الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

ترحال في الموسيقا الحسّانية

ترحال في الموسيقا الحسّانية
23 سبتمبر 2016 21:22
محمد نجيم (الرباط) يأخذنا الباحث والناقد الجمالي المغربي إبراهيم الحيْسن، بكتابه الجديد الصادر حديثا «موسيقى الصحراء – إيكَّاوْن وطقوس العزف عند البيضان « إلى رحلة مُمتعة ومفيدة للتّعرف على الموسيقى التقليدية الحسانية، التي تُعد عند رُحّل الصحراء المُنتمين لمجتمع البيضان (على امتداد تراب الصحراء الأطلنتية) شكلاً من أشكال التعبير الفني عن موقف مبدعها من تجربة الحياة التي يمارسها، وما ينعكس على مخيِّلته من رؤى فكرية وتأمُّلات للوجود. وهي تلعب دوراً مباشراً وغير مباشر في تأكيد الإحساس الجمعي والإفصاح عن الدلالات والمعاني النفسية والرُّوحية لمنتجيها، وهي بذلك تشكل انطباعا انفعاليا للمغني «إيگِّيوْ»، الذي يتفانى بصدق في التعبير الوجداني والتصوير الدقيق لأغوار النفس والعواطف، أو لمعالم الواقع الموضوعية، الملموسة، من طبيعة وأشخاص وكائنات مرئية حيَّة كانت أم جامدة، إنها إذن لوحة رسم معبِّرة، إطارها الحياة وأشخاصها المعاني وألوانها الألحان. ورغم أهمية الموسيقى عند مجتمع البيضان وحضورها الكبير والمميَّز في كل مجالات حياتهم، فإنها، برأي المؤلف، لم تلق اهتماماً كبيراً على مستوى البحوث والدراسات، بل حتى الذين حاولوا أن يبحثوا فيها، ولو بخجل، واجهتهم صعوبات متعدِّدة. فمن ناحية يرفض كثير من الموسيقيين -إيگَّاوَنْ- شرح وتفسير خصائص وقواعد فنهم، ومن ناحية ثانية، تُعتبر الموسيقى الحسَّانية كجلِّ أوجه التراث الحسَّاني، أمراً شفهياً يحتاج إلى خطة واعية لجمعه وتدوينه ومن ثم فهمه ومقاربة بنياته لتحديد معانيه ودلالاته. يطلق أرباب الموسيقى «إيگَّاوَنْ» على كل مقام موسيقي اسم (ظْهَرْ) وجمعه (ظْهُورَتْ الهَوْلْ)، والطابع المميِّز لها، أنها تمثيل للخفة والحركة وحالات النفس. الكتاب القيم، كما يقول مؤلفه « بحث في الموسيقا الحسَّانية الشائعة عند بيضان الصحراء في أهم عناصرها ومكوِّناتها التعبيرية والجمالية، إلى جانب الآلات الموسيقية المستعملة فيها وكذا طقوس العزف المرتبطة بفئة إِيگَّاوَنْGriots وهم مجموعة من العرب تحترف الموسيقى والمدح وحفظ الأمجاد وإثارة الحماس، وممارسة الهجاء والرقص والطرب، كانوا مرتبطين أساساً بأمراء بني حسَّان، للتسلية عنهم وحفظ أمجادهم وبُطولاتهم الشخصية أو القبلية، في مقابل ما يحظون به من الحماية والعطايا. كما يتناول الكتاب العلاقة بين الموسيقا والشعر الشعبي الحسَّاني»لَغْنَ» الذي يستمد أهميته كإبداع قولي يقوم نظمه على بحور متعدِّدة تُسمَّى «بْتُوتَتْ لَغْنَ»، مثلما يتناول موضوع الرقص الشعبي المرتبط بالبيئة التي يُمَارَسُ فيها والتي تجعل منه تعبيراً فطرياً خاضعاً لعادات وتقاليد موروثة عبر الأجيال، وهو أنواع متعدِّدة تختلف باختلاف الجنس والسن ومناسبة الأداء واللعب.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©