السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

جيل الآباء: الماضي كان تعب أجساد وراحة قلوب

جيل الآباء: الماضي كان تعب أجساد وراحة قلوب
24 مايو 2014 21:05
أشرف جمعة (أبوظبي) بيننا الكثيرون الذين عاشوا عصر البساطة الذي كان يخلو من العوالم الرقمية والطفرة العمرانية حيث «الفريج» والبيوت المتقاربة والحياة التي قامت على علاقة الجيرة وجلسات السمر في المقاهي الصغيرة التي عبرت عن الحميمية التي عاشها المواطن قبل الوصول إلى ذروة التقدم والحضارة والمدنية وهؤلاء يعيشون معنا الآن عصر التوسع العمراني والانتقال من أشكال الحياة العادية إلى البنايات الشاهقة وعصر التكنولوجيا والتفاعل مع معطيات الحياة الجديدة ورغم التحولات الكبيرة فإن الكثيرين من أبناء الجيل الماضي يدفعهم الحنين دائماً للعودة إلى زمن البساطة والأسرة المندمجة في البيوت الكبيرة. واتسمت حياة المواطن الإماراتي في الماضي بالبحث المتصل عن أسباب الرزق وكان البحر يسع طموحاته في صيد الأسماك والغوص من أجل اللؤلؤ فضلاً عن العمل في مجالات مختلفة مثل الزراعة وبعض الحرف الأخرى وهو ما أكسبه حياة لها مذاقها الخاص وعاصر الكثيرون من أبناء ذاك الجيل العصر الحالي واقتربوا من ثورته التكنولوجية الجامحة وانتقلوا للعمل في مهن أخرى وتجارات مغايرة لطبيعة عصرهم الفائت لكنهم ما زالوا يجدون المتعة في الحديث عن الأيام الجميلة الماضية. وتقول الاستشارية الأسرية بمركز التميز في أبوظبي الدكتورة غادة الشيخ: لا تزال الذكريات الحميمة جزءاً رئيسياً في حياة الذين عاشوا العصر الماضي ولم تزل تلك الذكريات تسيطر على أحاديثهم في اللقاءات التي تجمعهم ومع أبناء الجيل الحالي والمقارنة دائماً في صف الزمن الأول الذي جمعهم في أحياء متشابكة شكلت لديهم ذروة العلاقات الاجتماعية. وأضافت: مجرد العودة إلى منابع الذكريات القديمة لدى أبناء الجيل الماضي يدفعهم للشعور بالراحة النفسية ويجعل إقبالهم على الحياة أكبر فالماضي هو النافذة التي يطلون منها على الحاضر وتجد أحدهم عندما تعترضه مشكلة ما أو يجد صعوبة في التعامل مع العصر التقني الذي يعتمد على وسائل الاتصال الحديثة يتململ ويتذكر كيف كانت الحياة في الماضي أحلى وأسهل وأرحب وترى أن العديد من أبناء هذا الجيل لم يتخلوا عن نسقهم في المعيشة ومنهم من يحن إلى بيئة البحر ويذهب إليها على فترات حتى يستعيد ذكريات طواها الزمن. حياة بسيطة يعود إبراهيم المنصوري بالذاكرة إلى ما يقرب من نحو ستين عاماً حيث سنوات طفولته التي اكتسب فيها جملة من العادات والتقاليد في ظلال جزيرة أبوظبي وظلت راسخة في وجدانه. ويرى أنه عاش أجمل أيام حياته في طفولته وشبابه حيث الحياة البسيطة والألفة بلا صخب الشات ووسائل التواصل الاجتماعي. ويلفت إلى أنه عاش مرحلة ما قبل اكتشاف النفط حيث كانت البيوت تحمل طابعاً مريحاً مستمداً من البيئة الطبيعية ورغم أنه شاهد عصرين لكل منهما خصائصه ومميزاته فقد حافظ على الطابع الكلاسيكي لبيته. ويؤكد أنه فور دخول أي إنسان بيته يشعر أنه موجود في الزمن الماضي بكل تفاصيله إذ إن ارتباط المنصوري بحياته الأولى والعصر الذي ولد فيه قوي وموصول ويذكر أن أحد أصدقائه القدامي والذي يعيش حالياً في أميركا بعث إليه برسالة يسأله فيها عما إذا كان يحن إلى الماضي أم لا وأجابه بأنه لم ينفصل عن ذلك الزمن الجميل. مجالس السمر وأكد إبراهيم المرزوقي أنه يشتاق إلى أيام «الفريج» التي كان يلهو فيها صغيراً مع أترابه ويجلس على المقاهي في صدر شبابه ومعظم المظاهر التي كان يعيشها في الماضي لم تعد موجودة في الوقت الحالي سواء علاقة الجيران ببعضهم أو علاقة الأسرة الواحدة. ويضيف: حولنا هذا الزمن إلى كائنات تسابق الوقت فافتقدنا طعم المناسبات السنوية ولم تعد للعيد تلك النكهة الخاصة التي تجمع كل سكان الفريج في الباحات الواسعة أمام البيوت أو في الأعراس وإقامة الحفلات. ويشير إلى أن العصر الحالي لا يتوافق مع طبيعة الجيل الماضي الذي كان يعيش كأسرة واحدة لا تفصل بين أفراده أي عوائق من التي استحدثها العصر إذ كان الناس جميعاً يعرفون بعضهم وتربطهم علاقات وثيقة. ويوضح أنه يفتقد جلسات السمر الحميمية التي كانت تجمع الأهل والأصدقاء والجيران في المجالس التي كانت تتصدر البيوت وتدور فيها أكواب القهوة العربية في أجواء من المرح والسعادة ويتمنى لو عاد به الزمن للخلف. رحلات طويلة من بين الذين لا ينسون الماضي وأيامه رغم صعوبة الحصول على لقمة العيش فيه، عبدالرحمن بن حماد الذي كان يعمل في مهنة الغوص من أجل اللؤلؤ ويذكر أنه في كثير من الأحيان يتحدث إلى أطفال عائلته عن ذكرياته مع الغوص ويقول لم أزل أذكر تلك اللحظات التي تختلط فيها السعادة بالشجن فور عودة الرجال من رحلاتهم الطويلة والناس يخرجون في مشهد نادر يعبر عن اشتياق الأهل للعائدين في مراسم عفوية. ويرى أن العصر الحديث فيه الكثير من الإغراء الذي يشجع على الاستمتاع بمباهج الحياة لكنه لا يعبر عن أبناء الجيل الماضي ويؤكد أنه مرتبط بماضيه أكثر من حاضرة ويتمنى أن تعود به الأيام إلى تلك الرحلات الطويلة ويستمتع مرة أخرى بالغوص.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©