الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

جنود غير مجهولين يصنعون التميز والجمال

جنود غير مجهولين يصنعون التميز والجمال
19 يناير 2006
تحقيق وتصوير- موزة خميس:
ليس هناك ما هو أجمل من أن يقوم المرء بالعمل التطوعي خدمة لبلده وأهله، خاصة إذا كان هذا العمل خالصاً لوجه الله تعالى لا يبتغي منه صاحبة سوى رضاه ونيل الأجر والثواب، ولا شك أن العمل التطوعي ظاهرة حضارية وإنسانية نبيلة تشجع عليها كافة المجتمعات والأديان والفلسفات، ولا شك أيضاً في أنها تكتسب معانٍ عظيمة في المفهوم الإسلامي، فالتطوع في المفهوم الإسلامي يعني أنه الجهد الذي يبذله أي إنسان لمجتمعه بلا مقابل وبدافع منه للإسهام في تحمل مسؤوليات المؤسسة الاجتماعية التي تعمل على تقديم الرفاهية الإنسانية، على أساس أن الفرص التي تتهيأ لمشاركة المواطن في أعمال المؤسسات الديمقراطية ميزة يتمتع بها الجميع وأن المشاركة تعهد يلتزمون به·
والعمل التطوعي يعني أيضا أن يسخر الشخص نفسه عن طواعية دون إكراه أو ضغوط خارجية لمساعدة ومؤازرة الآخرين، بقصد القيام بعمل يتطلب الجهد وتعدد القوى باتجاه واحد، وهذا بالضبط ما وجدناه لدى المتطوعين الذين يعملون طوال النهار في القرية العالمية، لا لشيء إلا إيماناً منهم بضرورة العمل من أجل الوطن ورفعته والإسهام في مساعدة الآخرين·
من أجل هؤلاء الذين ينتشرون بين زوار القرية العالمية وإبرازا لجهودهم التي يبذلونها طوال الوقت وحتى ما بعد الثانية عشرة ليلا، أجرينا هذا التحقيق:
لا يبتعد المتطوعون في القرية العالمية بالنسبة لمفهوم العمل التطوعي كثيراً عن المعاني التي أشرنا إليها سابقاً، فهو بالنسبة إليهم يعني بذل المرء شيئاً من جهده ووقته وطاقته وإمكانياته لتحقيق مصلحة دينية أو دنيوية أو دفع مفسدة أو مضرة دينية أو دنيوية عن أمته أو مجتمعه ابتغاء الأجر عند الله تعالى، وهم يعتبرون التطوع أحد المجالات الهامة التي يبذل فيها أفراد المجتمع بعض المجهودات التي قد لا تستطيع الامكانات الحكومية القيام بها، كما أن التطوع من الأمور الهامة لكل مجتمع يسعى إلى تحقيق التقدم والبناء وتوفير قدر أكبر من الرعاية لإبنائه، وتدعيم الانتماء بين أفراد المجتمع وقيادته ومساعدة المؤسسات المجتمعية على أداء وظائفها، وهم يرون أن المتطوعين هم أكثر الفئات احساسا بالمشكلات التي يعاني منها المجتمع، وأن التطوع يدعم المشاركة بين الجهود الأهلية والجهود الحكومية·
فرح وعمل وتعلم
يقول كميدش أحمد سعيد وهو أيضا متدرب في 'الدناتا': علي أن أبقى كمتدرب في 'الدناتا' لمدة 4 سنوات من السابعة صباحا وحتى الثانية ظهرا في قسم ميكانيك السيارات، وبعد أن انتهي من هناك يكون لدي أقل من ساعتين حتى أصل إلى القرية العالمية وأباشر عملي من الساعة الرابعة وحتى ما بعد منتصف الليل كبقية فريق العمل من الزملاء والزميلات هنا، ومهمتي ان أنظم الفعاليات وأتابع الفرق الكرنفالية والفرق الشعبية التي تجوب القرية يوميا طوال ساعات العمل كي أحول بينها وبين الجمهور في حالات الزحام، وذلك بمساعدة أفراد الشرطة· كما أقوم بتوفير الطاولات والأجهزة الكهربائية والكراسي أحيانا، وأشرف على الألعاب النارية أيام الأربعاء والخميس والجمعة بحضور فريق عمل سما دبي·
