الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مواقف وطرائف في مقصورة ترام دبي

مواقف وطرائف في مقصورة ترام دبي
25 سبتمبر 2016 14:11
أحمد النجار (دبي) قصص يومية.. وقائعها وأحداثها بين ناطحات السحاب، رغم أنها تحدث على الأرض مع ركابه، الذين يعتبرونه شاهداً حياً على ذاكرة المدينة التي فتحت ذراعيها للزائرين والمقيمين من جنسيات وثقافات الشعوب على اختلاف عاداتهم وأنماط طبائعهم.. هكذا يصف كثيرون من عشاق ترام دبي، رحلاتهم وتجاربهم التي لا تخلو من قصص وطرائف ومواقف وذكريات وصور «سيلفي» يحتفظون بها في مفكرة هواتفهم وتلافيف خواطرهم، ويعيشون لحظات التواصل والتفاعل اليومي في جو من الرفاهية والفخامة داخل وسيلة مواصلات نظيفة مجهزة بأحدث تقنيات ومعايير السلامة العالمية منذ إطلاقه عام 2014. خصوصية وتعتبر مريم الصفار، أول سيدة إماراتية تقود الترام في الشرق الأوسط، أنه يعد واحداً من أفضل أنواع ترامات العالم، كونه بيئة مكيفة بمقصورات مخصصة للمعاقين وكبار السن ومقصورات عائلية للنساء والأطفال. وخلال جولة ميدانية قامت بها «الاتحاد» لرصد قصص ومواقف انطباعات من حياة الركاب اليوميين، الذين أكدوا في أحاديثهم وقصصهم مع ترام دبي أنه يحظى بإقبال كثيف من قبل الزوار والمقيمين والسياح، ليس بصفته وسيلة نقل مريحة وحسب، بل لكونه مقصداً سياحياً لرحلة ترفيهية وفسحة تأمل للاستمتاع بأجواء معالم وخصوصية أماكن تحتفي بها الحواس وتتنفس مناظرها العين، حيث تبدأ رحلته من منطقة المرسى، وتمتد على طول شارع الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود «الصفوح سابقاً» ، وصولاً إلى مرآب الترام بالقرب من أكاديمية شرطة دبي. محمد أمير الدين هندي يستخدم الترام يومياً بحكم عمله في أحد المطاعم القريبة، معتبراً تجربة ركوب الترام وسيلة متاحة أمام الجميع، فهو يعمل طوال أيام الأسبوع، مشيراً إلى أنه كان يخشى في بدايات افتتاحه من حدوث حالات اصطدام بسيارات محتملة قد تعترض مسار الترام بالخطأ، لكن أمير الدين أصبح مطمئناً عندما لاحظ الانضباط والحذر، لافتاً إلى اللوحات الإرشادية التي تسبق مناطق مرور الترام، التي تقدم نصائح وتنبيهات للسائقين لمنع حدوث أي تجاوزات تتسبب بحوادث ما. رفاهية التنقل وذكرت جينا زهيري بلجيكية من أصول جزائرية، أنها لطالما صعدت قطارات ترام ومترو بعواصم أوروبية عديدة، لكنها لم تشعر برفاهية التنقل إلا في ترام دبي، موضحة أنه يتميز بالفخامة وعدم الزحام الشديد، بالإضافة إلى نظافته ورحابة مقصوراته، والأهم أن الأجرة بمتناول الجميع. وأضافت: خلال أكثر من عامين منذ افتتاح الترام، عشت بين مقصوراته يوميات مليئة بذكريات ومواقف جميلة، وتجعلني أمارس عاداتي الصباحية في تأمل وجوه الناس المبتسمين، خاصة الأجانب وهم يستشرفون يومهم بكثير من تفاؤل وبتبادل تحيات وابتسامات، وهذا يسهم، حسب زهيري، في استهلال صباحها بوجوه فرحة، ولا تتردد في تبادل أحاديث وتحيات مع ركاب يوميين يصادف حضورهم توقيت دوام عملها نفسه. وعن سبب وصفة الحياة في مقصورة الترام بـ «بالطاقة الإيجابية»، يقول عبود سعد الدوسري «سعودي»: تعلمت في شوارع أوروبا سواء في لندن أو روما أو فرنسا، أن حياة المحطات والقطارات والمطارات تجلب نوعاً من السعادة، كونها مليئة بحركة