الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

هايتي: تفشي الجريمة في مخيمات النازحين

24 يوليو 2010 22:22
إذا لم يكن الاهتمام بشؤون 2000 متضرر من ضحايا الزلزال الذين تكتظ بهم ساحة المدرسة في جو حار ورطب صعباً بما يكفي، فإن على "جون روبرت تشارلز" أن يقلق اليوم بشأن مرتكبي جرائم الاغتصاب أيضاً. وتشارلز هذا هو العمدة الفعلي لمجموعة خيام تملأ مدرسة وملعباً لكرة القدم في منطقة ماتيسان بأحد أطراف العاصمة الهايتية المبتلاة بتفشي العصابات. فقد ولَّدت سلسلة من جرائم الاغتصاب ارتُكبت خلال الأسابيع الأخيرة الخوفَ في هذا المخيم ومخيمات أخرى مجاورة، لتنضاف بذلك الجريمة والهم الأمني إلى قائمة طويلة من المشاكل والمنغصات التي تواجه السكان النازحين عن ديارهم بسبب زلزال 12 يناير. ويقول تشارلز: "لا توجد إنارة، ولذلك فنحن لا نرى شيئاً. كما أننا لا نملك أسلحة، وكل ما لدينا مصباحان محمولان فقط". وبعد الزلزال، حل هدوء نسبي محل المخاوف من حدوث اضطرابات عنيفة، وهو أمر ساهم فيه الحضور العسكري الأميركي الكبير خلال الأشهر الأولى، إضافة إلى 3500 جندي من قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، والشرطة الأجنبية. وكان نشاط عصابات الجريمة هاجساً مؤرقاً في بورت أوبرانس وقتها، ولكن المسؤولين الدوليين قالوا إنهم تمكنوا من السيطرة عليها عموماً. غير أن النزوح الجماعي اللاحق ساهم في انعدام الأمن؛ إذ يعيش الآن حوالي 1.5 مليون شخص في 1300 مخيم، حيث ينامون بجوار غرباء، وليست لديهم أبواب يقفلونها. والحال أن العصابات الإجرامية التي كانت هادئة نوعاً ما بعد الزلزال بدأت تنشط من جديد، ولاسيما أن المئات من زعماء العصابات فروا بعد انهيار السجن المركزي خلال الزلزال، ما أدى إلى هروب أكثر من 4000 من أصحاب القضايا والسوابق العدلية. وعلى رغم أن السلطات تمكنت من اعتقال أكثر من 830 شخصاً، بما في ذلك المئات من الفارين، إلا أن العصابات بدأت تعيد تنظيم نفسها وتزداد جرأة، كما يقول المسؤولون. وفي هذا الإطار، يقول إدموند موليت، الممثل الخاص لأمين عام الأمم المتحدة في هايتي، عن الفارين: "إنهم ليسوا ميكانيكيين أو نجارين أو أصحاب مهن. والشيء الوحيد الذي يتقنونه هو الإجرام وتكوين العصابات". ويوضح موليت أن سكان المخيمات يبلِّغون عن كثير من الجرائم، مثل حيازة السلاح، وعدد متزايد من جرائم الاغتصاب، في بلد يعاني أصلا من ارتفاع معدل أعمال العنف ضد النساء. كما يبلِّغ عمال المساعدات أيضاً باستمرار عن محاولات ابتزاز. وأمام هذا الوضع الصعب، قامت قوات الأمم المتحدة بزيادة عدد الدوريات التي تسيِّرها، إلا أن مهمتها تظل صعبة نظراً لكثافة حجم النزوح وتصميم المخيمات المؤقتة الذي يشبه المتاهة. وفي ساحة المدرسة التي تحولت إلى مخيم لإيواء النازحين، يقول تشارلز، وهو رجل أربعيني ثرثار شعره مقصوص وجبينه متجعد، إن الشرطة الهايتية لا تتحرك بسرعة، وكثيراً ما تربطها علاقات مشبوهة بالشبكات الإجرامية التي يفترض أنها تحاربها: "إننا لا نعتمد على الشرطة. وأملنا في أنفسنا فقط". والواقع أن لدى تشارلز أوجاع رأس كثيرة. فهو يحتاج إلى مزيد من الخيام لأن معظمها مكتظ -ففي أحد الأيام الماضية مثلا اضطر 18 شخصاً للنوم في العراء على الأرضية الإسمنتية الصلبة! كما أن لدى السكان أسئلة لا تنتهي بشأن مصيرهم، ولكن تشارلز لا يملك أجوبة عليها. وقد دفعت جرائم الاغتصاب التي ارتكبت مؤخراً مشكلة الأمن إلى صدارة الأجندة. فقد تم الإبلاغ عن خمس جرائم في مخيم مجاور، ووقعت جريمة واحدة على الأقل في مخيم تشارلز، حيث هاجم أربعة رجال امرأة في الثانية والعشرين من عمرها داخل خيمتها، كما يقول، وذلك في وقت كان فيه المتطوعون المكلفون بحفظ الأمن منشغلين، إذ كانوا يحاولون جاهدين وقف فيضان نتج عن الأمطار الغزيرة. وحين تم اكتشاف أمر المهاجمين، أطلقوا النار في الهواء ولاذوا بالفرار. ويقول تشارلز إن المهاجمين يستطيعون دخول مخيمه عبر ثغرة في الجدار المحيط بالمدرسة أحدثها الزلزال ويبلغ عرضها 18 متراً، مضيفاً أنه يريد سدها ولكنه لا يملك المال للقيام بذلك. أما "هيذر لورنزن"، وهي ممرضة تعمل مع "الهيئة الطبية الدولية" التي تعرف اختصاراً بـ"آي. إم. سي" ويوجد مقرها في لوس أنجلوس، فتتولى رعاية ضحايا الاغتصاب، حيث تأخذهن إلى أحد المستشفيات من أجل العلاج، وتقوم بترتيب إجراءات حصولهن على مأوى جديد. يذكر هنا أن من بين ضحايا الاغتصاب طفلة لا يتجاوز سنها 12 عاماً. وقد عقدت "لورنزن" مؤخراً اجتماعاً مع شرطة الأمم المتحدة والجيش الأميركي ومشرفي المخيمات من أجل مناقشة سبل تحسين الظروف الأمنية في محيط المخيمات. وفي هذا الإطار، قام عمال إغاثة، الأسبوع الماضي، بنصب عدد من أعمدة الإنارة التي تعمل بالطاقة الشمسية. وفي هذه الأثناء، يقول تشارلز إنه يرغب في تزويد فريقه الأمني المؤلف من 25 عضواً بسترات وهراوات وصفارات لجعل عملهم أكثر راحة بعض الشيء، ولكن مع ذلك يشك بقوة في أن تكون هذه التدابير كافيّة وحدها في وجه العصابات العنيفة. ولذلك، بات يفكر في وسيلة أفضل وعن ذلك يقول: "إننا في حاجة إلى أسلحة". كين إيلينجوود - بورت أوبرانس ينشر بترتيب خاص مع خدمة "إم سي تي إنترناشيونال"
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©