عملنا يدعم الثقة بين المتطوع والمسؤول والمستفيد، وكل إنسان يمكنه أن يضع بصمة ما ويساهم في عمل ما، وسيتعلم أكثر وسيفرح بما يصنع·
متعة وعمل جماعي
سبيل محمد سليمان (موظف في أكاديمية شرطة الشارقة) لا يرى أن هناك أي تعارض مع الوظيفة والتطوع، ويكمل:
العمل هنا متعة، ولا أشعر بالتعب والوقت، ومهمتي الإشراف على المطاعم، والتنسيق بيننا وبين البلدية وبين أصحاب المطاعم، وتسمح إدارة القرية لمسؤولي الصحة في بلدية دبي في الدخول وقتما يشاؤون لكي يقوموا بالتفتيش على النظافة وطرق تخزين المواد الغذائية، وكي لا يتم التلاعب بالأسعار طلبنا من كل مطعم مشارك أن يعد قائمة (مينيو) بالاطباق والمشروبات والأسعار وأن توضع تلك القوائم على الطاولات واستلمنا نسخا من تلك القوائم في حال وردت شكاوى·
تعلمت من عملي كمتطوع انني أول المستفيدين هنا من حيث احتكاكي بمختلف الثقافات والأمزجة، وبانضمامي إلى مجموعة من المتطوعين والمتطوعات الشباب والشابات نقوم بدورٍ ما لصنع شيء جميل يزيد هذه الفعاليات تألقاً، وتعلمت من خلال هذا المكان كيف يكون العمل الجماعي وعرفت أهميته، وقد شكلت تجربتي لبنةً أساسية لحياتي المقبلة، وسأستمر في هذا العمل وسأحاول متابعة العمل مع مجموعات تستنبط مني شيئا جيدا قد يفيدهم في عمل يخدم المجتمع، وأيضا يخدمني كفرد من المجتمع وكإنسان ونحن نحتاج لتعميق فهم التطوع بالنسبة للمجتمع'·
فكرة جميلة
خلود عيد الحاي (قسم إصدار البطاقات) قالت:
هذه تجربتي الأولى في العمل ومازلت طالبة في جامعة الشارقة، ولكني متوقفة عن الدراسة ولذلك ابدأ عملي هنا من الثامنة صباحا وحتى الخامسة مساء حيث أقوم بإنجاز البطاقات للعارضين من مختلف الدول المشاركة وأيضا للمرافقين لهم كجليسات الأطفال والبائعين· لكن عملنا لا ينتهي عند حد إصدار البطاقة لأن أي عارض أو عامل قد يفقد بطاقته، مما يستدعي إصدار بديل، كما أن لكل محل رقما، وقد يقوم البائع بالانتقال لمحل آخر، وهنا عليه أن يأتي لتغيير بطاقته ليحمل رقم المحل الجديد وإلا يعتبر مخالفاً، فهذه الأمور تتعلق بتوفير الأمن للقرية وللزوار والعاملين، وفي ذات الوقت علينا أن نكون في منتهى الهدوء حين التعامل مع العاملين ضمن القرية من العارضين والبائعين'·
وأضافت خلود: فكرة العمل بحد ذاتها جديدة ومهمة ما دامت تعزز من إنسانيتي وتشعرني أني موجودة واستطيع المساهمة في تنمية بلدي، وأنوي تكرار التجربة لكن ذلك لا يعني أن المجتمع قد استوعب فكرة التطوع، ولذلك نحن بحاجة لمزيد من إلقاء الضوء على أهمية هذا العمل، وأعتبر أول فتاة تعمل في قسم إصدار البطاقات حتى الآن، واحيانا علي أن أستقبل 20 شخصا في وقت واحد وكل شخص يرغب في إنجاز عمله بسرعة، ولكن البعض يغضب لأنه يدفع رسوم بدل فاقد عن البطاقة التي يحملها، وينسى أن تلك البطاقة قد استلمها مجانا رغم أنها تكلف'·
تهيئة وتدريب
