السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

دور النساء الناشطات في الثورة السورية

دور النساء الناشطات في الثورة السورية
12 يناير 2013 22:19
كارول موريلو أنطاكيا - تركيا كان سبب نزوح هبة الحجي من سوريا هو استدعاؤها من أجل الاستجواب بعد أن شجعت طلبتها في الجامعة على الانضمام إلى المظاهرات المعارضة لنظام الأسد. ولكن مستجوبيها لم يدركوا أبداً أن صندوق سيارتها المركونة في الخارج كان مملوءاً بالأسلحة التي كانت تهربها للثوار. ولأنها كانت خائفة من أن الأمر بات مسألة وقت فقط قبل أن يُكتشف أمرها، تقول الحجي إنها غادرت حلب في اليوم التالي وتوجهت إلى تركيا، حيث أسست «منظمة النساء السوريات الحرات». وهي الآن تصرف جهدها ووقتها في توزيع الأغذية والأدوية على اللاجئين، وتقديم الدعم النفسي للنساء اللاتي تعرضن للاغتصاب قبل أن يفررن أيضاً من الأزمة الدامية الدائرة في وطنهن. وتقول الحجي، 26 عاماً، وهي مسلمة متدينة: «هذه سوريتي، سوريتي الحبيبة!»، مضيفة «وعلي أن أقوم بشيء ما من أجلها». والحال أن النساء والفتيات كن في الجبهة الأمامية عندما بدأت الانتفاضة قبل سنتين تقريباً باحتجاجات سلمية، وذلك لأنهن كن يُعتبرن أقل إثارة لشكوك أجهزة الأمن الحكومية من الرجال. أما اليوم -لأن الرجال يحثونهن على البقاء بعيداً في وقت تحولت فيه الانتفاضة إلى حرب أهلية أكثر خطورة- فقد أخذن يلعبن دوراً تقليدياً أكثر في الإغاثة الإنسانية وجلب الطعام والأدوية والملابس للاجئين. ونتيجة لذلك، فإن القتال يكاد يكون حكراً على الرجال، كما أن عدداً قليلا نسبياً من النساء هن من يوجدن من بين زعماء المعارضة السياسية حالياً. وفي هذا الإطار، تقول «نغم»، وهي ناشطة سياسية طلبت عدم ذكر اسمها الأخير من أجل حماية أقاربها في سوريا: «إن الثقافة السورية منفتحة عندما يتعلق الأمر بالنساء، ولكن ليس كما هو الحال في لبنان». ففي اللاذقية، وهي مدينة ساحلية على البحر الأبيض المتوسط «طلب الرجال من قريباتهم وأخواتهم وبناتهم الكف عن المشاركة في المظاهرات»، تقول «نغم»: «ولكن الأمر ليست له علاقة بالدين، وإنما بثقافة حماية النساء. فنحن لدينا حقوق متساوية تقريباً في سوريا». والمرأة الأبرز في المعارضة السياسية السورية هي سهير أتاسي، وهي ابنة عضو مؤسس لحزب «البعث» الحاكم. وتشغل أتاسي، وهي ناشطة علمانية معروفة، منصب نائبة رئيس حكومة المعارضة في المنفى، التي اعترفت بها الولايات المتحدة وعدد من الحكومات الأخرى أواخر العام الماضي باعتبارها ممثل الشعب السوري. ولكن على مستوى القواعد الشعبية، تحضر قلة قليلة من النساء في المؤتمرات السياسية التي تعقد في تركيا بقصد مناقشة تشكيل حكومة ومؤسسات انتقالية في حال الإطاحة بنظام الأسد. وفي هذا السياق، تقول رانيا قيصر، وهي أميركية سورية المولد انتقلت إلى تركيا الربيع الماضي وأسست جمعية نظمت ورش تعلم الفتيات صناعة الحلي التي يبعنها لكسب قوت يومهن: «إن نحو 200 شخص شاركوا في مؤتمر حضرته، ولكن ربما كان بينهم 10 نساء فقط». وتقول «نغم» إن النساء لا يشاركن اليوم كثيراً في المؤتمرات التي تنظم في تركيا من قبل «الهيئة العامة للثورة السورية»، وهي منظمة تنضوي تحت لوائها مجموعات معارضة، متوقعة أن قلة قليلة من النساء ستلعب دوراً سياسياً طلائعياً عندما ينتهي النزاع. وترى أن: «الكثير من النساء يستطعن القيام بعمل رائع في السياسة. ولكن المجتمع، والثقافة التقليدية، لا يأخذانهن على محمل الجد». و«نغم»، 44 عاماً، لم تشارك في الأشهر الستة الأولى من الانتفاضة، لأنها لم تكن واثقة من أنها ستصمد وتستمر. لقد كانت في الكويت، التي انتقلت إليها عائلتها في السبعينيات بعد أن تشاجر والدها في العمل مع أحد أقارب الرئيس السابق حافظ الأسد وخلص إلى أن مستقبل وحياة عائلتهم في خطر. ولكن قبل نحو عام من اليوم، استقالت «نغم» من عملها كمديرة مدرسة وباعت منزلها