البشر وانفعالاتهم وضحكاتهم وأشياء جميلة، وفي ترام دبي وجدت أنها تضفي نوعاً من الاكتشاف المحبب والتفاعل الإنساني الأرقى، خصوصاً مع جنسيات مختلفة من شعوب العالم الذي يتواجدون في دبي للسياحة أو العمل. ويضيف: كنت أعاني الزحام والبحث عن تاكسي قبل افتتاح الترام، وكانت مناطق الجذب التي تستهويني مع العائلة موجودة في منطقة «جي بي آر»، لذلك فإن الترام اختصر عليّ الوقت والمال ومعاناة البحث عن تاكسي، فلا يخلو أي مشوار عبره من مواقف وطرائف وأحاديث عابرة وتصرفات الناس التي تعلمني دروساً من سلوكيات وثقافات وطبائع جميع الجنسيات. التعامل مع الناس الترام يشبه الكتاب صفحاته وجوه الناس، وكلماته أحاديثهم وتصرفاتهم واليومية ومكالماتهم الطارئة، وتعليقاتهم وتمتماتهم وحواراتهم الجانبية مع بعضهم، هكذا يعبر مراد ولد الحسن إعلامي موريتاني يعمل في إحدى المحطات الفضائية في «ميديا سيتي»، مضيفاً: إنه عالم ساحر يعلمنا فنّ الفراسة والحب والذوق وحسن الأناقة واللباقة وفنون «الإتكيت»، من خلال وجوه كثيرة نتأمل ملامحها يومياً، ونقرأ عبراتها، ونفك طلاسم غموضها وأسرار عبوسها أحياناً، هنا في الترام أتعلم حرفة التعامل مع الناس بمختلف جنسياتهم، فقد تخليت عن سيارتي بسبب زحمة المكان أحياناً وعدم توافر مواقف للسيارات، وكنت أخسر الكثير من الوقت يومياً بحثاً عن موقف قريب من عملي، حتى نصحني أحد الزملاء بارتياد الترام بدلاً من دفع أجرة المواقف لساعات طويلة، وأتمنى أن يتحول سكان دبي إلى استخدام وسائل النقل العامة كونها أفضل الحلول لمشكلة الزحام في أوقات الذروة. وعن أبرز مواقفها الطريفة في الترام، تروي رويدا سلامة موظفة: جلست بجواري سيدة عجوز يبدو من هيئتها أنها أفريقية، وفجأة غطّت في النوم، ولم أستطع إيقاظها أو تغيير مكاني لعدم وجود مقعد شاغر قريب، وحين رن هاتفها، استيقظت ثم نزلت مسرعة دون وعي ونسيت بعض أشيائها، فضحك الجميع، وتلفت رويداً: لا أملك سيارة ولا يهمني أمرها، طالما أن وسائل النقل تفي بالغرض بخدمة سهلة ومميزة، فأنا استخدم الترام، إلى محطة المترو للوصول إلى «دبي مول»، حيث أعمل في أحد محال التجارية، وبين الترام والمترو، أقطع رحلة يومية تستمر 40 دقيقة، لكنني أشعر بارتياح ومتعة لركوب وسائل النقل، خاصة الترام، فالتعامل مع الناس ويومياتهم أفضل من «توصيلة» بوساطة سيارة أجرة أو خاصة، لا سيما قبل الذهاب للعمل. تجربة وتشير سامانثا راهول هندية إلى أن توافر شبكة نقل متطورة في دبي وأبرزها الترام، جذبت الكثيرين لارتيادها، خاصة في الأماكن المكتظة بالسكان والأعمال، وتقول: لا أتخيل نفسي أقود سيارة وأذهب إلى عملي، معتبرة أن قضاء 5 ساعات يومياً في قيادة السيارة يسبب العزلة بين الناس، وفق دراسة أجرتها جامعة بريطانية - حسب قولها -، كما أن زحام السير يرهق الأعصاب، ويعكر صفو المزاج، بينما رؤية الحوادث أو التسبب فيها يسبب أمراضاً وعقداً نفسية. أجمل موقف طريف عشته في الترام، هو حين سقط رجل على الأرض بسبب وقوفه المفاجئ ليسمح لإحدى السيدات بالجلوس مكانه، لكنه لم يتماسك نفسه بسبب حركة الترام السريعة، فضحك الجميع، ما جعل السيدة نفسها تطلب إليه العودة إلى مكانه، وعدم القيام فجأة من السكون إلى الحركة، كأنها تلقنه درساً.. بهذا الموقف يستهل عثمان