شنونة سالم الحارثي- (قسم الاستعلامات) قالت: أعمل في مدرسة الإبداع النموذجية، وأشارك للعام الثاني في مهرجان دبي وفي القرية العالمية، وطبيعة عملي هي الإجابة على استفسارات الزوار عن أماكن أجهزة البنوك، ومحلات الصرافة، وأماكن القرى والمطاعم والمساجد، ونحن نوزع على الأهالي أساور بلاستيك نكتب فيها اسم الطفل والأب والأم ورقم الهاتف النقال في حال ضياع الطفل، ولكن نواجه رفض الأهل أو عدم اهتمامهم بالحصول على هذا السوار، ولذلك يفقد الأهالي أطفالهم ويستغرقون وقتا طويلا حتى يعرف أحدهم أن هذا الطفل تائه ويحضرونه لنا، كي نعلن عنه·
وترى شنونة أن العمل التطوعي له أهمية في تهيئة من لم يسبق له العمل للعمل بعد التخرج لأن عمله التطوعي يدربه على تقنيات لم يكن يعرفها، ويتعلم كيف يتعامل مع الجماعة وأيضا سوف يعرف احتياجاته الشخصية الحقيقية، ولعملنا أهمية أكبر في تمتين الإحساس بالآخرين، وبأهمية أي عمل مهما كان صغيرا·
تغيير نظرة المجتمع
عبدالله سيف الفلاسي (قسم الإذاعة) قال:
أنا طالب في كلية الإعلام، وأشارك لاول مرة كمتطوع في عمل مهم، وقد سبق لي المشاركة من خلال المدرسة والكليات، ولم أندم على عملي هنا، فقد منحني عملي من خلال الإذاعة ما سوف أدرسه في السنة الثالثة في الجامعة، وهناك صعوبة في التوفيق بين الدراسة والتطوع ولكن بالإرادة والتعود يتجاوز المتطوع العقبات·
طبعا لكل متطوع أشخاص مقربون إما يشجعونه أو يحاولون تثبيط همته، واعتقد أن السبب هو عدم فهم المجتمع لأهمية العمل التطوعي، وأرى أن يتم تقديم جرعات مكثفة من خلال المنهج الدراسي وأيضا للأهالي في البيوت من خلال القنوات الفضائية·
تعزيز مفهوم التطوع
حسين مراد (مسؤول الأجنحة) رفض التصوير لأسباب شخصية وقال:
بدأت كمتطوع في القرية منذ ثماني سنوات، وأحببت هذا العمل، وكنت موظفا ولا زلت، وقد منحني عملي هذا من خلال التجارب الكثير من الخبرات وأكسبني التعرف على ثقافات دول العالم المحيط بنا، وأكبر دول العالم في حال الكوارث والأزمات لا تعيد بناء نفسها باعتمادها على أجهزتها، وإنما باعتمادها على المتطوعين أيضا، ولذلك أرى ان تركز اجهزة الدولة المختلفة على تعزيز فكرة التطوع كي تكرس بين الجميع، وذلك بأن تنظر بعين الاعتبار إلى المتطوعين عندما يرغبون بالعمل قياسا بالدول الغربية التي تطلب مع طلبات التوظيف قسائم عن مشاركة الفرد في أي عمل تطوعي وهذا يعزز فرصته بالفوز بوظيفة، إن عملنا هذا ضرورة لبناء قدرات المتطوعين بتنمية مهاراتهم وقدراتهم من خلال ممارستهم للمهمة التي أوكلت لهم·
مكسب للشباب
علي محمد (قسم إصدار التأشيرات) قال:
أعمل موظفاً في مدينة دبي للإنترنت والدوام في الجنسية والجوازات، وقد بدأت العمل كمتطوع في القرية العالمية منذ عام ،2001 ويقتصر عملي على أن اتواجد يوميا في الجنسية والجوازات لعمل تأشيرات المشاركين وفي المساء أداوم في القرية لتسليم ما أنجزته واستلام أوراق جديدة لعمل تأشيرات أخرى، وأؤمن بأهمية عملنا التطوعي وأعتبره بالنسبة للشباب الذين لم يحصلوا على وظائف بعد بمثابة دورات تدريبية لهم، ولذلك هو مكسب لهم، وعلى الإنسان أن يتعلم كل شيء طالما في ذلك العمل خير له وللمستفيد من العمل وللمجتمع والمحيط الذي يعيش فيه·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©