الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

التضخم يقض مضاجع السودانيين

التضخم يقض مضاجع السودانيين
13 مايو 2011 20:52
يجاهد عبدالقادر ناصر وهو يجلس خلف أرفف مكدسة بعلب التونة والشوكولاته والبن والبسكويت، ليتذكر متى كانت أوضاع تجارته سيئة إلى هذه الدرجة. فمتجره الصغير المزدحم عادة في السوق المركزية في الخرطوم، يكاد يكون مهجورا الآن، إذ إن العملة المحلية التي خفضت الدولة قيمتها دفعت الأسعار للارتفاع، ما أبعد العديد من زبائنه. وقال "تأتي أعداد أقل هذه الأيام للشراء لأن الأسعار تواصل ارتفاعها". وأضاف "في كل مرة أشتري فيها البضائع من التجار أدفع أكثر من المرة السابقة". وقبل شهرين من تحول جنوب السودان الغني بالنفط إلى دولة مستقلة بعد استفتاء أجري في يناير بموجب اتفاق سلام وقع عام 2005 يضاف ارتفاع أسعار المواد الغذائية إلى المصاعب التي تواجه السودانيين الذين أنهكتهم بالفعل سنوات من الصراع والعنف والعقوبات الأميركية. ونجا السودان من الاحتجاجات الحاشدة التي تجتاح العالم العربي، لكن التضخم الذي بلغ 16,5% في أبريل الماضي يزيد الأزمة الاقتصادية سوءا في الشمال الذي يعيش فيه 80 بالمئة من السكان. وبسبب اعتماد شطري السودان على الواردات، فإن نقص العملة الصعبة يكون موجعا. وقال سليمان محمود وهو مدرس جامعي "رغم ارتفاع التضخم لم أحصل على علاوة منذ ثماني سنوات". وأضاف "التضخم يمثل مشكلة كبيرة". ونظمت مجموعات من الشبان احتجاجات صغيرة متفرقة سارعت قوات الأمن بإنهائها، لكن المحللين يقولون إن الضغوط الاجتماعية تتنامى مع اقتراب يوم التاسع من يوليو المقبل الذي سيتحول فيه الجنوب إلى دولة مستقلة ويخسر الشمال 75 بالمئة من إنتاج النفط. وقال علي فيرجي من معهد الوادي المتصدع "من المؤكد أن ارتفاع أسعار المواد الغذائية يشكل تهديدا لاستقرار الدولة". وقال إنه لا يزال يمكن السيطرة على الوضع لكن "الاختبار الحقيقي سيأتي في وقت لاحق هذا العام عندما يتعين على خزانة الدولة التعامل مع انخفاض حاد في إيرادات النفط، في حين تحاول الحفاظ على استقرار مؤشرات الاقتصاد الكلي. ويتوقع المحللون أن يتفق الجانبان في نهاية الأمر على اقتسام إيرادات النفط، لأن الخرطوم وحدها هي التي تملك المصافي وميناء لبيع نفط الجنوب. لكن الشمال سيتضرر على أي حال. وقال صندوق النقد الدولي في أبريل "الاستقلال سيكون له أثر فوري على إيرادات الشمال". وأضاف أن خسائر إيرادات النفط قد تزيد عجز الميزانية بما يصل إلى ثلاث نقاط مئوية من الناتج المحلي الإجمالي. وقال الصندوق "التدفقات الرأسمالية على البلاد... قد تتراجع في الأجل القصير، ما سيسهم في ظهور فجوة تمويلية قد تصل إلى ما بين ثلاثة وأربعة في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في 2012". وتلقي الحكومة باللوم في ارتفاع التضخم ومتاعب اقتصادية أخرى، على العقوبات الأميركية المفروضة على السودان منذ عام 1997 بعدما اتهمت واشنطن الخرطوم برعاية الإرهاب ما صعب دخول السودان إلى العديد من الاسواق. ويعزوها نشطاء معارضون وبعض المحللين كذلك إلى الانفاق المفرط وسوء الإدارة والفشل في إقامة قطاعات غير نفطية وبناء القدرات الزراعية. وقال ناشط شاب شارك في احتجاجات في الفترة الأخيرة "أنفق الكثير على المشروعات الخاطئة وعلى الفساد". وأضاف الناشط الذي طلب عدم الكشف عن هويته "الناس يدركون أن الأمور ستزداد سوءا بعد الانفصال عندما تتراجع إيرادات النفط". وقفز التضخم من 9,8 بالمئة في نوفمبر عندما خفض البنك المركزي فعليا قيمة الجنيه السوداني للقضاء على السوق السوداء وضخ السيولة في القطاع المالي. وقال مصرفيون إن التدفقات بالدولار تحسنت قليلا لأن الحكومة استفادت من ارتفاع أسعار النفط لكن العديد من التجار مازالوا يعانون لدفع قيمة الواردات وحتى المنتجات المحلية التي زادت أسعارها بشدة. وقال البائع حسن وهو يشير إلى جوال من الذرة المحلية "ارتفع سعر الذرة في الأشهر الثلاثة الماضية". وأضاف "نحتاج لمنتجات زراعية مثل الأسمدة من الخارج لإنتاجها، لذلك فإن مشكلة الدولار لها أثر". وهو السبب نفسه الذي أورده البائع ناصر لارتفاع أسعار السكر. وقال بائع لحوم في شارع ضيق تحيط به العديد من المحال الصغيرة التي تبيع كل شيء "كان كيلو الضأن يباع بثمانية جنيهات قبل ثلاثة أشهر والآن يباع بعشرة". وقال البنك المركزي الأسبوع الماضي إن التضخم السنوي تراجع إلى 16,5 بالمئة في أبريل من 17,1 بالمئة في مارس. وارتفعت اسعار المواد الغذائية 18,8 بالمئة بتراجع طفيف عن 20,4 بالمئة في مارس، لكن العديد من السودانيين لا يرون تحسنا. وقالت امرأة عرفت نفسها باسم عائشة وهي تشتري من السوق "نتقاضى انا وزوجي أجرين من عملنا الحكومي لكننا ننفق أغلبهما على الغذاء". وأضافت "ننفق يوميا ما بين عشرة إلى 11 دولارا على الغذاء فقط، هذا صعب للغاية".
المصدر: الخرطوم
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©