الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أوروبا تعلـن الحـرب علـى «المال المفسد»

أوروبا تعلـن الحـرب علـى «المال المفسد»
6 أغسطس 2017 01:40
عمرو عبيد (القاهرة) لن تمر صفقة انتقال البرازيلي نيمار دا سيلفا من برشلونة إلى باريس سان جيرمان، مرور الكرام في القارة الأوروبية، خاصة مع حجم الأموال المدفوعة في هذا الانتقال الذي وصفه كثيرون، بأنه سياسي في المقام الأول، بواسطة الكيان القطري، تحت غطاء فرنسي يرتدي عباءة كرة القدم، وانتفضت الصحافة العالمية الأوروبية، ومعها العديد من المؤسسات الرياضية المعنية بالأمر، معبرة عن غضبها العارم من هذا الاستخدام المشبوه وغير العادل لهذا «المال الملعون»، في مجال كرة القدم التي يستمتع بها ملايين العشاق في العالم، وهو ما دفع «لو فيجارو» للتساؤل قائلة: هل تم إنفاق كل هذا الكم من الأموال، من أجل المتعة الكروية والترفيه عن المشجعين في العالم؟ ولأن الطرف الأول المعني بالقضية، هو نادي برشلونة الإسباني، فقد طالب النادي «الكتالوني» الاتحاد الأوروبي لكرة القدم بالتحقيق مع باريس سان جيرمان، والتأكد من مصدر تلك الملايين التي دُفِعَت للحصول على خدمات اللاعب البرازيلي، ولم تتقبل الصحافة «الكتالونية» هذا الانتقال المشبوه، أو حتى طريقة الإعلان عنه من الجانب الفرنسي - القطري الذي حمل الكثير من الصلف والغرور والسخرية من نادٍ كبير بحجم برشلونة، حيث قالت صحيفة «موندو ديبورتيفو» إن الإدارة القطرية للفريق الفرنسي لا تعرف اللياقة، خاصة مع استخدام أسلوب السخرية في الإعلان عن الصفقة، على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر». وأكدت جريدة «سبورت» على المعنى نفسه، عندما انتقدت استخدام صورة للاعب الإيطالي، ماركو فيراتي، بالتزامن مع الإعلان عن انتقال نيمار، وهو أسلوب معايرة متدن للغاية، نظراً للتقارير التي ربطت فيراتي بالرغبة في الرحيل إلى برشلونة، وهو ما رفضته الإدارة القطرية، خوفاً من غضب الدوحة، في استغلال سيئ للسياسة داخل الوسط الكروي، يعكس ذات الأسلوب المتعالي، لمن يظنون أن أموالهم الغزيرة قادرة على تجميل صورتهم، وشراء الاحترام والتقدير، رغماً عن أنف الجميع. وقال خوان جاسبارت، الرئيس الأسبق لنادي برشلونة الإسباني، إن نيمار كرر فعلة لويس فيجو، عندما أوهم كلاهما الجماهير «الكتالونية» بالبقاء في صفوف «البارسا»، قبل الرحيل المفاجئ، ودفع الشرط الجزائي في عقديهما، وهو ما حاول البرازيلي نفيه أثناء المؤتمر الصحفي الذي عقد لاستقباله في فرنسا، لكن الإقليم «الكتالوني» شهد العديد من اللقطات التي أبرزت حرق جماهير «البارسا» لقميص نيمار، متهمة إياه بالخيانة مثل فيجو، كما انتقد نجم «البلوجرانا» الأسبق جاري لينيكر الإنجليزي تلك الصفقة بشدة، قائلاً إن نيمار تراجع خطوة إلى الوراء بهذا الانتقال، وهو ما يؤكد أن المال كان عنصر الجذب الأوحد للاعب البرازيلي وليس الطموح، كما يدعي، فأي طموح مع فريق أنفق الملايين في سنوات قليلة، ولم يحقق أكبر من لقب الدوري الفرنسي! أما خافيير تيباس رئيس رابطة «الليجا» الإسبانية، فقد أعلن عن عدم تقبله لتلك الصفقة بهذه الطريقة، وأكد أنه سيتقدم بشكوى لـ «اليويفا»، اعتراضاً على ما قام به النادي الفرنسي، من تجاوز كل قواعد المنطق والأخلاق، وقوانين اللعب المالي النظيف التي أقرها الاتحاد الأوروبي، بل زاد على ذلك بقوله إنه قد يذهب إلى المحاكم السويسرية، أو حتى الفرنسية والإسبانية، من أجل وضع حد لهذا الجنون، وقال إن التنازل أمام تلك الأموال القطرية بهذا الشكل، هو أمر لا يمكن قبوله على الإطلاق. ودفعت تلك الصفقة النقابة الدولية للاعبي كرة القدم المحترفين المعروفة باسم «فيفبرو»، للشكوى لدى المفوضية الأوروبية، من أجل التحقيق في هذا الانتقال الخرافي الذي ينتهك في رأيها قواعد المنافسة في الاتحاد الأوروبي، بحسب ما قاله الأمين العام للنقابة، الهولندي ثيو فان سيجلن، وترى النقابة أن استخدام مثل هذه الأموال بهذا الحجم، من شأنه