الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ننسى أم نتناسى؟

24 مايو 2014 21:07
كلما يتحدث الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل الذي تجاوز عامه الحادي والتسعين، يستدعي أسماء وأرقاماً وتفاصيل دقيقة لوقائع وأحداث مضى عليها أكثر من ستة أو سبعة عقود، بدقة متناهية، ويتندر كثيرون على تلك الذاكرة الحديدية. قد نقابل عجزة ومسنين كثيرين على غرار هيكل، كما كان هناك الفنان التشكيلي العالمي بياكسو الذي ظل يقدم إبداعاته الفنية إلى أن توفي في الحادية والتسعين، وأنتج وهو في الثامنة والثمانين 165 لوحة و46 رسماً! و«برتراند راسل» ظل أيضاً حتى الثمانينيات من العمر يحاور ويكتب ويتظاهر في شوارع لندن ضد الاستخدامات المدمرة للذرة. كذلك نتذكر رائد جراحة القلب «مايكل دبجي» الذي كان يجري عمليات جراحية دقيقة، وهو في الخامسة والتسعين، ولم ترتعش يده. أيضاً نعرف أن العالمة الأنثروبولوجية المعروفة «مارجريت ميد» واصلت نشاطاتها وطاقتها في العمل حتى الثمانين من عمرها، وعاش العالم الروسي الشهير «بافلوف» ولم يتوقف عن العمل والتوجيه والإشراف على طلابه وإجراء التجارب، وتوفي وعمره ستة وثمانون عاماً، كما أنجز «فرويد» كتابه الشهير«موسى والتوحيد» وهو في الثالثة والثمانين، ونتذكر أيضاً الممثل الشهير «أنطوني كوين» الذي تزوج وأنجب بعد أن تعدى الثمانينات من العمر. هناك فكرتان خاطئتان تستحقان التوقف، الأولى تقول: إن القوى الذهنية والإبداعية تضعف أو تتدهور لدى المسّن. والثانية تقول: إن الحاجة الجنسية لدى المسن تضعف أو تنعدم. لكن في دراسة ميدانية، توصل باحثون إلى أن المسنيّن تتحسن درجاتهم في اختبارات الذكاء، والمهارات اللفظية، والقدرة على التعامل بذكاء مع مشاكل الحياة اليومية. أما التدهور أو الضعف العقلي، فقد يكون ناجماً عن أمراض متعلقة بالعمر، وليس بالشيخوخة بحد ذاتها. لكن هل تتغير سمات الفرد أو خصائصه الشخصية أو حالته المزاجية بتقدمه في العمر؟. الجواب «لا» غالباً، فالذي كان في ثلاثينياته اجتماعياً وكريماً ومحباً للناس، ولديه ثقة بنفسه لا يتحول في ستينياته ما هو عكس ذلك. والذين يشعرون بالقلق والعداء والاكتئاب والاندفاعية وهم في السبعين، كان معظمهم كذلك حين كانوا في الأربعين أو حتى العشرين من العمر. هذا يعني أن الخصائص الأساسية في الشخصية تميل إلى أن تبقى، كما هي في حياة الفرد، وأن المسّن يميل إلى أن يبقى يفكر ويتصرف ويتفاعل مع الآخرين كما كان أيام شبابه. وبعكس ما يعتقد كثيرون، لا يحصل تغيير مفاجئ في نمط الشخصية. صحيح أن المسّن يواجه مشكلات تتعلق بالتوافق النفسي والاجتماعي، والبعض يتوقفون عن النشاطات التي كانوا يمارسونها، فيما يستمر البعض الآخر في العمل ومتابعة ممارسة الهوايات والاهتمامات. قد يُعاني بعض كبار السن تدهور الذاكرة القريبة، فيما تظل الذاكرة البعيدة لديهم نشطة وفعَّالة. وهنالك تباين كبير في كمية ونوعية ما يتذكرونه من معلومات، لأن عملية التذكر تتأثر بالعوامل الشخصية والمزاجية للفرد. ولهذا ينبغي أن تعطي للمسن فترة أطول للتذكر. في الحقيقة نحن نتناسى، أو ننسى لأننا نحب أن ننسى.. لا لأننا عاجزون عن التذكر. المحرر | khourshied.harfoush@admedia.ae
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©