الثلاثاء 19 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الحاكم كاتباً.. وبصيراً

الحاكم كاتباً.. وبصيراً
11 مايو 2015 02:07
يكتب صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي بين الحين والآخر، مقالات واسعة الانتشار يعبر فيها عن أفكاره ورؤاه في مواضيع مختلفة، وتتناقل الصحف والمجلات في مختلف أنحاء العالم عادة هذه المقالات لتنشرها وتترجمها إلى أكثر من لغة، وهي صورة لشخصية الرجل الذي طالما كان قدوة ونموذجا للنجاح والاقتدار والتغلب على كل الصعاب من أجل الوصول إلى تحقيق الهدف والغاية المنشودة، وها هي دبي اليوم تعيش على وقع التطور والنجاح دليلها في ذلك حاكم نذر حياته من أجل أن تكون في القمة، وبحكمة القادة الكبار استطاع أن يساهم صحبة إخوانه أصحاب السمو حكام الإمارات أن يجعلوا من هذه البلد مثالاً يحتذى به في مختلف أنحاء العالم. هنا، مختارات من مقالاته في موضوعات مختلفة. شكراً خليفة عندما قرر حكيم العرب الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيب الله ثراه»، تولية الشيخ خليفة بن زايد ولاية العهد عام 1969 وهو في سن الحادية والعشرين فقط، لم يكن ذلك من فراغ ولم يكن من استعجال، بل هي رؤية ثاقبة للشيخ زايد، ونظرة متفرسة لمعدن ذلك الشاب الهادئ، وملاحظة دقيقة لإخلاصه وتفانيه في خدمة الناس. خليفة بن زايد صاحب مدرسة مختلفة في القيادة وصاحب فلسفة متفردة في إدارة الدول والشعوب وصاحب منهج جديد في إسعاد الناس، منهجه وفلسفته ومدرسته هو الإنسان، كل إنسان له قيمة عند خليفة بن زايد، كل مواطن له أولوية، كل فرد يستحق أن يعيش حياة كريمة، كل شاب يستحق أن يكون له فرصة، كل امرأة تستحق أن تحقق طموحاتها، كل مريض يستحق أن يعالج، كل أسرة تستحق أن تسكن، كل صاحب حق يستحق أن يأخذ حقه، كل محتاج يستحق المساعدة بغض النظر عن مكانه أو عمله أو جنسه أو دينه، وكل ذلك يراها الشيخ خليفة مسؤولية شخصية عليه، وواجبا ضمن واجباته، وأولية في جدول أعماله. خليفة بن زايد هو قائد عالمي متفرد ومختلف وناجح ومحبوب من شعبه، يعمل بهدوء، وينجز من دون ضجيج، ويتابع عن قرب، ويتفانى بكل إخلاص، ما يميز خليفة بن زايد «حفظه الله» أنه يرتكز على قيم عظيمة في عمله، قيم المحبة لشعبه، والرحمة لمجتمعه، والعطف على جميع أبناء وطنه. الدول بين الابتكار أوالاندثار لا أشك لحظة واحدة في قدرات عقولنا البشرية، فقد خلقنا الله لعمارة هذه الأرض، نحن خلفاء الله في أرضه، وركّب فينا سبحانه من الذكاء والقدرات الذهنية والدوافع النفسية ما يجعلنا صالحين ومؤهلين لهذه المهمة العظيمة، مهمة تحتاج عقولاً متطورة ومتعلمة ومتجددة ومبدعة ومبتكرة. لو لم يبتكر الإنسان الزراعة لما قامت حضارة، ولو لم يكتشف فوائد النار لما تطورت تلك الحضارة، ولو لم يبتكر العجلة أو الكهرباء أو الإضاءة أو المحركات أو غيرها لما تقدمت الإنسانية، ولو لم يبتكر الإنسان الإنترنت أو الهاتف الذكي لما وصلنا إلى ما نحن فيه اليوم. سر تجدد الحياة وتطور الحضارة وتقدم البشرية هو في كلمة واحدة: الابتكار! وأستغرب من بعض الحكومات التي تعتقد أنها استثناء من هذه القاعدة. الابتكار في الحكومات ليس ترفاً فكرياً، أو تحسيناً إدارياً، أو شيئاً دعائياً، الابتكار في الحكومات هو سر بقائها وتجددها، وهو سر نهضة شعوبها وتقدم دولها. إذا لم تبتكر الحكومات في طرائق التعليم مثلاً، وتعدّ جيلاً جديداً لزمان غير زمانها فحتماً ستشيخ تلك الحكومات، وحتماً