أن يزيد من الهوة بين الفرق المتنافسة، ويجبر الجميع على الرضوخ لأصحاب رؤوس المال، من دون النظر إلى المنافسة الشريفة بين الفرق، وحصر هذا التنافس على فئة معينة دون غيرها. لهذا لم يكن غريباً أن يصف رئيس الاتحاد الألماني السابق لكرة القدم، ثيو تسفانتسيجر، قطر بأنها سرطان اللعبة في العالم، خاصة أنه منذ الإعلان عن قبول تنظيمها «مونديال 2022»، كان الأكثر انتقاداً لهذا القرار، ولم يتوقف مطلقاً عن توجيه الاتهام بالرشاوى والتلاعب في هذا الأمر من الجانب القطري، مدللاً على ذلك بانتهاك حقوق العمال في الدولة الصغيرة، وعدم الالتزام بأي ميثاق أخلاقي من قبل حكومتها. كما خرجت الصحف الألمانية لتنتقد تلك الصفقة، مؤكدة أن السياسة والمال هما المتحكمان حالياً، في لعبة كرة القدم، وهو ما يفسد اللعبة الشعبية الأولى تماماً، وهو ما أكد عليه رئيس نادي بايرن ميونيخ، أولي هونيس، بقوله إن تلك الصفقة تعدت حدود الجنون، وكرة القدم الألمانية، في حالة ذهول وانزعاج، ونحن في البايرن نرفض مثل هذه الأفعال، وهو ما قاله يورجن كلوب الألماني مدرب ليفربول، عندما وجه انتقاداً قاسياً لـ «اليويفا» قائلاً: يبدو أن قانون النزاهة المالية، هو مجرد اقتراح أو حبر على ورق، وليس قرارات وبنود واضحة وملزمة للجميع. الصحافة الإيطالية لم تفوت الفرصة هي الأخرى، إذ قالت «لا جازيتا ديللو سبورت» إن هذا الانتقال هو صفقة سياسية، تمت تحت رعاية أمير قطر الذي يعاني مع دولته حالياً نتائج المقاطعة الناجمة عن دعمه للإرهاب الأصولي، وأكدت «كوريري ديللو سبورت» أن هذه الصفقة ستشعل الأمور بين فرنسا وإسبانيا، لدرجة قد تصل إلى ما يشبه الحرب الدبلوماسية، وهو المصطلح نفسه الذي استخدمته «كوريري ديللا سيرا» في وصفها لتلك الصفقة، وأضافت أنها ستصنع نوعاً من الحرب الباردة بين الدولتين، في ظل اتهام مسؤولي الدوري الإسباني للمؤسسة الرياضية الفرنسية بالتعامل المالي غير الشريف. من جانبه، علق المدير الرياضي لنادي روما الإيطالي على تلك الصفقة بقوله، أنا خائف وقلق، لأننا بهذه الطريقة نسير نحو المجهول، ولا أتمنى أن تفسد مثل هذه الأموال مجالنا الكروي، لأن مبدأ التنافس بين الأندية، سيصبح في مهب الرياح، إذا ما سارت الأمور بهذا الشكل. كما انتقد الأسطورة البرتغالية العالمية كريستيانو رونالدو، تلك الخطوة من جانب البرازيلي نيمار، حيث وجه إليه اللوم للانتقال إلى صفوف النادي الباريسي، حيث اعتبره أفضل لاعب في العالم للموسم السابق، وأنها خطوة إلى الخلف، وقال: نيمار كان عليه الذهاب إلى إنجلترا مثلاً إذا ما رغب في الرحيل عن إسبانيا وليس فرنسا، وانتقد آرسين فينجر مدرب أرسنال تلك الصفقة قائلاً: سيطرة الدولة القطرية على النادي الباريسي هي الدافع الأول لهذا الانتقال، وأنه يجب التصدي لمثل هذه الأمور التي تصيب سوق الانتقالات بالجنون، فالآن وصلنا إلى 200 مليون يورو، فكيف تكون المنافسة عادلة وأين دور قوانين النزاهة المالية؟ جوزيه مورينيو البرتغالي مدرب مانشستر يونايتد اتفق مع الإيطالي أنطونيو كونتي مدرب تشيلسي، على كون نيمار أحد أفضل اللاعبين في العالم، لكن الأزمة المترتبة على هذا الانتقال ستكون في ارتفاع سقف الصفقات والرواتب لدرجة جنونية، قد تفسد كل شيء في عالم كرة القدم. وفي استطلاع رأى في فرنسا ذاتها، رصدت قنوات تليفزيونية العديد من الانتقادات الموجهة لتلك الصفقة التي وصفها البعض هناك بأنها تقتل كرة القدم، كما وصف الحارس الإيطالي الأسطوري جيانلويجي بوفون الأمر بأنه أصبح عشوائياً، خاصة لدى هؤلاء الذين يمتلكون الأموال، وقال: جدي قال لي قديماً إن البالون يتضخم كثيراً حتى ينفجر في النهاية، وكانت الصحافة الإنجليزية قد كشفت عن التحقيقات التي تجري حالياً في مسألة حصول قطر على تنظيم مونديال 2022، مؤكدة أن سحب التنظيم من هذه الدولة يمكن أن يحدث في أي وقت في ظل تلك الأموال الملعونة التي تنهمر بجنون على الساحة الكروية!
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©