«فن الممثل» يسهم في تجويد احتراف الممثل

صدر مؤخراً بالشارقة عن مجموعة مسارح الشارقة كتاب “فن الممثل”، للروسي ميخائيل تشيخوف وترجمة نادر قاسم ويقع في مئتين وخمسين صفحة من القطع الكبير، ضمن توجّه جديد لإدارة المجموعة برفد أنشطتها المسرحية بسلسلة من المنشورات المتخصصة بالفن المسرحي. يتشكل الكتاب من ثلاثة كتب: مقالات وحوارات، وتكنيك الممثل، ومحاضرات، تتركز في مجملها على جسد الممثل وفن التمثيل إلى حدّ الاختصاص، وكأن مؤلفها بذلك يتوجه بطروحاته إلى الممثلين أكثر من سواهم من المرتبطين بالعملية الفنية المسرحية كالمخرج ومصمم السينوغرافيا وسواهما. وربما يصحّ القول إنه كتاب من النوع النادر في المكتبة العربية من حيث موضوعه وفكرته، لكنه أيضا يدفع بالمختص في حقله إلى أن يجعل من التدرّب على التمثيل نتاجاً لمنهجية بعينها عندما يحاول المخرج خلق فن للتمثيل ليس متطوراً فحسب بل أيضاً يستطيع الممثل الاستفادة منه في إدراك إلى أي حدّ أن هذا الفن متطلّب جداً حتى يصل الممثل إلى أقصى درجات التعبير عن الشخصية التي يقوم بتجسيدها على الخشبة. إذ أنه بحسب ما يستنتجه المرء من قراءة الكتاب، فإن أمر فن التمثيل ليس متروكا للموهبة أو المقدرة على الارتجال أو حتى لحصيلة الخبرة الطويلة في هذا المجال أو للذكاء العاطفي والخاص لدى الممثل بل هو أداء تقني أيضا. في كتابه الأول: “مقالات وحوارات”، يبدو المؤلف ناقداً مسرحياً ذا مسحة أكاديمية واضحة، أكثر مما أنه صاحب أفكار خاصة بفن التمثيل، على الرغم من وجود الانشغال بهذا الفن إلا أنه ليس محورياً في الكتاب. وربما يكون الكتاب الثاني “تكنيك الممثل”، أكثر كتبه أهمية، ليس لأنه يربط بين الجانبين النظري والتطبيقي، فهذ الربط موجود في الكتب الثلاثة معا، إنما لأنه كتاب في إعداد الممثل المحترف ليكون ممثلاً محترفاً حقاً ولتحفيز الممثل المبتدئ على أن يسعى إلى الاحتراف وفقا لما اكتسبه من أدوات في سنّ بعينها وليس في سنّ متقدمة، حيث تتضاءل مقدرة الجسد على اكتساب أدوات الممثل.