الثلاثاء 19 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

قندهار تغرق في الظلام!

11 مايو 2015 22:25
داخل قاعدة عسكرية أميركية سابقة ما زالت محوطة بالأسلاك الشائكة والجدران الواقية من التفجيرات، يصطف عدد من المولدات الكهربائية الضخمة وهي صامتة. وخارج القاعدة، الواقعة في قندهار، اضطرت المصانع التي تعتمد على تلك الآلات للحصول على الكهرباء للإغلاق، أو هي في الطريق إلى ذلك. وكل هذا يشير إلى جهد أميركي لمحاربة التمرد في أفغانستان لا يعرفه كثيرون: توفير الإنارة لهذه المدينة الاستراتيجية الواقعة جنوب البلاد، التي تُعتبر مهد حركة «طالبان». ولكن في أحد أيام شهر أبريل- بعد عام تقريباً على مغادرة الجنود الأميركيين للقاعدة وتسليمهم المسؤولية للأفغان- انهار المشروع الأميركي الذي كلف أكثر من 300 مليون دولار لتقوية الاقتصاد عبر توفير الطاقة الكهربائية. وفي وقت يتقلص فيه وجود الجيش الأميركي وأموال مساعداته، تعجز الحكومة الأفغانية المفتقرة للمال عن شراء قطع غيار أو وقود للمولدات الكهربائية. ونتيجة لذلك، تغرق قندهار، المدينة التي أعطى منها بن لادن الأمر بتنفيذ هجمات الحادي عشر من سبتمبر، في الظلام أكثر، ما يثير أسئلة حول فرص استقرارها المستقبلي وحول ما إن كانت الأموال الأميركية قد صرفت على نحو مناسب. وقبل عام من اليوم، كانت بعض المناطق تتلقى 12 إلى 16 ساعة من إمدادات الكهرباء يومياً. أما اليوم، فتمضي أسابيع أحياناً بدون كهرباء، كما يقول بعض السكان والمسؤولين المحليين. وفي هذا الصدد، يقول روح الله نوري، مدير التسويق في شركة «هيرات آيس كريم»، المجاورة للقاعدة العسكرية: «إننا نكافح من أجل البقاء والاستمرار لأن حياة شركتنا تتوقف على الكهرباء». والواقع أن عدداً من الشركات أغلقت عبر المدينة أو اضطرت لخفض عدد العاملين فيها بسبب نقص الكهرباء. ونتيجة لذلك، أخذت البطالة ترتفع، على غرار مشاعر الغضب من الحكومة المركزية. كما أخذت أسعار الضروريات الأساسية ترتفع جزئياً بسبب ارتفاع أسعار الوقود الذي يُستعمل لتشغيل المولدات، بل إن الحياة أضحت صعبة إلى درجة أن بعض السكان بدأوا يحنون إلى أيام حكم «طالبان». وفي هذا السياق، يقول سلطان محمد، الذي جلس داخل متجره في شبه ظلام، غير قادر على الإبقاء على مرطباته باردة: «خلال عهد طالبان كانت لدينا كهرباء وأمن. لقد كان ذلك زمناً جميلًا»، مضيفاً «هذا أسوأ وقت واجهناه على الإطلاق بدون كهرباء». ويخشى المسؤولون المحليون، إضافة إلى المحققين الحكوميين الأفغان الذين يحققون في المشاريع التي مولتها الولايات المتحدة، من أن يستفيد المتمردون من مشاعر اليأس والاستياء ويكتسبوا مزيداً من المجندين، وهو ما من شأنه أن ينسف المكاسب التي تحققت بشق الأنفس على المستوى الأمني. كما يخشون أيضاً أن يلجأ العاطلون عن العمل إلى الجريمة أو العمل في حقول الأفيون، وهو ما من شأنه أن يغذي تجارة المخدرات ويقوض هدفاً أميركياً مهماً آخر. ويقول سيد رسول، المدير الإقليمي لشركة توزيع الكهرباء الحكومية «إذا ساءت الأوضاع الأمنية في قندهار، فإن ذلك سيؤثر على كل أفغانستان»، مضيفاً «لقد ولدت طالبان هنا، بل إن كل ثورات أفغانستان انطلقت من هنا». وآخر مرة كانت فيها الكهرباء متوفرة على مدار الساعة في قندهار، التي تعد ثاني أكبر مدينة في أفغانستان، كانت في عقد السبعينيات، ووقتئذ، كانت المدينة مجرد مكان معزول وناءٍ، على رغم أنها كانت موطن ملوك البلاد والقبائل الحاكمة. وتحت حكم «طالبان»، عندما كان عدد السكان أصغر بكثير، كانوا يتلقون الكهرباء معظم اليوم، بفضل الكهرباء التي يولّدها سد كاجاكي الذي أنشأه في الخمسينيات مهندسون أميركيون في إقليم هلمند المجاور. ولكن منذ خلع نظام «طالبان» في 2001، ارتفع عدد سكان قندهار كثيراً. وأدت العقود الأميركية الضخمة إلى نمو الاقتصاد، فازدادت الحاجة للكهرباء. وبحلول 2011، كان إقليم هلمند مركزا للقتال، ونتيجة لذلك، كانت الكهرباء من سد كاجاكي تنقطع باستمرار. ومع ذلك، ظل السد يوفر خلال أيام السلم 33 ميجاوات من الكهرباء فقط، تتقاسمها مناطق مختلفة. وكان ثلثها تقريباً يصل إلى قندهار، كما يقول مسؤولون من هيئة الماء والكهرباء. وفي تلك السنة، حدد القادة العسكريون ومسؤولو المساعدات الأميركيون توفير الكهرباء لقندهار باعتباره هدفاً رئيسيا لمحاربة التمرد. وعلى إثر ذلك، أنفق الجيش الأميركي ملايين الدولارات لبناء محطات لتوليد لكهرباء تشتغل بالديزل لتوفير الوقود. ولكن لم تتلق المدينة أي كهرباء من السد طيلة الشهرين الماضيين بسبب احتدام الاشتباكات بين «طالبان» وقوات الأمن الأفغانية. ويقول سيد جان خاكريضوال، رئيس مجلس المحافظة: «إن بناء هاتين المحطتين كان تبذيراً للمال»، مضيفاً: «لقد كان أمراً عديم الجدوى!». سودارسان راغافان - قندهار *ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز» سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©