الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الرياضة

شبح ميسي

18 يونيو 2018 01:08
في مطعم «شيف» الراقي الذي يطبع فخامته في مياه نهر موسكوفا، حيث يأخذ مكاناً فارهاً على ضفافه، التقيت المشجع الأرجنتيني ريكاردو مانويل، وقد تعبأ وجهه بالحزن، حتى كاد ينفجر، بعد تعادل منتخب بلاده المفاجئ مع منتخب آيسلندا المغمور، والذي بالكاد يجد لقدميه مكاناً في خريطة العالم الكروية. ريكاردو هذا، والذي يمضي في خريف العمر، حيث يناهز الستين عاماً كنت التقيته في ذات المكان قبل يوم واحد، وبعدما تعارفنا قلت له ممازحاً إن آيسلندا ستفجر مفاجأة مونديال روسيا بالإطاحة بميسي ورفاقه، فانفجر ضاحكاً ما استرعى انتباه الحاضرين في المقهى، وقبل أن يخبئ ضحكته أجابني متهكماً وبخبث واضح: يا عزيزي لقد انتهت المفاجآت في روسيا، بعد مباراة الافتتاح، وقبل أن أرد أردف قائلاً: أنت تتحدث عن منتخب يقوده أسطورة العالم.. هل تعرفه؟ لا شك أنك تعرفه، فمن لا يعرفه لا يعرف معنى كرة القدم!. أدركت بالطبع ما كان يرمي إليه، وبسبب رده التهكمي والاستفزازي، جعلني مجبراً للرد عليه بالطريقة ذاتها من باب رد الصاع بصاعين، وقلت له: لعلك تقصد أسطورة برشلونة ليونيل ميسي.. أليس كذلك، لأننا لم نعرف هذا اللاعب إلا في النادي «الكاتالوني»، الذي أذاقه كل أنواع الإنجازات، بينما لم يحصد ما يستحق الذكر مع منتخب بلاده!. بدا واضحاً أنني بردي عليه بتلك الطريقة سجلت هدفاً في مرماه، إذ بادرني وأخذ يتلعثم في حديثه: بل هو أسطورة الأرجنتين وهديتها الأغلى إلى نادي برشلونة، إنه أسطورة العالم.. ثم سكت للحظة قبل أن يكمل وكأني به لم يشفِ غليله، فأراد أن يفرغ كل ما في جعبته من سهام: يا رجل لتعلم أن كرة القدم لم تنجب لاعباً مثل ميسي إلا دييجو أرماندو ماردونا، ثم عاد يصطنع الضحك من جديد قبل أن يردف قائلاً: ألا تلاحظ فكلاهما أرجنتينيان، أدركت انفعاله فاكتفيت بالقول: سنرى ما سيفعل، وليته يفعل ما فعله النجم الأسطوري كريستيانو رونالدو، وكنت أقصد بذلك ثلاثيته في إسبانيا. حين التقيته ثانية، وحدثت المفاجأة بتعادل آيسلندا والأرجنتين بهدف لكليهما، اقتربت منه فأدركت شدة حزنه وخذلانه، فحييته تحية المواسي، إذ بادرته قائلاً: حظاً أوفر يا صديقي، هي كرة القدم، لقد عاندكم الحظ، فلولا ركلة الجزاء الضائعة لكنتم قد حققتم فوزاً كبيراً. أجابني والغضب يملأ وجهه: لقد صدقت في كل كلمة قلتها بالأمس، فميسي في الأرجنتين ليس هو ميسي الذي نراه في برشلونة، إنه مجرد شبح لذلك اللاعب، إنه في كل مرة يشعرنا بالخذلان، فنعود لنتذكر مارادونا الذي لم تنجب كرة القدم مثله.. هو وحده الذي أفرحنا، وبرحيله ودعنا الفرح.. صمت والألم يعتصره، فواسيته من جديد، وقبل أن أبتعد عنه قلت له: يا صديقي الأرجنتين منتخب عظيم، وميسي هو أعظم من يركل الكرة اليوم رغماً عن كريستيانو.. فضحك وصافحني متمنياً لمنتخب بلادي الفوز في المباراة المقبلة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©