الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الموصل: العرب والأكراد... على «خط الزناد»!

الموصل: العرب والأكراد... على «خط الزناد»!
24 يوليو 2010 22:21
لطالما تعرضت مباني هذه المدينة، التي تعتبر إحدى أهم مدن العراق، لقصف المدافع، حيث تصادفك على جدرانها الثقوب والندوب التي خلفتها آلاف طلقات الرصاص التي تعرضت لها. ولكن بخلاف كثير من المدن والمناطق العراقية الأخرى التي شهدت هدوءاً ملموساً خلال السنوات الأخيرة الماضية، تتسم آثار النزاع المسلح الذي تحمله مباني الموصل بكونها حديثة. وتعتبر الموصل والمناطق المحيطة بها في محافظة نينوى، مسرحاً مصغراً لأشد نزاعات العراق التهاباً وبعداً عن الحل حتى الآن. وبينما تستعد الولايات المتحدة لبدء خفض عدد جنودها المرابطين في العراق منذ الغزو إلى نحو 50 ألف جندي فحسب بحلول بداية شهر سبتمبر المقبل، لا تزال النزاعات بين زعماء العشائر السنية العربية والكردية مستمرة على الأراضي المختلف عليها، بينما يصارع المسؤولون الحكوميون على المستويين المحلي والمركزي من أجل فرض السيطرة الحكومية. وبين هذه النزاعات المختلفة، يتواصل تسلل المتمردين من المنطقة وإليها عبر الحدود المشتركة بين العراق وتركيا وسوريا، وهي حدود تصعب السيطرة الأمنية عليها. وفوق أحد جدران مباني الموصل تقرأ عبارة: "سوف نبقى هنا شوكة في خاصرة الأميركيين". وهي نبوءة يبذل الأميركيون جهداً كبيراً لتفاديها فيما يبدو. ويركز الجنرالات العسكريون والمدنيون على حد سواء جهودهم على هذه المدينة حتى لا يخلفوا فيها وراءهم قنبلة موقوتة تهدد استقرار الحكومة العراقية التي يجري تشكيلها الآن، وكذلك القوات الأميركية التي ستبقى بعد الانسحاب لبعض الوقت، قبل أن يكتمل انسحاب جميع القوات بنهاية العام المقبل. وكانت الهجمات قد انحسرت نوعاً ما في محافظة نينوى، غير أنها تظل، مع ذلك، أكثر مناطق العراق عنفاً والتهاباً. ويسود شعور عام بعدم الثقة في مختلف فصائل القوات الأمنية العراقية المسؤولة عن تنظيم دوريات الحراسة بين معظم سكان مدينة الموصل الذين يقدر عددهم بنحو 1.8 مليون نسمة. يذكر أن الجنرال "راي أوديرنو" القائد الأعلى للقوات الأميركية في العراق، ألمح مؤخراً إلى احتمال أن تكون هناك حاجة لنشر قوات حفظ سلام تابعة للأمم المتحدة في بعض المناطق العراقية، عقب انسحاب القوات الأميركية المقاتلة منها. وتعد الجماعات المتمردة هنا هي الأكثر إثارة للقلق الأمني، لكونها تستغل النزاعات العربية السنية- الكردية على الأرض. وبينما هدأت الجماعات المسلحة والفصائل السنية في أجزاء كبيرة من العراق خلال السنوات الأخيرة الماضية، بقيت الجماعات الناشطة في نينوى على عنفها وتمردها. وفي تصريح له الأسبوع الماضي، أكد الجنرال أوديرنو للصحفيين أن القوات الأميركية والعراقية نجحت في قتل واعتقال عدد كبير من قادة تنظيم "القاعدة" العراقي في مدينة الموصل. ومع ذلك ظل التنظيم ناشطاً وقادراً على شن هجمات دموية في المناطق الصحراوية المحيطة بالمدينة. وخلال الشهور الستة الأولى من العام الحالي، لقي 422 شخصاً حتفهم جراء أعمال العنف، حسب إحصاءات مشرحة المحافظة. وفي الوقت نفسه تجاوز عدد الجرحى والمصابين 1100 مصاب وجريح. وتفوق نسبة القتلى في المحافظة ما هي عليه في محافظة الأنبار بنحو ثلاث مرات، مع العلم أن هذه الأخيرة كانت معقلاً رئيسيّاً لنشاط التمرد. ويجدر بالذكر أن القوات الأمنية في المحافظة، ينظر إليها على أنها طرف رئيسي في المشكلة. ويعتقد كثيرون أن قوات الشرطة في المحافظة مخترقة من قبل العناصر المتمردة، بينما يعرف أحد كبار قادة الجيش العراقي في المحافظة، بتكتيكاته الفظة على حد تصريح الجنرال أوديرنو. ولم يكن هذا الجنرال العراقي يتمتع بسمعة طيبة في أوساط العسكريين الأميركيين الذين عملوا معه سابقاً في سجن أبوغريب. ولكنه يحظى بثناء وزارة الدفاع عليه، كما أنه يبدو قائداً عسكريّاً مفضلاً لرئيس الوزراء المالكي الذي لا يرد له طلباً من وزارة الدفاع. غير أن جزءاً من المشكلة -كما تراها وحدتا الشرطة العاملتان في مدينة الموصل- يتلخص في ضعف الاتصال بين مسؤولي الوحدتين الأمنيتين من جهة، وبينهم وبين مواطني المدينة من جهة أخرى. وعلى حد قول "أثيل النجيفي" محافظ نينوى، فإن ثمة مشكلة في الاتصال بين قوات الشرطة والمواطنين بسبب ضعف الثقة بين الطرفين. واستطرد النجيفي مؤكداً وجود حوالي خمس إلى ست مجموعات استخبارية تابعة للأجهزة الأمنية تعمل في المحافظة. وتتبع كل واحدة منها لحزب معين في بغداد. وتكاد تنعدم الثقة بين هذه المجموعات أو الأجهزة الاستخبارية، ما يؤدي أحياناً إلى بعض المناوشات فيما بينها. وزيادة على هذا أن الأكراد لا يظهرون ودّاً للنجيفي، لأنه في نظرهم مواٍل بمشاعره الوطنية للعرب ومعاد للأكراد. وهذا هو السبب الذي يمنعه من فرض سيطرته الأمنية على المحافظة، بدليل عدم قدرته على الوصول إلى المناطق الكردية منها. أما الصراع الرئيسي بين الأكراد والعرب فيتلخص في رغبة الأكراد في ضم الأراضي التي يعتبرونها كردية إلى إقليمهم الذي يتمتع بنوع من الحكم الذاتي، بينما يريد العرب لجميع أراضي المحافظة أن تبقى تحت سيطرة الحكومة المركزية في بغداد. وتطلق تسمية "خط الزناد" على تلك الأراضي، لكونها قادرة على إثارة النزاعات والمواجهات المسلحة بين الأكراد والعرب في أي وقت. هذا ولا يزال القادة العراقيون يواجهون صعوبة كبيرة في تشكيل الحكومة الجديدة، على رغم مرور أربعة شهور على الانتخابات العامة. وعلى أية حال، فستظل هذه المناطق والأراضي المتنازع عليها تحديّاً أمنيّاً كبيراً في انتظار من تقع عليه مسؤولية قيادة الحكومة الجديدة في بغداد. ليلى فاضل - الموصل ينشر بترتيب خاص مع خدمة "واشنطن بوست"
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©