العروض تتطور مع كل دورة جديدة

المسرح الخليجي يافع ومؤهل لتقبل التجريب· وطوال الدورات الماضية لمهرجان القاهرة للمسرح التجريبي تعرف الجمهور على شباب مسرحي من دول الخليج العربي لا ينقصهم الحماس والدراسة وان كانت تجاربهم أقل لظروف انتاج المسرح في بلدانهم حيث لا يوجد ممثل متفرغ ولا عروض ممتدة· حفلت الدورة العشرين لمهرجان القاهرة للمسرح التجريبي بمشاركات خليجية من السعودية والكويت والبحرين وقطر وعمان وغابت الامارات· نشر الغسيل من الكويت جاءت فرقة مسرح الخليج العربي بمسرحية ''غسيل ممنوع من النشر'' وتناولت الصحفي المهمش الذي تتحول أفكاره الممنوعة من النشر الى هلوسات يقظة· وتجسد الصراع الذي عاشته أسرة مطحونة والاستغلال الذي تتعرض له والتنازلات التي تقدمها لتعيش وتصارع الفقر والحرمان من خلال تذكر مواقف المهانة التي يتعرض لها ''أبو فلان'' على يد ''المعزم'' صاحب البستان الذي يعمل به· واعتمد مخرج العرض ومؤلفه ناصر كيرماني على المزج بين مدرسة اللا معقول والكوميديا السوداء وديكور بسيط أو مسرح شبه خال تملأه حركة الممثلين مع الاعتماد على أدوات بسيطة مثل المقشة التي استخدمها الممثلون كبندقيه والبسوها ثياب فتاة لتؤدي دور الفتاة التي أحبها ''فلان'' الصحفي وحرمه الفقر وأطماع صاحب البستان منها· كما تقمص ممثل شخصية سكرتيرة التحرير التي يقررالزواج منها ليحل مشاكله· وقال ناصر كرماني مخرج ومؤلف العرض: فضلت الارتجال المسبق واعتمدت فكرة تركيب وتوليف التضاد والتنافر لاثارة الجدل في ذهن المتلقي· المسرحي الكويتي فؤاد الشطي أحد مؤسسي المنهج التجريبي في المسرح الخليجي الذي كان عضوا في لجنة تحكيم المهرجان قال: في الكويت نواجه مشكلة في تقديم تجارب مسرحية بسبب الأزمات الاقتصادية وطغيان المسرح الاستهلاكي واستقطاب معظم النجوم من المسرح للتليفزيون· أما الناقد والكاتب المسرحي حمد الرقعي رئيس الوفد الكويتي فقد أبدى انتقادا لعدم اختيار العرض في المسابقة الرسمية للمهرجان رغم الشكل التجريبي الذي تم تقديمه به من خلال الاعتماد على لغة الجسد في بعض جوانبه· من البحرين المخرج عبدالله السعداوي حصل على جائزة أحسن مخرج عام 1995 في المهرجان التجريبي وهو نفسه كاتب عرض ''فجأة لم يهطل المطر'' لفرقة مسرح الصواري البحريني قال: عالجت قضية الهوية من خلال التباس الحقيقة التي لا يمكن الوصول اليها في هذا العالم لأننا نعيش زمن الالتباس واستطاع الواقع الافتراضي في الاعلام ازاحة الواقع الحقيقي ولم تعد كثرة المعلومات تعني امتلاك المعرفة بطل المسرحية محمد الصفار قال: بروفات العرض استمرت أكثر من العام ونتناول فيه الصراع بين شخصين يطاردان بعضهما كالمفتش والمجرم ويتبادلان الأدوار لنكتشف في النهاية انهما شخص واحد· أما مخرج العرض ابراهيم خلفان فأكد أن الممثل كان المفردة الأساسية في العرض الذي ركز على تقنيات الممثل· مستشفى الحرية ومن السعودية قدمت فرقة الجمعية العربية للثقافة والفنون بالرياض عرض ''الرقص مع الطيور'' حيث فوجئ جمهور العرض بلافتة على باب المسرح مكتوب عليها مستشفى الحرية للامراض النفسية فقرر دخول المستشفى ليقف على النماذج التي قدمها المخرج شادي عاشور· وتناولت المسرحية حالات من المرضى النفسيين