السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

جمهور أبوظبي يتفاعل مع فن الكناو المغربي في القرية التراثية

جمهور أبوظبي يتفاعل مع فن الكناو المغربي في القرية التراثية
6 نوفمبر 2008 01:34
أمام أكثر من 5 آلاف مشاهد، وقف فنان ''الكناو'' المغربي حميد القصري يشدو على خشبة المسرح المكشوف بالقرية التراثية بكاسر الأمواج في أبوظبي، ومثل هذا الحفل أمر اعتيادي يشهده جمهور العاصمة بين وقت وآخر، لكن المختلف هو ما يعرف بـ ''فن الكناوي'' الذي حمله إلينا القصري مع فرقته ''كناوة كروسرودس''، ضمن ما يحمله هذا الفن من طابع محمل بجذور سحيقة من الإرث الحضاري الإفريقي والعربي الممزوجة بمسحات من إيقاعات الأساطير والمعتقدات الموغلة في القدم، وملامح من موروث الموسيقى الشعبية المغربية، في إطار موسيقي يجمع شحنات من موسيقى العالم ما بين ''الجاز'' المختلط و''البوب'' وبعض أنماط الموسيقى العربية والموروث المغربي· حميد القصري المولود عام ،1961 في مدينة القصر الكبير بشمال المغرب والذي بدأ أول خطوة مع موسيقى ''الكناوة'' اخءدصء وهو في السابعة من عمره يعتبر اليوم واحدا من أبرز من يقدمون هذا اللون المطوَر من الموسيقى الى جانب كل من المعلمين في الجنوب (صفة معلم هي لقب فنان الكناوي) مثل الغرباوي في الرباط، والمرساوي في الصويرة، والسويسي الامازيغي، وهم من جيل سابق، ومن الجيل المعاصر كل من: محمود غينيا ومحجوب الكناوي ومصطفى الغواف ومصطفى هاكيل ومجيد بقاس وغيرهم· ولكن القصري يشكل اليوم ظاهرة استثنائية، وبخاصة بالنسبة للمهرجانات بعد أن غنى أمام 12 ألف مشاهد دفعة واحدة في ألمانيا، وقدم لونه الجديد أمام مئات الآلاف من المتفرجين في مهرجانات: موسيقى العالم ببرشلونة، ومهرجان الصويرة، ومهرجان فاس، ومهرجان الجزائر للموسيقى الكناوية وعدة مهرجانات وطنية· رسالة محبة حميد القصري تحدث لـ ''الاتحاد الثقافي'' عما يعنيه هذا الفن له فقال: أسعى إلى تقديم رسالة محبة لكافة الشعوب عن طريق الموسيقى، فرسالتي تتلخص في الدعوة لاحترام التقاليد وتدعو للحرية والسلام في قالب موسيقي فريد من نوعه''· وكشف القصري النقاب عن فلسفة ''الكناوة'' وطبيعة هذا الفن بقوله: ''لا نريد الغوص كثيرا في المترادفات والاصطلاحات التي تحاول أن تلصق بالكناوة الكثير من الصفات على أنه فن قريب من فن الزار ويحمل طقوسا إفريقية عتيقة، تفصح عن ملامح غريبة من المعتقدات والأساطير الغريبة، والبعض يقول إن فيها ملامح من الفن البربري، وما الى ذلك من تفسيرات، لكن الثابت لدي أن الكناوي هي فن بصري أقرب الى روح الدراما، فهي بمثابة التعبير عن العواطف والإحساسات المستمدة من الأغاني والأناشيد الدينية والتراث المغربي بلمسات أفريقية، والأحاسيس التي نقدمها عبر برنامجنا تقوم على المزج بين الصوت والإيقاع، صوت الموسيقى وإيقاع الحركات، مما يحدث جوا مناسبا من التعبير الروحي لا سيما في الاغنيات المخصصة لمدح الرسول محمد صلى الله عليه وسلم· ويضيف القصري: في الكناوي قديما وفي مجال الآلات الموسيقية كانوا يستخدمون القراقب والسنتير أو السنطور والطبول الأفريقية، ونحن بالإضافة الى هذه الآلات أدخلنا كافة الآلات الحديثة مع الاهتمام بالوتريات، مما خلق لدينا مناخات من الموسيقى ذات الإيقاعات السريعة، التي تجذب إليها الجمهور وتدفعه الى التفاعل مع الغناء الذي أخرجناه من تقليديته الى مناخات معاصرة مع المحافظة على طقوسه الأصلية المستمدة