الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أوباما ومعضلة التعامل مع «مودي»

24 مايو 2014 00:30
مارك سابنفيلد كاتب ومحلل سياسي أميركي عندما وجّه أوباما يوم الجمعة الماضي دعوة إلى رئيس الوزراء الهندي، غير المنصب بعد، ناريندرا مودي، لزيارة الولايات المتحدة، لم يبدُ الأمر غريباً، بل كان متوقعاً، فالدعوة روتينية وتدخل في إطار المجاملات الدبلوماسية؛ ولكن ربما يعيق هذه الخطوة أن مودي يظل الشخص الوحيد في العالم المحظور عليه دخول أميركا بموجب قانون الحرية الدينية الذي لم يطبق على أحد سواه. وإلى حد الساعة لم توضح إدارة أوباما ما إذا كان سيتم رفع هذا الحظر ليتمكن مودي من دخول الولايات المتحدة. والحقيقة أن العلاقات الأميركية- الهندية لا تحتاج إلى تعقيدات أكثر، فالهند تحظى بأهمية خاصة في الاستراتيجية الخارجية لواشنطن، ولاسيما في إطار توجهها المتزايد نحو آسيا، فعلى رغم الصعوبات التي تجتازها العلاقات بين البلدين، لم يترك فوز مودي الكبير في الانتخابات الأخيرة أي فرصة لأوباما لالتزام الصمت، بحيث اضطر لإطلاق دعوته والانخراط مع رئيس وزراء الهند على أن يتم النظر في المشاكل العالقة لاحقاً، بل إن مما يدلل على الصعوبات التي تعتري العلاقات الأميركية- الهندية أن واشنطن انتظرت حتى تبين لها الفوز الكاسح لحزب بهاراتيا جاناتا في الانتخابات، وهو فوز تاريخي لم يحققه الحزب من قبل، لتبدأ التصريحات الأميركية المرحبة. وبصرف النظر عن صحة الاتهامات يظل مودي شخصية إشكالية في الهند، فقد كان هو الوجه البارز في الأحداث الدموية التي اجتاحت ولاية غوجرات في 2002 عندما كان رئيس وزرائها وأوقعت أكثر من ألف قتيل، أغلبهم من المسلمين. وبالنسبة لرئيس أميركي مثل أوباما ينحدر من الأقليات يمثل هذا الأمر إحراجاً كبيراً هو في غنى عنه لتطوير العلاقة الأساسية مع الهند، ولاسيما في مرحلة روّج فيها لنفسه كسياسي يريد التواصل مع المسلمين حول العالم، والحد من تداعيات استراتيجية سلفه، بوش، في محاربة الإرهاب التي خلفت الكثير من الاستياء في الشرق الأوسط. ولكن أمام الانتصار الكبير لحزب بهاراتيا جاناتا في الانتخابات لم يعد السؤال المطروح على أوباما فيما إذا كان سينفتح على مودي، بل فقط كيف يفعل ذلك. فبعد التوتر الذي اعترى العلاقات بين البلدين في شهر ديسمبر الماضي، بعد اعتقال دبلوماسية هندية في نيويورك واتهامه بتزوير تأشيره الإقامة، يتعين على أوباما توخي الحذر في خطواته نحو الهند. ويرجع تاريخ حظر دخول أميركا المفروض على مودي إلى عام 2005 عندما اعتبرت وزارة الخارجية الأميركية في تقرير لها أن الرجل لم يقم بما يكفي لوقف أعمال العنف في ولاية غوجرات، بل راجت اتهامات وقتها بأنه سمح للهندوس بالانتقام من المسلمين، عندما اندلع حريق في أحد القطارات اتهم المسلمون بالوقوف ورائه، ولكن مودي طالما نفى التهم الموجه إليه، مؤكداً في حوار أجراه معه معهد «بروكينجز» مؤخراً أنه كان حديث العهد بمنصبه على رأس الولاية، وأنه لم يقصّر في القيام بعمله. غير أن أوباما، على رغم الحذر في التعامل مع بلد مهم، مثل الهند، اختـار عدم رفع الحظر حتى في ظل انفتاح دول غربية أخرى على مودي وإبدائها استعدادهـا للتعامل معه، فقد أعادت بريطانيا فتح قنوات التواصل في 2012 مع مودي، وإن كانت مؤشرات عودة الدفء بادية أيضاً في أميركا بعد أن زارت السفيرة الأميركية في نيودلهي، نانسي باول، مودي في مقره بولاية غوجرات خلال شهر فبراير الماضي، حيث يبدو أن الشعب الهندي بتصويته المكثف على مودي أرغم الولايات المتحدة على مراجعة حساباتها. وربما تضطر واشنطن إلى الحكم على مودي بنفس المنظار الذي حكم عليه به الناخب الهندي، فمن بين الأسباب التي جعلت حزب بهاراتيا جاناتا يفوز في الانتخابات الأخيرة ويحصد 282 مقعداً من أصل 543 التي يتألف منها البرلمان الهندي تنحيته للخطاب الطائفي. وكما نقلت وكالة «رويترز» لم يقتصر الأداء الجيد لمودي في الانتخابات على المناطق ذات الغالبية الهندوسية، بل امتد أيضاً إلى دوائر يقطن فيها عدد كبير من الناخبين المسلمين. ويعضد ذلك أن الحزب حقق تقدماً في 47 دائرة انتخابية من أصل 102 يمثل فيها المسلمون نسبة 20 في المئة من السكان. بل إن الحزب فاز في منطقتين يشكل فيهما المسلمون الغالبية الساحقة. وهذا التراجع في الخطاب الطائفي الذي ميز بهاراتيا جاناتا في السابق جعل نقاط قوته الأساسية في المجال الاقتصادي ومحاربة الرشوة حاضرة بقوة في أذهان الناخبين، ولاسيما بالنظر إلى سجل مودي في ولاية غوجرات، حيث أصبحت بمثابة المعجزة الاقتصادية التي يسعى الهنود لاستنساخ نموذجها على الصعيد الوطني. وعن هذا الموضوع يقول سيد محمد خالد، أحد قادة المسلمين في البنغال الغربي بالهند «لم يكن هذا تصويتاً على أساس ديني، بل تصويت للتنمية الاقتصادية وخلق فرص العمل، ونحن نحترم خيار الشعب الهندي، ولذا نعتقد أن مودي سيكون عليه التحلي بالمسؤولية». ويرى آخرون أن مودي والحزب غيرا بالفعل لهجتهما الطائفية، ويستحقون أن يمنحوا فرصة حكم الهند. بل إن مودي نفسه لفت الانتباه في العام الماضي خلال مخاطبته لأنصاره في نيودلهي، قائلاً «لاشك أن هويتي هندوسية، ولكن ما نحتاجه في الهند هو إقامة المزيد من دورات المياه، وليس بناء المعابد»، في إحالة إلى حاجة الهند الملحة لتطوير بنيتها التحتية المتهالكة. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سرفيس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©