وسيارتها ومعظم ممتلكاتها ثم انتقلت إلى تركيا. وهي تقوم اليوم بجمع المال لشراء الخيام والأدوية للاجئين الذين يعيشون في مخيمات على المناطق الحدودية داخل سوريا وكثيراً ما تقوم بتوصيلها مشياً على الأقدام، حيث تقطع مسافات طويلة عبر الجبال حاملة الإمدادات. ولكنها مصممة على العودة إلى سوريا في حال سقوط النظام وعن هذا تقول: «إنني لن أظل هاربة كل حياتي». بيد أن العديد من النساء يعملن بدون الاستفادة من منظمة تدعمهن وتمول نشاطهن. إنهن يجازفن بدخول الأراضي السورية لزيارة اللاجئين الذين يعيشون في مناطق تعرضت لضربات جوية. ويتجنبن أحياناً المعابر الحدودية الرسمية لأنه ليس كل أفراد المنظمة لديهم جوازات سفر، فيعبر الجميع جبالا وعرة حاملين على ظهورهم حقائب محملة بالأدوية. كما أنهم معرضون للإصابة بالعدوى نتيجة احتكاكهم بلاجئين مصابين بالجرب وأنواع أخرى من الأمراض. أما رانيا قيصر، 38 عاماً، فقد ولدت وتربت في سوريا ولكنها انتقلت حين كانت مراهقة للعيش في بيتسبورج (بنسلفانيا) عندما هاجر والداها إلى الولايات المتحدة. لقد تركت عملها كموظفة بمكتب إدارة التسجيل بإحدى جامعات دالاس في أبريل الماضي وانتقلت للعيش بالقرب من الحدود السورية. وهي تعيش اليوم على مدخراتها، وتحصل على المال من عائلتها وأصدقائها وأشخاص التقتهم في تركيا لشراء أكياس الأغذية، التي تقوم بتوزيعها على عائلات اللاجئين. وتقوم بتصوير عمليات توزيع المساعدات الغذائية على هاتفها المحمول ثم ترسل الصور إلى المانحين حتى يعرفوا الوجهات التي تنفق فيها أموالهم. ولكن قيصر ترى أن مساهمات النساء يتم تجاهلها في وقت اتخذت فيه الانتفاضة طابعاً عسكرياً وعن ذلك تقول: «إنهن ينشرن الوعي، ويساعدن الجرحى، ويعلمن الأطفال، ويقدمن مساعدات الإغاثة»، مضيفة «إننا نقوم بذلك من أجل الحرية والمساواة». والواقع أن العديد من النساء يقلن إنهن لا يأملن التخلص من نظام وحشي فحسب وإنما ضمان أن تكون حقوق النساء محمية ومصونة في أي حكومة مقبلة. وعلى رغم أن السوريين معتادون على رؤية النساء كمحاميات وطبيبات وقاضيات، إلا أن بعض النساء السوريات يقلن إن القوانين التي تتعلق بالزواج وإجازة الأمومة والطلاق في حاجة إلى إصلاح حتى تصبح أكثر إنصافاً لهن. وفي هذا الإطار، تقول تسنيم حمودة، 30 عاماً، وهي ابنة زعيم ديني فرت من بلدتها بداما في محافظة إدلب وتعمل مع هبة الحجي في «منظمة النساء السوريات الحرات»: «إننا نأمل أن تتغير الأمور بعد كل الدماء التي أريقت»، مضيفة «ونرغب في التخلص من العديد من التقاليد الاجتماعية وأن تكون لدينا حقوق». والواقع أن المواقف ربما أخذت تتغير، حيث لاحظت الحجي تغيراً طفيفاً في اللغة. فقبل الحرب، كان الرجال عادة ما ينادون امرأة من المارة «يا حرمة»؛ أما اليوم، تقول الحجي، فإنهم من المحتمل جداً أن ينادوها «يا أخت». ولكنها لاحظت أيضاً حضور أصوليين إسلاميين في الحرب. فمؤخراً، انتقدها إسلامي يعمل في مخيم للاجئين بسوريا كانت تزوره لأنها تضع المساحيق. وتقول الحجي في هذا الصدد: «إنني قلقة». والحجي، التي ترغب في الترشح لمنصب عام يوماً ما، تقول إن السوريين يتحدثون عنها لأنها تعيش وحدها في شقة بأنطاكيا، حيث تقوم بملء غرفة نوم غير مستعملة بالألعاب والملابس التي تشتريها من أجل اللاجئين، بفضل المال الذي يرسله لها والداها من سوريا في الغالب. ولكن الثوار الرجال لا يقدرون أحياناً مساهماتها، حيث تقول إنهم ضحكوا عندما سألتهم: «ألا تعتقدون أنني أستحق أن أعمل معكم؟». فكان جوابهم لها: «إنك امرأة!». وتقول الحجي: «لقد تركنا كل شيء في سوريا»، مضيفة «لقد تركنا وظائفنا، وعائلاتنا، ومنازلنا. وقمنا بذلك من أجل حق النساء في أن يكون جزءاً مما يحدث. إنني أستحق أن أكون جزءاً من المجتمع!». ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفيس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©