الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

أمين صالح يناقش العلاقة الجدلية بين الرواية والفيلم

أمين صالح يناقش العلاقة الجدلية بين الرواية والفيلم
11 مايو 2015 22:45
إبراهيم الملا (أبوظبي) استضافت صالة سينما الصندوق الأسود مساء أمس الأول بمعرض أبوظبي للكتاب، الأديب والناقد والسيناريست البحريني أمين صالح لمناقشة السؤال الحائر والمتجدد حول العلاقة الجدلية بين فن الرواية وبين الأفلام المقتبسة عن نصوص روائية ذات خصوصية لغوية وتخيلية تصنع فوارق عديدة وشائكة بين نص سردي مفتوح على التأويل والسفر الذهني، وبين تكوين بصري محكوم بزمن معيّن، ويروي حكاية ما مرهونة بحدود هذا التكوين وهذا الزمن. في بداية مداخلته حول هذه العلاقة الملتبسة بين الرواية والفيلم، أشار صالح إلى أن السينما في سنوات ولادتها الأولى اعتمدت على مصادر أدبية مثل الرواية والقصة والمسرحية، وقال: «إذا كانت الرواية تنشّط وتفعّل مخيلتنا، فإن الفيلم المأخوذ عن الرواية ينشّط ويفعّل ذاكرتنا التي اختزنت أحداث وشخوص الرواية، ثم ينتقل إلى المخيلة على مستوى جمالي مختلف». مسألة خلافية مضيفاً أن مسألة إعداد وتحويل رواية ما إلى فيلم كانت مسألة خلافية لم يتم حسمها إلى الآن، وستظل حاضرة مع كل تحويل لنص أدبي إلى الشاشة، موضحاً أن الذي ينشّط عملية التحويل هو اعتبار الرواية والفيلم مجالين مثاليين للسرد، وهما الأكثر رواجاً وشعبية، فالرواية هي مصدر ثري للمادة الجاهزة حيث الشخوص والقصص والأحداث، بينما النصوص المكتوبة خصيصاً للسينما قليلة ونادرة، ولكن ـ كما أشار صالح ـ هناك أيضاً الدوافع التجارية حيث تستثمر السينما نجاح وشهرة الرواية وليس فقط رصانة ومتانة وقوة المادة الأدبية من أجل تحقيق الربح. وطرح صالح خلال الندوة عدداً من الأسئلة الحاضرة في ظل هذا التودّد الشرس بين الفيلم والرواية، فمثلا ما هي المشكلات التي تواجه المخرج عند معالجته لرواية تبلغ صفحاتها المئات وتحتوي على العديد من الخيوط السردية، وما هي البنية السينمائية الملائمة لتحويل عناصر الرواية الأصلية إلى الشاشة؟ وقبل الإجابة عن هذه الأسئلة أشار صالح إلى بعض الملاحظات المهمة في هذا السياق مثل التعرف على الفروقات التقنية بين الرواية والفيلم، حيث إن الأشكال الأدبية الخاصة والمستقلة تأصّلت بفعل القراءة، أي عبر العلاقة المباشرة بين الكاتب والقارئ، فالأداة الرئيسية هنا هي اللغة بكل دلالاتها وإيحاءاتها ورموزها، وبواسطة هذه اللغة يتحقق الاتصال والتفاعل والتأثير، فهي الطاقة التي يستخدمها الكاتب للتعبير، ويستخدمها القارئ لتذوق النص، والاستغراق في عالم ينبعث ويتشكل مع تطور أحداث وتحولات الرواية حتى الوصول إلى الخاتمة. أما في السيناريو المكتوب فقط للمخرج السينمائي فتنعدم تقريباً العلاقة بين النص والقارئ، لأن لغة الكتابة لا تملك وظيفة أدبية وتعبيرية إزاء هيمنة الصورة والصوت والصمت، وحتى الحوار وهو العامل المشترك بين الفلم والرواية يفقد خاصيته الأدبية، إلا في حدود ضيقة كي يصبح متناغماً مع الصورة. الترجمة والتأويل ويستشهد صالح بعبارة للمخرج الروسي الشهير تاركوفسكي وهي أن: «الاختلاف الأساسي أن الأدب يستخدم الكلمات لوصف العالم، بينما في السينما، العالم يظهر نفسه بشكل مباشر». ومن هنا يشير صالح إلى الصعوبات التي تواجه نقل أي رواية إلى عمل سينمائي، لأنه لا يمكن نقل وحدة أو بنية متكاملة (في الرواية) إلى وسط آخر دون تفكيك تلك الوحدة، وهدم ـ أو على الأقل ـ تغيير تلك البنية. فالإعداد بطبيعته هو تكثيف، يستلزم الاختصار والحذف وتركيز البؤرة على مظاهر معينة وإغفال مظاهر أخرى، وإعادة ترتيب أو تنظيم عناصر السرد القابلة للتحويل أو خلق عناصر جديدة، ومن هنا ـ كما يوضح صالح ـ يمكن وصف الفيلم بأنه قراءة أخرى للنص الأدبي، وهو تأويل أكثر منه ترجمة سينمائية. ومن المعضلات الأخرى التي أوردها صالح عند تحويل الرواية إلى فيلم وجود إشكالات حول الموثوقية والمصداقية وعدم خيانة الأصل الروائي، فقد يحكم على الفيلم بالنجاح أو الإخفاق بناء على مدى اقترابه أو مدى ابتعاده عن النص الأصلي. وحول ما إذا كانت كل رواية تصلح لأن تتحول إلى فيلم، اعتمد صالح رأي المخرج أندريه تاركوفسكي بأن ليس كل عمل نثري قابلا للتحويل إلى الشاشة، بينما الأعمال الأدبية التي تتمتع ببنية متكاملة وتفاصيل دقيقة وشخصيات مرسومة بحيث تحمل أعماقاً لا يسبر غورها بسهولة، يمكن أن تكون مغرية للمخرجين أصحاب الرؤى الاستثنائية. وأكد صالح أن الكثيرين يرون بأن قصص الجريمة العادية وكتب المغامرات أو الأعمال الأدبية المتواضعة أو المتوسطة هي الأنسب للتحويل إلى الشاشة، حيث قام المخرج الأميركي الشهير أورسون ويلز مرة باقتباس قصة بوليسية عادية وحقق منها تحفة فنية باسم: «لمسة شرّ» وكذلك فعل الفرنسي غودار مع بعض أفلامه الأولى.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©