وكيف ينظرون لأنفسهم والآخرين وكيف يرون الأحداث التي تدور من حولهم مثل سقوط بغداد والوقائع التاريخية مثل هزيمة الصليبيين على يد صلاح الدين الأيوبي· ''الرقص مع الطيور'' أشبه بالأوبريت بمزج الموسيقى بصوت الآذان لتتنوع حسب المشاهد بجانب الأداء الحركي والراقص للممثل خاليا تقريبا من الكلمات باستثناء بضع جمل· وبدأت المسرحية بنداء نسائي يعتذر عن انقطاع التيار الكهربائي في المستشفى ثم دوي انفجارات ليبدأ مجموعة الممثلين رقصاتهم الاليكترونية ليقدموا بعدها نماذج من البشر تعرض الواقع العربي بانكساراته وهزائمه على مر العصور من خلال شخصية احد النزلاء الذي يجسد شخصية صلاح الدين الأيوبي البطل الحلم الذي جعلناه رمزا للنصر والتمسك بالحق· واعتمد شادي عاشور مؤلف ومخرج العرض على المونتاج المسرحي وهو نمط لم يعتده جمهور المسرح العربي ولجأ لعناصر ابهار اهمها الموسيقى والاضاءة والأداء الحركي لممثليه· وقال عاشور أن عدم اختيار العرض في المسابقة الرسمية للمهرجان لم يضايقه خاصة وانه سبقت له المشاركة في المسابقة منذ عامين والجمهور المتنوع الذي شاهد ''الرقص مع الطيور'' يكفيه· ''الجرة'' القطرية وشاركت قطر في المسابقة الرسمية للمهرجان بعرض ''الجرة'' لفرقة المركز الشبابي للفنون المسرحية والذي مزج بين التراث متمثلا في الانشاد القطري واغاني صيادي اللؤلؤ في عهد ما قبل النفط مع الاستعانة بأساطير الصيادين عن المخلوق البحري الغامض والذي لعب دوره بتميز وخفة في الحركة عبدالله البكري· واعتمد سالم المنصوري كاتب ومخرج النص على الجرة رمز الماء العذب في بيئة الخليج للإشارة الى أهم ما يملك الانسان· واستغنى عن الحوار مكتفيا بحركة الجسد وبدأ عرضه بخشبة مسرح خالية من أي ديكور مكتفيا بفرد قماش أزرق للدلالة على موج البحر وقماش أبيض للدلالة على الشراع لتبدأ رحلة الأهوال التي قام بها ثلاثة صيادين يواجهون المخلوق المتوحش الذي ينجح في اخضاع اثنين ويهرب منه كبير الصيادين لكنه يطارده حتى بيته فيغتصب زوجته ويهم بقتل طفله ويستولي على جرة الماء بينما يضع قدمه على الصياد الذي يمسك بطفله دلالة على الأمل في الغد· وكان المخرج موفقا في اختيار من يقوم بدور الغول لكنه كان يحتاج لممثلين قادرين على الأداء الجسدي في باقي الأدوار· واجتهدت ندا احمد التي قامت بدور زوجة الصياد ونجحت في مشهد حورية البحر بأداء حركي منضبط· صراع من عمان وجاء العرض العماني ''بريق في الظلمة'' الذي قدمته فرقة الرستاق المسرحية في أجواء تشبه ألف ليلة وليلة عالم الجن الأسطوري، واختار مخرجه يوسف البلوشي منظرا مسرحيا وحيدا لكهف مصنوع من الخيش ليواجه جمهور المهرجان به طوال العرض حيث يعيش فيه ملك الجن الذي خطف أميرة إنسية ليدور الصراع بين الجن والانس حتى نهاية المسرحية بانتصار الخير· وتنهي المؤلفة أمل السابعية المسرحية بأن نهاية الصراع هي بداية صراع آخر مع الاعتماد على عالم الخيال والسحر· وجاء العرض مازجا بين الموروث الشعبي من غناء وموسيقى عمانية والقضايا العالمية· ورفض يوسف البلوشي مخرج العرض اللجوء للتعبير الحركي أو الجسدي في العرض مؤكدا أنه حتى الآن لم يصل لمفهوم التجريب لكنه يعتقد أن التقنيات المسرحية هي أهم ما يمكن ان يجرب فيه