الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

رسالة إلى السيد ميسي

رسالة إلى السيد ميسي
13 مايو 2011 20:09
سأبعث هذه الرسالة إليك يا سيد ميسي عبر موقعك الإلكتروني، وأرجو أن يتبرّع أحدهم ويترجمها لك إلى اللغة التي تتكلم بها، فأنا لا أعرف ما هي لغتك، والشيء الوحيد الذي أعرفه عنك هو أنك تلعب لنادٍ إسباني يدعى «برشلونة». وأعرف أن معجبيك لا يصدّقون أنني لا أعرف شيئاً عنك، لكنني صدقاً لا أعرف، قد تكون من الأرجنتين، فطيف خيالك يمرّ أمامي الآن وأنت ترتدي القميص المخطط بالأبيض والأزرق، فلربما لمحتك في أحد الأيام وأنت تلعب بذلك القميص. حسناً سأقطع الشك باليقين من خلال موسوعة «ويكيبيديا».. إذن أنت «ليونيل آندريس ميسي»، أرجنتيني كما توقّعتُ وتحمل الجنسية الإسبانية، وتُعدّ أفضل لاعب في العالم حالياً، وأعلن مارادونا أنك خليفته. اسمع يا ليونيل، قد تكون إنساناً طيباً وعظيماً من عظماء التاريخ، لكنك المسؤول الأول عن الأضرار المعنوية التي تلحق بي، خصوصاً في هذه الأيام التي ازدادت فيها مبارياتك، لأنني أتوجّه إلى المقهى المفضّل لديّ وفي يدي اليمنى كومة صحف وفي اليسرى كمبيوتر، لأقرأ وأكتب، فأفاجأ بأن المقهى مكتظ بمعجبيك، وأن الطاولات موضوعة في ركن، وساحة المقهى كلها كراسي مرتّبة كأنها مدرجات أمام شاشة تلفزيون عملاقة، وأحمق يهتف لك وأحمق آخر يشتم أمك، وبعض العاملين في المقهى يرتدون قمصان «برشلونة»، والآخرون يرتدون قمصانا لأندية لا أعرفها. فأضطر إلى تغيير المقهى فأواجه بالمشكلة نفسها، لأنه لا يمكن الحصول على لحظة تركيز وسط الصراخ والشتائم والتصفيق، كأنكم في الملعب تسمعونهم وترونهم. وحين أجتمع بأصدقائي فإنك يا بطيخ والكرة التي تركلها بقدمك تحتل فترات زمنية طويلة من الجلسة، وأنا أقعد بينهم مثل اليتيم، لا أعرف ماذا أقول. وأضطر أحياناً، وفي الأيام التي أعرف أنني سأجتمع بأصدقائي، إلى تصفّح الملحق الرياض، لأكون على اطلاع ولو بشكل سطحي على ما يجري في الملاعب، ولأقول ولو كلمة واحدة، لئلا يصاب فمي بالجفاف ولساني بالتكلّس. وإنك يا سيد ميسي تلاحقني في عقر داري، فابني يرتدي قميص «برشلونة» وهو يقفز على الأثاث ويركل الكرة باتجاه الثريا المعلقة في السقف، أو يحمل بين يديه بطاقات عليها صورتك وصور زملائك من «الشوّيتة»، والحمد لله أن لي ابنة يعوّضني حبّها عن حبّ ابني الذي ذهب إليك. أنا لست ضد الكرة ولا الرياضة يا سيد ليونيل، فأنا أحترم كل اللاعبين، والإداريين، والمدربين، والمحللين، وسماسرة الكرة، وكل المشتغلين بالرياضة، ويحقّ لهؤلاء أن يتحدثوا عنك 24 ساعة 7 أيام في الأسبوع، ويتابعوا الكرة حتى الرمق الأخير من حياتهم، لأنهم يجنون من الكرة الأموال ويحققون ذواتهم. لكنني أعتب على الذين لا كرة لهم ولا بغل في الملاعب، وكذلك أصحاب الكروش الذين يستعيضون بالمشاهدة عن اللعب وممارسة الرياضة، ويشعر الواحد منهم بعد متابعة المباراة أنه جرى 90 دقيقة بينما هو لم يتزحزح من مقعده ثانية واحدة، وفوق هذا، فأنهم يصدّعون رأسي بهجماتك المرتدة وتسديداتك المحكمة. ولقد قالها أحد المجانين في كتابه إنّ «الرياضة نشاط عام ينبغي أن يُمارس لا أن يتفرج عليه»، وقارن الرياضة بالصلاة والأكل والتدفئة والتهوية، ثم قال: «من الغباء أن تدخل الجماهير إلى مطعم لتتفرج على شخص يأكل أو مجموعة تأكل». إنني يا سيد ميسي أشعر بالغربة في مجتمعي وبين أصدقائي وفي بيتي، ويبدو أن في العالم فسطاطين، فسطاط الكرة الذي يضم المليارات من البشر، وفسطاط اللا كرة الذي يتكوّن من أشخاص متناثرين هنا وهناك. لكن برغم ذلك، عليك أن تدرك أن أفراد فسطاط اللا كرة يعيشون معكم على هذا الكوكب، وهم لا يعرفونك ولا يبالون بك، حتى لو احترق شعر رأسك، وأنني أدعوك من هذا المنبر أن تضبط تصرفات معجبيك، وتدعوهم إلى احترام خيارات الآخرين. أحمد أميري me@ahmedamiri.ae
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©