتمام الباحثين والفلاسفة بعد نشره، فها هو دولوز يصفه بأنه «عرض شديد الدّقة، إنه عبارة عن مُلخص شارح لمؤلف (الأتيقا)»، موصياً طلابه «إذا أحسستم بالرغبة في قراءة مراجع حول فلسفة سبينوزا، فكتاب دلبوس يجب قراءته» وعليه، فإن العلمي باختياره الاشتغال على كتب كهذه وتعريبها وشرحها ثم تقديمها إلى القارئ العربي، فإنه يعي خياراته الفلسفية التي تتوخى الدقة والمناقشة، بحسب ما تقتضيه المشاريع الفلسفية الجادة، ولا يترك النصوص تسير على سجيتها. إننا نحتاج في عالمنا، الذي تطغى فيه أشكال التعصب وعدم الصفح والانهيارات الشخصية إضافة إلى المجتمعية، إلى فلسفة سبينوزا العقلانية، وإلى السعادة، والتصميم ومقاومة النكوص، كما نحتاج المسألة الوجودية والمعرفية، والسياسية، التي عالجها فكر سبينوزا، فالخلاص بحسبه «إننا محكومون بقدرنا، الذي هو قدر تام. إن ارتباطنا بالله هو الأداة الفعّالة لخلاصنا، بمعنى أنه لا دخل للإرادة في ذلك. إن الضرورة هي أساس الخلاص»، ثم قال في ما بعد هايدغر «وحده الله هو من ينجينا». يضاد فكر سبينوزا كل معرفة متعالية أو مدعية الأصل، فلا وجود للأصل، بل كل شيء يكمن في التصادي.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©