ستتأخر شعوبها. عندما تكون الحكومات مبتكرة فإن بيئة الدولة تكون كلها مبتكرة، وعندما تشجع البيئة على الإبداع والابتكار تنطلق طاقات الناس نحو آفاق جديدة، وتتفق مواهبهم، ويصبح تحقيق أحلامهم وطموحاتهم ممكناً، وهذا أحد أسرار نجاح الدول التي تشجع شعوبها على الابتكار. داعش التي وحدت العالم داعش ليست منظمة إرهابية فقط، بل هي فكرة خبيثة. الأيديولوجيا التي قامت عليها داعش، هي نفسها التي قامت عليها القاعدة، وهي نفسها التي قامت عليها أخوات القاعدة في نيجيريا وباكستان وأفغانستان والصومال واليمن، وفي بلاد المغرب العربي وفي بلاد الجزيرة العربية، وهي نفسها التي بدأت تضع بذوراً لها في أوروبا وأميركا وغيرها من بلاد العالم. داعش ليست منظمة إرهابية، بل هي تجسيد لفكرة خبيثة، ولا يمكن هزيمة فكرة خبيثة باستخدام التحالفات العسكرية فقط. لعل هذا الفكر الخبيث وما سينتج عنه، هو أسوأ ما سيواجهه العالم خلال السنوات العشر القادمة. هناك فكر جاهز ومعلب وله صبغة دينية، يمكن أن تأخذه أي منظمة إرهابية، وتحشد له آلاف الشباب اليائس أو الحاقد أو الغاضب، وتضرب به أسس الحضارة والمدنية والإنسانية التي يقوم عليها عالمنا اليوم. ..... مواجهة هذا الفكر الخبيث بفكر مستنير، منفتح، يقبل الآخر ويتعايش معه، فكر مستنير من ديننا الإسلامي الحنيف الصحيح الذي يدعو للسلام، ويحرم الدماء، ويحفظ الأعراض، ويعمر الأرض، ويوجه طاقات الإنسان لعمل الخير ولمساعدة أخيه الإنسان وكذلك عبر الحكومات القوية المستقرة الجامعة التي تركز على تقديم خدمات حقيقية لشعوبها دون تفرقة، هي أيضاً أحد الحلول المهمة للقضاء على البيئة التي تنشط فيها مثل هذه التنظيمات، وثالث الحلول تتمثل برأي سموه في التنمية الشاملة، وتحسين التعليم والصحة، وتوفير البنية التحتية، وتطوير الفرص الاقتصادية، هي حلول طويلة الأمد ومضمونة لمثل هذه التحديات. التنمية المستدامة هي أكثر الحلول استدامة لمواجهة الإرهاب. الهجرة المعاكسة للعقول في عام 1968 وأثناء سنوات دراستي في كلية «مونز» العسكرية في بريطانيا، احتجت إلى مراجعة أحد المستشفيات التخصصية، ولمفاجأتي كان طبيبي المعالج يتحدث العربية، فعرفت أنه من أصل عربي، وأن قدومه إلى العاصمة البريطانية كان حديثاً، فسألته عن حياته وإن كان ينوي البقاء طويلاً أم العودة قريباً إلى وطنه، فقال لي: وطني حيث لقمة عيشي. بقيت هذه الكلمة عالقة في ذهني طويلاً، مع كل ما تحمله من تناقضات نفسية وفكرية مع مفهوم الوطن وواقع صعب يدفع بأفضل العقول في عالمنا العربي للاتجاه إلى كل أصقاع الأرض بحثاً عن وطن جديد وفرص جديدة وآمال حقيقية. ويسترسل سموه في القول: مع المزيد من التطورات العلمية والتكنولوجية الحديثة أصبح العالم قرية صغيرة، وتساقطت الحدود الجغرافية أمام المواهب، وزاد الطلب على أفضل العقول مع زيادة التنافس والتسابق بين الأمم والشعوب، وزادت هجرة العقول لأكثر من 30% خلال السنوات العشر الماضية فقط، حسب إحصاءات الأمم المتحدة، كما دفعت الظروف الصعبة المزيد من العقول إلى طلب الهجرة بحثاً عن فرص أفضل، ولكن الصورة ليست قاتمة دائماً، والتاريخ لا يسير في اتجاه واحد فقط، والعالم ليس مكاناً ثابتاً، بل إن سرَّ تجدد حضاراته هو في تغيره المستمر. …. ظاهرة هجرة العقول التي عانتها الكثير من الدول أصبحت اليوم تأخذ اتجاهات عالمية مختلفة وجديدة، اتجاهات تتماشى مع تغير موازين القوى الاقتصادية، وتغير حجم ونوعية الفرص