الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

كل باكية تكذب إلا أم سعد

7 نوفمبر 2008 02:37
كبشة بنت رافع بن معاوية الانصارية الخدرية أم الصحابي الجليل ''سعد بن معاذ'' الذي كان حاملا لراية الانصار يوم بدر، وهي الام التي احتسبت بطلين من صلبها لتكون من أهل الجنة· وهي إحدى نساء الانصار المباركات، كانت زوجة لمعاذ بن النعمان من بني عبدالاشهل، وقد ولدت له ''سعد بن معاذ وعمرو واياسا واوسا وعقرب وأم حزام''· اسلمت كبشة وبايعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكان لها كبير الاثر في تاريخ نساء الاسلام، وكانت الدعوة النورانية التي جاء بها مصعب بن عمير سببا في انتشار الاسلام في المدينة كلها، فهو الذي تعلم الرحمة بين يدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-· وعلى يد مصعب بن عمير اسلم اولا سعد بن معاذ واسيد بن الحضير وكان اسلام سعد بن معاذ فتحا على الأوس والانصار، فقد اسلم قومه الرجال والنساء· وفي ذلك اليوم اسلمت أم سعد بن معاذ واحست بأن السعادة تغمر قلبها وجوارحها، عندما اصبحت دارها مقرا للدعوة الإسلامية· وكان الانصار في أشد الشوق واللهفة لقدوم الرسول -صلى الله عليه وسلم- بعد ان أذن الله عز وجل له بالهجرة إلى المدينة خاصة بعد ايذاء المشركين له ولاصحابه· وعلم سعد بن معاذ وامه رضي الله عنهما وكل من في المدينة بخبر قدوم الرسول -صلى الله عليه وسلم- فكانوا يخرجون في كل يوم لاستقباله، فإذا حان وقت الغروب كانوا يعودون والخير يملأ قلوبهم· وكانت أم سعد رضي الله عنها تتمنى من اعماق قلبها ان ينزل النبي -صلى الله عليه وسلم- في بيتها لتسعد سعادة الدنيا والآخرة ولكن الله اختار لرسوله دار بني النجار فنزل في بيت ابي ايوب الانصاري رضي الله عنه· وبدأ الخير يفيض من النساء الانصاريات وكانت ام سعد في المقدمة فهي لا تريد ان تفوتها فرصة تستطيع من خلالها ان تقدم أي شيء لخدمة هذا الدين العظيم ولخدمة النبي -صلى الله عليه وسلم-· ووقف النبي -صلى الله عليه وسلم- امام تلك التضحيات ليعبر عن سعادته وتقديره لهؤلاء الانصار الكرام فقال: ''ألا اخبركم بخير دور الانصار؟ دار بني ساعدة وفي كل دور الانصار خير''· وكانت تحرص على تلك المواقف العظيمة بأن تكون أول من يتابع الرسول -صلى الله عليه وسلم-، فقد ذكر ابن سعد ان اول من بايع النبي -صلى الله عليه وسلم- أم سعد بن معاذ كبشة بنت رافع وأم عامر بنت يزيد وحواء بنت يزيد· ولأم سعد مواقف لا تنسى، فهي التي كانت تحمل امانة الدين على كتفيها وتتمنى ان تقدم أي شيء لخدمة هذا الدين ولو ضحت من أجل ذلك بمالها واولادها ونفسها وكل ما تملك· وفي غزوة بدر خرج ولداها سعد وعمرو بن معاذ رضي الله عنهما ليجاهدا في سبيل الله عز وجل، ففرحت بهما فرحا عظيما، وكانت تتمنى ان يرزقهما الله الشهادة في سبيله، فقاتلا قتال من يبحث عن الشهادة، وكانت النصرة لجند المسلمين فعادا إلى المدينة مرة اخرى يحملان بشائر النصر، ففرحت الام المؤمنة فرحا شديدا بهذا النصر وازداد فرحها عندما علمت بهذا الموقف التاريخي الذي وقفه ابنها سعد بن معاذ لنصرة هذا الدين· وفي غزوة أحد خرجت ام سعد رضي الله عنها مع من خرج من النساء ينظرن إلى سلامة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعد ان وردت الاخبار إلى المدينة باستشهاد عدد من المسلمين، وكان من بين الشهداء ابنها عمرو بن معاذ، ولكن الأم الخيرة كانت ترجو سلامة رسول الله صلى الله عليه وسلم، واقبلت مسرعة نحو ارض المعركة ولما رأت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سالماً حمدت الله وقالت: أما اذ رأيتك سالما فقد هانت المصيبة فعزاها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بابنها عمرو· وفي غزوة الخندق استشهد ابنها سعد بن معاذ، وحزنت أم سعد لولا أن الله عصمها بإيمانها، وكانت تبكي وهو يٌغسل فقال رسول الله: ''كل باكية تكذب إلا أم سعد'' ثم خرج به· ويقول له القوم: ما حملنا يا رسول الله ميتا أخف علينا منه· قال: ''ما يمنعه ان يخف وقد هبط من الملائكة كذا وكذا لم يهبطوا قط قبل يومهم، قد حملوه معكم''· فها هو سعد بن معاذ يهتز لموته عرش الرحمن جل جلاله قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ''اهتز عرش الرحمن لموت سعد بن معاذ''· وعن جابر رضي الله عنه قال: خرجنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوما إلى سعد بن معاذ حين توفي· قال: فلما صلى عليه رسول الله ووضع في قبره، وسوى عليه سبح رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تسبيحا طويلا· ثم كبر فكبرنا فقيل: يا رسول الله، لم سبحت ثم كبرت؟ قال: ''لقد تضايق على هذا العبد الصالح قبره حتى فرجه الله عز وجل عنه''· وقال -صلى الله عليه وسلم-: ''ما منكن امرأة تقدم بين يديها ثلاثة من ولدها، الا كانوا لها حجابا من النار، قالت امرأة: واثنين؟ قال: واثنين''· وبعد تلك الرحلة الإيمانية الطويلة المباركة لقيت أم سعد ربها لتلحق بأحبابها في جنات النعيم·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©