الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

إندونيسيا: كبح العنف الطائفي

26 يوليو 2010 22:48
شهدت بداية عام 2010 الكثير من العنف الموجّه نحو الأقليات الدينية الإندونيسية. ففي الثالث من يناير قامت مجموعة تدعى "منبر التواصل الشعبي" بإحراق كنيسة فيلادلفيا، وهي بيت عبادة للبروتستانت في "بيكاسا" غرب جزيرة "جاوة". وفي حادث منفصل آخر أغلقت مجموعات متطرفة مثل "جبهة الدفاع الإسلامية" و"كتائب طالبان" مسجد الطائفة "الأحمدية" ومركزه الاجتماعي. وينشط هذا النوع من العدوانية أحياناً بوضوح في ضواحي العاصمة جاكرتا حيث تجبر "جبهة المدافعين عن الإسلام" المسؤولين، من خلال التهديد بهجمات أو التسبب في أعمال مخلة بالأمن، على تطبيق تفسير متزمت للشريعة، تقوض فيه بعض التأويلات الخاطئة حالة التسامح الطبيعي الراسخة تاريخيّاً بين المجتمعات الدينية الإندونيسية. ويعتقد جيري سومامباو، منسّق لجنة الناخبين الإندونيسيين، وهي جماعة تشعّبت من الحزب الإندونيسي المسيحي عام 1970 أن هناك ثلاث مشاكل أساسية تتسبب في هذه الزيادة في العنف الديني والطائفي. أولاً، يرتبط العنف الديني أحياناً بعوامل سياسية، حيث تعمل مجموعات معينة على مفاقمة الخلافات الدينية والعرقية للحصول على الدعم في الانتخابات المحلية، مما يؤثر على الناخبين للتصويت عبر خطوط استقطاب دينية أو عرقية. ثانياً، ساهم انتقال السكان من القرى إلى المدن، في تفشي المزيد من البطالة في المناطق الحضرية. ويعاني المهاجرون من المناطق الريفية عادة من مستويات متدنّية في التعليم بشكل عام، ولهذا فإنهم يواجهون صعوبات أكبر في الحصول على فرص عمل. وقد عملت الفجوة الاقتصادية الناتجة عن ذلك، والحسد الموجّه نحو الأغنياء، على تحويل الشعور العام نحو مجموعات دينية معينة. والتبادل الضمني هنا يكمن في أنه يتم أحياناً تشجيع الفقراء الذين حصلوا على المساعدة على تبني أجندة من ساعدهم، التي تقوم أحياناً على تهميش أتباع الديانات الأخرى. وهكذا تواجه جهود بناء شعور قوي بمجتمع متعدد الديانات تحديات ليست عقائدية فحسب وإنما اجتماعية اقتصادية أيضاً. ثالثاً وأخيراً، يتّخذ البعض منظوراً شموليّاً تجاه قضايا الدين، مدّعين أن معتقداتهم أفضل وأقوم من معتقدات آخرين. ويمكن لمواقف كهذه أن تؤدي إلى عنف بين الجماعات يقوم من خلاله أتباع معينون بمهاجمة آخرين لأنه يُنظَر إليهم على أنهم ينحرفون عن الدين "الحقيقي". وعلى رغم أن بعض المجموعات المحلية تسعى بجد للتعامل مع مصادر التوتر بين الديانات ومنع العنف الديني، إلا أنه ما زال يتعين على الإندونيسيين بذل المزيد من الجهد في هذا المجال. ويسعى معهد "وحيد"، وهو منظمة تتبع منظوراً معتدلاً متسامحاً تجاه الأديان، وتعمل على تحقيق الازدهار الاجتماعي لكافة الإندونيسيين، بالتعاون مع مركز السكان المهمّشين، من أجل إعطاء صوت للجماعات الدينية من الأقليات، والاشتراك معها في حوارات وطنية وحملات مضادة للتمييز. وتسمح هذه الحملات لجماعات الأقليات بالمشاركة بوجهات نظرها باعتبارها "ضحايا محتملة" بين السكان الأكثر عدداً. وفي الوقت نفسه يساعد معهد "وحيد" ومركز السكان المهمّشين على التعامل مع قضايا العنف الديني من خلال احتضان المجموعات المهمّشة لمنعها من أن تصبح متطرفة. وعلى رغم التحديات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية المذكورة أعلاه، يعتقد المدير التنفيذي لمعهد "وحيد" بأن التغيير الاجتماعي يحصل بالفعل في المجتمع الإندونيسي ويمكن أن يستمر. ولاشك أن هناك حاجة لتشجيع مستمر ومثابر للسلام والتسامح بين الجماعات الدينية وفي وسائل الإعلام، يضم إبراز المبادرات المبدعة التي تحوّل المواقف نحو الاحترام المتبادل بين أتباع الديانات بغض النظر عن معتقداتهم. وعلى الحكومة الإندونيسية كذلك دور يتعين أن تلعبه. فسيشجّع إنشاء لجنة وطنية تمثل التركيبة الدينية الإندونيسية المتنوعة، على تطوير دراسات معمّقة حول العوامل الموثرة سلباً على التعددية والمثيرة للنزاعات. وستسمح نتائج هذه الدراسات بالتوصل إلى توصيات سياسية واعية وفاعلة للحكومة تشجع الإدماج السياسي والاجتماعي للأقليات الدينية والعرقية. وفي المجمل، سيستمر العنف ضد الأقليات الدينية، في غياب خطوات جادة نحو إيجاد مجتمع تعددي شمولي بشكل متبادل. ويتعين على المنظمات الدينية ووسائل الإعلام العمل معاً لجعل السلام والتسامح أولوية في إندونيسيا. لوثر كيمبارين صحفي وناشط حقوق مدنية ينشر بترتيب مع خدمة «كومون جراوند»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©