أحمد سوداني حديثه عن تجربته في الترام، مفيداً أنه يستخدم الترام منذ فترة وجيزة، كي يوفر أجرة التاكسي التي ينفقها للذهاب إلى عمله في منطقة الصفوح. وموقف آخر بلسان ماريو رينغولي فلبيني، يقول: فقدت هاتفي في محطة مرسى دبي، وحين اتصلت به رد عليّ الشرطي المناوب، بالعودة لتسلمه من المحطة نفسها، مفيداً بأنه تعرض للكثير من المواقف المحرجة، ففي ظهيرة أحد الأيام، كان متعجلاً لأمر طارئ لدرجة أنه نسيّ فيها تمرير بطاقة نول على الجهاز، ومن سوء حظه فوجئ بالمفتش الميداني يتفحص بطاقته ويحرر له مخالفة ويطلب منه دفع غرامة فورية.. ويضيف: أنا أستخدم الترام لأكثر من5 مرات في اليوم ، وأجد متعة كبيرة في التنقل؛ لذا لا لن أشتري سيارة خاصة. صديق البيئة المواصلات العامة صديقة للبيئة، وتسهم في تعزيز ثقافة التعايش والتواصل الحضاري، وتخلق تعارفاً بين الشعوب، وأجمل القصص والأحداث والحكايات والذكريات الجميلة نعيش أجواءها على متن وسائل النقل، فهي ثقافة تؤمن بها المجتمعات لأهميتها في تعزيز التكافل الاجتماعي، وخلق بيئة نظيفة وتوفير الطاقة وخفض مستوى التلوث والانبعاثات المضرّة، هذا ما قاله أيمن عمارة مصري، مؤكداً أنه تنازل عن سيارته لزوجته التي تعمل في شارع الشيخ زايد، ويقول: بحكم عملي في فندق هيلتون بمنطقة «جي بي آر»، فإن الترام ساعدني كثيراً للوصول إليه باكراً. خدمات مريحة زكريا مراهش مغربي.. لأول مرة يستخدم الترام، وقد استمتع به كثيراً اليوم، مفيداً بأنه ارتاده للذهاب إلى موعد لمقابلة عمل، وتمنى أن يتم قبوله، لكي يغير سكنه إلى منطقة جي بي آر، ويستمتع بارتياد الترام، نظراً لسرعته وسهولته وخدماته المريحة، معتبراً أنه كان ليبذل جهداً في وصف المكان لصاحب التاكسي، لكنه ركوب الترام يوفر السرعة والراحة وسهولة الوصول إلى عناوين وأماكن يصعب على السيارة أو التاكسي بلوغها بسبب الزحام، وعدم توافر مواقف للسيارات. رحلة عائلية لا يعد الترام مجرد وسيلة نقل فقط، لكنه بشهادة كثير من المقيمين ومنهم زاهد أبو الفضل فلسطيني الذي يترك سيارته في مارينا مول ثم يصحب عائلته في جولة عبر الترام، حيث يصفها ب «رحلة عائلية بامتياز»، بدءاً بركوب الترام والاستمتاع بإطلاله سياحية لما يحيط به من أماكن ومبان وأجواء، ومروراً بجمالية ما يمكن التقاطه من صور سيلفي على خلفية معالم دبي الأكثر إشراقاً وجاذبية وفخامة، حيث ينعم بروعة المنظر ورفاهية التنقل بين سلسلة أبنية وأبراج شاهقة من ناطحات السحاب، وانتهاء بسهولة الوصول إلى المقاصد الحيوية، والمطاعم والمتنفسات العائلية والوجهات التي تجتذب السياح والمقيمين معاً. تجربة مثالية تقول علياء نصري، تونسية لم تكمل العام في منطقة الصفوح بدبي: رغم حرارة الصيف إلا أنني لا أكاد أشعر بها حين استقل الترام، فأنا لا أحتاج إلى وقت طويل في الوصول إلى جسور المشاة، فهي آمنة ومكيفة، كما هي الحال في جميع محطات الترام كافة، والتي توفر أجواء رائعة وخصوصية ومقاعد مريحة للانتظار والاسترخاء، ويمكن قراءة كتاب ريثما يأتي الترام والذي لا يستغرق 10 دقائق بين رحلة وأخرى، مشيرة إلى أن تجربة الترام مثالية في كل الأوقات طوال أيام الأسبوع، خاصة في المناسبات والأعياد لتجنب الزحام.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©