أساسا من الموروث والثقافة المغربية· ''عيشة قنديشة'' من أهم ما في برنامج القصري وفرقته أغنيته الشهيرة ''عيشة قنديشة'' والسبب في شهرة هذه الأغنية كما ذكر يعود الى أنها مستمدة من التاريخ النضالي للشعب المغربي، فالأغنية تتحدث عن امرأة مغربية مجاهدة عاشت في القرن الخامس عشر وقد سماها البرتغاليون بعايشة قنديشة، كونها تعاونت مع الجيش المغربي آنذاك في محاربة البرتغاليين، ومن أغنياته المشهورة أيضا ''علال يا علال'' و''شالبة'' وهي من التراث الموسيقي الشعبي السوداني، هذا بالإضافة الى جملة من الأغنيات التي تمتدح الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ومنها: محمد العربي، ولا إله إلا الله الشفاعة يا رسول الله· أجواء روحية ولا شك أن نجاح ''الكناوة'' بهذه الصورة وعلى مستوى العالم يعود الى أن هذا الفن بالدرجة الأولى هو فن جمالي، يقوم على نوعية الملابس التي يظهر بها أعضاء الفرقة وعددهم نحو عشرين شخصا ما بين مؤد وعازف، تلك الملابس التي تفصح للجمهور عن طقس فني يكشف بسرعة عن الأجواء النفسية والروحية للأغنيات التي لا تخلو من إيقاعات افريقية واضحة باستخدام الطبول التي تصدر أصواتا قوية، الى جانب استخدام آلات موسيقية صغيرة تحمل باليد وتصدر أصواتا فيها أنفاس قروية أو قل أجواء القبائل، ضمن إيقاع عام يعتمد على الحركة والغناء والرقص الحديث· رقص يتصل اتصالا وثيقا بالميثولوجيا، ويأتي اختلاف هذا النوع من الرقص الذي قدمته الفرقة لجمهور أبوظبي من اعتماده الكبير على الحركة التعبيرية والقفز في الهواء والنزول الى الجمهور لإدخاله في الطقس الفني والحركة في كل أرجاء خشبة المسرح، فالرقص هنا خليط من الفن والفلسفة والدين، ومع أجواء الدخان المتصاعد من جنبات المسرح (في ''الكناوة'' قديما كانوا يستخدمون البخور لتغريب الأجواء) نلحظ لوحة درامية متكاملة تجمع بين الحركة والقوة وبين الحب والعقيدة، وتلك الموسيقى المتصاعدة بما يوحي بأننا في عرض مسرحي موسيقي ولكن على طريقة الكناوة المغربية، حيث إن تاريخ الفن الكناوي ضارب في عمق وجذور التاريخ المغربي وموروثاته الثقافية· وإذا كان مهرجان الصويرة الوطني هو النافذة التي أطل منها هذا الفن الى العالم، فإن الموسم الثقافي الأول لنادي تراث الإمارات الذي استضاف القصري وفرقته هو النافذة العربية التي أطل منها الى الجمهور العربي، إذ يعتبر عرض الفرقة في أبوظبي هو العرض الأول لجمهور عربي، رغم أننا نخشى على هذا النوع من التراث أن يذوب وسط الإيقاعات الغربية لا سيما وأن الكناوة تستوحي إيقاعات ''البلوز'' و''الغوسبيل'' في الموسيقى الأميركية المعاصرة· والأهم من كل ذلك هو أن ''كناوة'' حميد القصري يجب أن تتحمل مسؤولية توضيح معاني الأغنيات للجمهور من خلال كتيب أو منشور يشرح معاني وكلمات الأغاني التي لم تصل الى الجمهور بصورة متكاملة نظرا لصعوبة اللهجة وسرعة الإيقاع· بقيت الإشارة الى أن ما يميز القصري هو حضوره القوي واللافت الذي يسجله في مهرجانات موسيقى كناوة، قد جعل منه واجهة لهذا اللون من الفن، لدرجة أن الجميع يعرفه اليوم ويترقب صعوده على خشبة المسرح نظراً لما يتمتع به من حيوية وتدفق وما تحققه عروضه من متعة بصرية كبيرة، وبسبب ذلك خرجت اليوم العديد من الفرق المغربية لتأدية الكناوة مثل: ''حوسة'' و''دركة'' و''دار الضمانة'' و''كيف سامبا'' وغيرها، لدعم حوار الثقافات بين الشعوب
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©