الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

انحسار الوسط

13 مايو 2011 22:12
أسفرت الانتخابات العامة الكندية، الأسبوع الماضي، عن نتائج مذهلة حتى لقادة الأحزاب الأربعة الكبار وللناخبين أنفسهم؛ فقد حظي هاربر، زعيم حزب المحافظين بالأغلبية المريحة التي ظلت حلمه الأكبر، فدخل التاريخ ضمن زعماء سياسيين قادوا أحزابهم للفوز في ثلاثة انتخابات متتالية، ليصبح اللاعب الأول في المسرح الفيدرالي الذي أبعدهم منه حزب الأحرار خلال عقدين من الزمن. وأولى الملاحظات في هذا الخصوص أن حزب المحافظين الذي حصل على أغلبية مقاعد البرلمان (169 من أصل 304 مقاعد) حقق لأول مرة اختراقاً تاريخياً لعالم المهاجرين والقادمين الجدد لكندا من جنوب آسيا والشرق الأوسط وأوروبا الشرقية، ذلك العالم الذي كان "دائرة مغلقة" لحزب الأحرار منذ أيام بيرسون وترودو. ولهذا الاختراق التاريخي يعزو المراقبون فوز حزب المحافظين الذي لم يستسلم للفرضية القائلة بأن أصوات الأقليات الإثنية، الآسيوية والأفريقية، مضمونة لحزب الأحرار؛ فعمل بجد واجتهاد، وقاد خطوات زعيمه وصولا إلى الكنيسة القبطية لأول مرة حيث قدّم هنالك وعوداً مغرية وتحدث بلغة غير معهودة منه. وثاني الملاحظات أن هذه الانتخابات أوصلت "الحزب الديمقراطي الجديد" إلى زعامة المعارضة، باعتباره صاحب المرتبة الثانية في مقاعد البرلمان (104 مقاعد)، وقد جاء نصفها تقريباً من الكيبك ملحقاً هزيمة تاريخية بحزب الانفصاليين (كتلة الكيبك)، وليصبح أول حزب فيدرالي يحظى بأكبر تمثيل نيابي لإقليم الكيبك. وبذلك انهار حزب "كتلة الكيبك" وأوشك أن يتلاشى، حيث حصل على 4 مقاعد فقط وسقط زعيمه التاريخي في دائرته الانتخابية وأعلن استقالته من العمل السياسي. والأمر المذهل في صعود "الحزب الديمقراطي الجديد" (يسار) أنه حقق نجاحاً كبيراً في وسط شباب الناخبين خاصة في الكيبك، إذ دخل البرلمان -ولأول مرة- طالب جامعي له من العمر 19 سنة وثلاثة من الشباب دون الخامسة والعشرين وبعض النساء الشابات. ويعزو المراقبون أيضاً نجاح "الحزب الديمقراطي الجديد" إلى شخصية زعيمه جاك ليتون وخطابه البسيط في كلماته والعميق في معانيه. الملاحظة الثالثة هي سقوط حزب "الأحرار" العتيق وهبوطه إلى المرتبة الثالثة في البرلمان (33 مقعداً)... فالحزب التاريخي الذي يقترن اسمه بكثير من إنجازات كندا المحلية والعالمية منذ أواخر الخمسينيات، يبدو وقد مزقته الخلافات الداخلية وابتلائه برؤساء أقرب إلى مواقف اليمين المحافظ. وقد أثار سقوط هذا الحزب الذي يوصف بـ"حزب الوسط" نقاشاً واسعاً في الصحف، وكاد البعض يتنبأ بانتهاء دوره. وصدرت أصوات كثيرة وسط الأحرار تدعو لدراسة أزمتهم بشكل يضمن مشاركة واسعة من قاعدة الحزب وعزل القيادة الحالية وانتخاب قيادة جديدة. إن دور الوسط في السياسة لم يعد قضية كندا، بل جزءاً من أزمة أحزاب الوسط على المستوى العالمي، لذلك يمكن القول بأن كندا بعد الانتخابات متجهة لتصبح بلد الحزبين، وأن الربع الأول من القرن الحالي سيشهد انقسام الجماعات السياسية إلى يمين ويسار. والملاحظة الرابعة خلاصتها أن سقوط حزب الانفصال الكيبكي لا يعني موت قضية الكيبك؛ فأن يصبح حزب يساري هو المعبر عن الكيبك، فذلك يعني فتح الباب لحوار قومي حول الدستور الفيدرالي، والنظر في مطالب الكيبكيين بجدية، وإيجاد حلول تمتن وتقوي النظام الفيدرالي وتحقق مطالب أهل الكيبك المشروعة. وأخيراً، فإن فوز رئيسة حزب "الخضر" ودخولها البرلمان يمثل حدثاً تاريخياً، إذ سيجد أنصار البيئة منبراً يسمعون منه الأمة صوتهم. عبدالله عبيد حسن
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©