السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

رحلة في الزمن على جناح الصقر

رحلة في الزمن على جناح الصقر
25 مايو 2014 17:13
خولة علي (دبي) سلسلة من المتاحف العلمية حرصت إدارة التراث العمراني ببلدية دبي، على إقامتها بهدف توثيق المعلومات التاريخية لبعض إحياء البيئة المحلية التي ارتبط بها الإنسان قديماً، ومن هذه المتاحف متحف الصقور الذي يؤرخ لهذا الطائر الذي له هيبته ومكانته بين العرب الشغوفين بتراث ورياضة الصيد بالصقور. في متحف الصقور تبدو حياة البراري والبيئة التي وجد فيها الصقر وخاض بطولاته وانتصاراته حتى غدا من الرموز الشامخة التي يتباهى بها العرب، ويحرصون على وجودها في مجالسهم. وسائل العرض وكل قاعة من القاعات الأربع التي يتكون منها المتحف، تزخر بالصور والمعلومات والمجسمات وغيرها من وسائل العرض المسموعة والمرئية، فهناك قاعة تضم معلومات تاريخية حول بداية الصيد بالصقور وأنواعها وسلالاتها، وقاعة يعرض فيها بطريقة علمية وصف لأجزاء جسم الصقر والأمراض وطرق العلاج القديمة والحديثة، وقاعة تعرض فنون وطرق الصيد بالصقور وأدواته ورحلة القنص، والصقور في الشعر والأدب العربي، أما القاعة الأخيرة فيتم فيها عرض البيئة وتكاثر الصقور. في القاعة الأولى، بدت الصقور في مشاهد عدة كالبحث عن فريسة، والتأهب والانطلاق. ويقول المرشد السياحي في متحف الصقور خالد الظاهري: «اشتهر عرب الصحراء بحبهم للصقر وتمسكهم به إلى يومنا هذا كقيمة تراثية، تدل على علو الشأن وارتفاع المنزلة، وتمثلوا به في قصائدهم، وهاموا عشقاً بطباعه وقيمته، حتى أضحى صورة ملازمة للملوك والأمراء والشيوخ وعلية القوم، بل إنهم يطلقون عليه أسماء هي نفسها أسماء أبنائهم وأحبتهم، فأحدهم يسمي (صقر، نايف، عقاب، راكان، فلاح، سطام..)، وهي الأسماء نفسها التي يتخذها عرب الصحراء وتحمل صفات لها دلالة في نفوسهم». فصائل متعددة وأوضح أن هناك أعداداً كبيرة من الصقور بأنواع مختلفة ومتعددة، منها البازي والشاهين والصقر والعقاب، وكل فئة تشمل فصائل متعددة ومختلفة، والصقر الحر من أكبر الصقور وهو أكبر من الصقر الوكري تقريباً بحجم صقر الجير. فيبلغ طوله من 47 سم إلى 57 سم، ويصل طول جناحه إلى متر ونصف المتر، ومساحة جناحه كمساحة جناح الصقر الجير. وإناث الحر أكبر حجماً من الذكر، بحيث يصـل طول الإناث إلى 16 بوصة، وطول الذكـر من صقور الحر 14، وتضع أنثى الحر من 3 إلى 6 بيضات، وتكون فراخ هذه البيضات على نحو متدرج، فيخرج منها النادر واللزيز والتبع والمحقور. ويضيف: «كان الصيد بالصقور مقتصراً على العرب، فهم أول من دربها واستعملها في الصيد، ومن النوع الذي استحوذ على اهتمام العرب قديماً النوع المعروف بالحر، وهي كلمة تعني العلو والفخر، ومن أنواعه الوكري السنجاري، والأشقر، وعادة ما تتسم الصقور بالجرأة والإقدام وسرعة الانقضاض والذكاء». وفي القاعة الأخرى، رأينا فسيولوجية هذا الطائر وقوة بنيته، من خلال مجسم تشريحي للصقر، وبعض الصور التعريفية التي وزعت على جدران القاعة، توضح سمات كل جزء من جسد الصقر، ويقول خالد الظاهري: «في الجوارح ميزات خاصة تجعلها تستطيع القيام بعملية الصيد بكفاءة عالية، ولكل عين من عيون الطيور مجال مستقل للرؤية، ولكن في الصقور تستدير العينان نحو الأمام لتشترك في مجال الرؤية جزئياً وتعطي رؤية مجسمة، والصقر يستطيع رؤية حمام جاثم على بعد 1000 متر، وحمام طائر على بعد 1600 متر. والصقر الاعتيادي يستطيع أن يرى كرؤية إنسان يرتدي نظارة ذات تكبير حوالي ثماني مرات». وما أن يتخطى الزائر هذه القاعة، حتى يجد نفسه في محيط يسجل فيه إبداع عرب الصحراء قديماً في ابتكار الأدوات التي ساهمت في تدريب الصقور على الصيد، وتحفيزها على سرعة الانقضاض وإعادة الهدوء إليها بعد الصيد. ومن بين الأساليب التي استخدمت قديماً لصيد الصقور طريقتان، منها طريقة الكوخة وهي تشتمل على الشبكة وتشبه ما يسمى (القرقور)، وهي شبكة على شكل قفص تستخدم لصيد السمك، مغطاة بأكملها بورق الشجر، المكوخ ويمكث (الصياد) أو المكوخ في حفرة إلى أن يحين وقت المغرب، فيخرج من الحفرة قبل المغرب بقليل للصلاة، ولصيد الصقر بطريقة الكوخة هناك قواعد عدة ينبغي أن يلتزم بها الصياد، منها أن يكون في حوزته طوال فترة التكويخ الماء والطعام، والحبال والشبكة التي توضع في المقدمة، وللكوخة أربع فتحات، من الشمال والجنوب والشرق والغرب، ومن خلال هذه الفتحات يراقب الصياد الصقر عندما يقترب منه. الصياد البذوار ويقول خالد الظاهري: «بالإضافة إلى الشبكة، ينبغي أن يكون لدى الصياد البذوار (وهو طير صغير يستخدم كطُعم في صيد الصقور)، فما أن يرى الصياد اقتراب الصقر من الكوخة من خلال الفتحات الأربع، حتى يسحب البذوار، لكن لا يسحبه كل عشر دقائق، بل بعد ربع ساعة إلى ساعة حتى لا يتعب البذوار لأنه مربوط بحبل يعلق في أرجله التبلاغة (وهي عبارة عن ريش طائر)، فالصياد يموه للصقر بأن البذوار يحمل بين قدميه فريسته، وعندما يشاهد الصقر البذوار على هذه الحال ينطلق باتجاهه لأخذ الفريسة». وأضاف: «هناك أدوات عدة يستخدمها هواة الصيد، منها البرقع، وهو قطعة من الجلد تغطى بها رأس الصقر، وتستخدم عادة لتهدئة الصقر بعد أن يتم حجب الرؤية عنه بعد أن ينتهي من التدريب، وهناك المنقلة وهي قطعة من الجلد أسطوانية الشكل تدخل اليد فيها، ويخرج منها أصبعان هما الخنصر والبنصر، ما يسهل على الصقار حمل الصقر على يده والتنقل به». وفي قاعة أخرى، نرى أماكن تكاثر الصقور ووقت تزاوجها، وهناك ركن الطب البيطري الذي يسرد الكثير من الأمراض ومسبباتها وطرق علاجها، إلى جانب عملية تجبير الكسور التي قد يتعرض لها الطير أثناء رحلة الصيد، ويتم عرض بعض الأدوية الشعبية التي كانت تستخدم في تطبيب الصقور.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©