المتاحة وتغير حركة الاستثمارات واتجاهات النمو العالمية. قبل خطاب أوباما في مصر يقدر الشارع العربي اختيار الرئيس الأميركي باراك أوباما دولة إسلامية هي مصر ليلقي فيها خطاباً رئيسياً حول العلاقة بين الولايات المتحدة والمسلمين الذين يشعرون في غالبيتهم، بأنهم مستبعدون بتوجه من السياسة الخارجية التي انتهجتها الولايات المتحدة على مدى السنوات الأخيرة. إن أكثر من نصف سكان المنطقة، وعددهم 300 مليون شخص، تقل أعمارهم عن الـ 25 ربيعاً، بل يمكن القول إن الشرق الأوسط يضم في واقع الأمر قوة العمل الأسرع نمواً على مستوى العالم. وتصل نسبة البطالة حالياً في المنطقة إلى 15%، مما يعني أن هناك حاجة لخلق أكثر من 80 مليون فرصة عمل جديدة بحلول عام 2015، الرقم الذي يزيد على ضعف عدد الوظائف الإجمالية في المنطقة اليوم، لكن هذا هو ما علينا القيام به لمواكبة النمو الديموغرافي للمنطقة. وتعد البطالة مشكلة تؤرق الدول الأعضاء في الجامعة العربية وعددها 22 دولة، إلا أنها تبقى الشاغل الأهم للشباب، كما أن المرأة بدورها تواجه المصاعب في بحثها عن فرصة عمل. إن هؤلاء الشباب بمشاعر الضجر المتنامية التي تتملكهم سيكونون لقمة سائغة لكل من ينادي بالتطرف ويستنفر مشاعر العداء تجاه الآخر، وبخاصة تجاه الولايات المتحدة. ويجب هنا أن نتساءل: لماذا أخفق العرب في إجراء إصلاحات هيكلية لأنظمة التعليم، وفي توفير فرص توظف مناسبة؟ إن سجل التعليم في العالم العربي، وبخاصة تعليم الفتيات غير مشجع على الإطلاق، فعدد الأميين في العالم العربي يزيد على 65 مليون شخص ثلثاهم من النساء، ويصل عدد الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 6 و15 سنة والذين لم يتم تسجيلهم في المدارس إلى 10 ملايين طفل، ومن المنتظر أن يرتفع هذا الرقم بحوالي 40% على مدى العقد المقبل. طموحاتنا للشرق الأوسط «عندما يزور الرئيس الأميركي جورج بوش دبي غداً الاثنين، فإنه سيجد مدينة ضخمة لا مثيل لها، خرجت في قلب الصحراء العربية. في هذه المدينة تتردد على الألسن دعابة تصف الرافعات المنتشرة في مواقع البناء المختلفة بأنها «الطائر الوطني» للإمارة، كرمز يلخص النشاط الهندسي والمعماري الكبير الذي يتوزع على الإمارة بطولها وعرضها. .........إن خططنا لا يحركها الطموح، بل هي ضرورة. وعلينا أن ندرك أن 3% فقط من دخلنا يأتي من الصادرات التي تقوم على الاحتياطي المتضائل من النفط الخام، فيما تمثل السياحة 30% من الدخل، كما أن حصة متنامية تأتي من التصنيع وقطاعات أخرى كالضيافة والتكنولوجيا والنقل والمواصلات. إننا نعيش في منطقة صعبة. ونحيا في دولة تحيط بها منذ عقود قضايا شائكة الحرب العراقية الإيرانية، غزو الكويت، والحرب الدائرة في العراق. لكن رغم ذلك كله، تعلمت دبي دائماً كيف تعيد تقديم نفسها على نحو مبتكر بحيث تتمكن من مجاراة الأوضاع. ونحن نؤمن بأن المساعدة في بناء اقتصاد إقليمي قوي هي أفضل وسيلة لتحقيق استقرار اجتماعي دائم في الشرق الأوسط. لهذا السبب ندعم بقوة على سبيل المثال السوق الخليجية المشتركة التي انطلقت أول يناير الجاري، فهذه السوق ستؤدي في نهاية المطاف إلى مزيد من التكامل الاقتصادي الإقليمي وتعزيز المبادلات التجارية الخليجية واستخدام عملة مشتركة للدول الست التي يتألف منها مجلس التعاون الخليجي، وهي: البحرين، الكويت، عُمان، قطر، المملكة العربية السعودية والإمارات».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©