الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مستقبل سلام السودان

6 نوفمبر 2008 02:22
التقرير الصادر عن مجموعة الأزمات الدولية هذا الأسبوع حول السودان ومسار العملية السلمية وقراءتها المتشائمة، أثار ردود فعل في الجهات السودانية الجنوبية والشمالية المسؤولة، وجددت لدى الأوساط الشعبية مخاوف قديمة يحاول الكثيرون تجاوزها بالأمل والتفاؤل والحرص الشديد على السلام، وتحسين مبادرة ''أهل السودان'' التي يراها البعض فرصة أخيرة للخروج بالبلد من الأزمات الخطيرة، التي تحيط به وليس أزمة دارفور وحدها· وبرغم عدم الثقة التامة في مصداقية تلك التقارير السياسية، التي يخطها ''الأجانب'' ويصورونها وكأنها خلاصة المعرفة العميقة بأحوال البلاد التي يكتبون عنها، فإن التقرير الأخير عن السودان، الذي أصدرته ''مجموعة الأزمات الدولية ''، يحمل إشارات كثيرة سيتضح لمن ينظر فيها بعمق ومتابعة أنها تحمل من المواقف ''أكثر من المعلومات، وأن مصادرها السودانية التي استند اليها محررو التقرير تحمل رسائل في شكل ''مقترحات''، يريد أصحابها أن تصل لمن يعنيهم الأمر· فالتقرير في إحدى فقراته يحذر من أن تتحول جنوب كردفان إلى منطقه نزاع مثل دارفور وإن بوادر اندلاع حرب أهلية جديدة في السودان أصبحت على الأبواب· وقال مسؤول مشروع القرن الأفريقي في المجموعة (يجب على حكومة الخرطوم أن تسارع إلى معالجة الظرف المتردي أو أن تواجه خطر اندلاع نزاع جديد دام)، وأن مصداقية اتفاقية السلام الشامل على المحك، فإذا فشلت في تسوية النزاعات القائمة على طول الحدود بين الشمال والجنوب، فلن تتمكن من طرح حلول جديرة بالثقة لمعالجة نزاعات أخرى مثل دارفور)! والاشارات- الرسائل وهي كثيرة في التقرير المعنون (السودان فرصة في قلب الأزمة) فمثلاً يقول التقرير إن الاستطلاعات تشير إلى أن الأغلبية الساحقة من الجنوبيين ستصوت للاستقلال (الانفصال عن السودان)، إذا منحوا الفرصة في الاستفتاء عام (2011 ) لماذا؟ (لأن عدم الثقة ورحيل د· جون قرنق وموقف حزب المؤتمر الوطني ازاء مشكلة دارفور كلها عوامل أدت الى تراجع '' خيار الوحدة الجاذبة '')- الذي وعدت به الأطراف الموقعة على نيفاشا والضامنون لاتفاقيه السلام الشامل- لم يعد وارداً بالنسبة لأغلبية الجنوبيين الساحقة· وإن المجتمع الدولي (ما هو هذا المجتمع الدولي؟) يرى- حسب التقرير- أن أزمة السودان أكبر من مشكلة دارفور ··· والحل؟ (أن تناولاً شاملاً لتقاسم السلطة يظل الوسيلة الوحيدة، لكي يتجنب المجتمع الدولي حرباً دموية طويلة تعم غالبية مناطق السودان)! صحيح أن ثمة مشاكل وعقبات كثيرة ما تزال تواجه المسيرة السلمية التي سعى لها ومنحها الأمل أهل السودان لأنهم أدركوا أن الحرب الأهلية لن تحل أي مشاكل سودانية مزمنة وأن تكلفة الحرب الأهلية من الأرواح والدمار والثروات لم يعد بمقدور أي أحد أن يدافع عنها أو يدعو إليها ··· والسودانيون يعلمون أن طريق السلام طريق طويل، والسير عليه شاق، بل أكثر مشقة من الحرب، وأن العمل من أجل استدامة السلام هو الهدف الأعلى الذي من أجله ضحى من ضحى وتنازل من تنازل عن مصالحه الحزبية، وإنهم -السودانيون - قد أدركوا في خاتمة المطاف الدموي أن مسؤولية صنع السلام الأهلي وحراسته تقع عليهم أولاً وأخيراً، وهي مسؤولية تعلو على أى مسؤولية حزبية أو جهوية· وصحيح أنه ما تزال هنالك أصوات ومواقف تشكك في مصداقية ونجاح خيار الوحدة الجاذبة، وهي أصوات ومواقف تصدر عن ''حماقات'' وجهالات ذاتية ستعزل أصحابها من مجرى المسار الشعبي العام الحريص على الوحدة والعمل والسعي من أجلها مهما صُعبت المشاق، وتلك هي الضمانة الكبرى، التي يراهن عليها المتفائلون من أجل مستقبل عملية السلام الشامل، بل من أجل مستقبل عظيم ووطن وشعب عظيم، وذلك سيكذب تشاؤم من أعد تقرير ''مجموعة الأزمات الدولية'' حول السودان· عبدالله عبيد حسن
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©