الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الثقة بالنفس مكون أساسي في منظومة النجاح

الثقة بالنفس مكون أساسي في منظومة النجاح
14 مايو 2011 22:14
القدرة على التواصل، والحديث مع الناس دون ارتجاف اليدين، والنظر في عيون المتلقي، واسترسال الكلام دون تلعثم، تندرج كلها ضمن شعور الشخص بثقته بنفسه، كما أن الثقة بالنفس تجعل الفرد يبتعد عن العادات السيئة التي تبين غالباً أن اللاجئين لها تنقصهم الثقة بنفسهم، ويتفق أهل العلم على أن الثقة تصنع النجاح. ويمكن إجمال العوامل المحفزة للثقة بالنفس بأن يكون الفرد مؤمناً متوكلاً على الله، آخذاً بالأسباب في كل أموره، إيجابياً ومتفائلاً، ويعي أنه وحده القادر على تنميتها واستعادتها. أكد علماء أن هناك علاقة طردية ما بين الثقة بالنفس والنجاح، فكلما ازدادت ثقة الفرد في ذاته ازدادت نجاحاته وكان طريقه لتحقيق أهدافه ممهداً. وتعرف الدكتورة علياء إبراهيم، خبيرة التنمية الأسرية، الثقة بالنفس على أنها “القوة التي تولد لدينا القدرة والطاقة على الإقدام على فعل ما نريده؛ فنحن نحتاج الثقة في التعامل مع الآخرين، وفي اتخاذ القرارات وفي العمل وفي قيادة السيارة، وفي التعبير عن آرائنا”. البحث عن التقدير صفة الثقة بالنفس تلازم المرء في جميع نواحي حياته، ولذلك يجب التعرف إلى مصادر الثقة بالنفس وهل هي صفة فطرية أو مكتسبة؟ إلى ذلك، تقول إبراهيم “الثقة بالنفس مكتسبة، فنحن نكتسبها من الأسرة، والطفل بحاجة دائماً إلى أن يشعر بأنه مقبول من الوالدين والأسرة ثم من الحضانة والمدرسة، ولكن كلما كبرنا نستطيع قياس قيمتنا لدى أنفسنا، فبالنسبة للأطفال هي صورة مرتدة من الأسرة”. وتضيف أنه مع تنامي التقدير الذاتي أثناء المراهقة تتناقص الحاجة إلى الوالدين كمصدر للثقة، بل يقل تدريجياً احتياجهم لحماية الوالدين إلى حد كبير، فليس من الضروري أن يهتم المراهقون باستحسان آبائهم واحترامهم، بل إنهم يسعون للحصول على تقبل نظرائهم فذلك ما يشغل بالهم. وتلفت إلى أن هناك دراسة في إحدى الجامعات أظهرت أن التأثير الأكبر على المراهقين والشباب هم الأصدقاء. وتوضح “عندما نصل إلى مرحلة الشباب والنضج والكهولة فإننا نشعر بالأمان والقيمة لذواتنا، ولا نحتاج إلى مصدر خارجي ليدعم ذلك، ويشعرنا بالثقة بالنفس خاصة عندما نكون أشخاصاً لديهم تواصل جيد مع ذواتهم، هؤلاء الأشخاص الذين يعلمون يقيناً أن هناك مبدأ مهماً لا بد من أن نتبناه في هذه الحياة ألا وهو أن لا أحد سواك يستطيع أن يزيد من ثقتك بنفسك”. وتشير إبراهيم إلى أن الطفل حين يفتقد تقدير الذات يبحث عنها عند الآخرين، وتوضح “لسوء الحظ عندما ننشأ وسط أسرة لا تعي أهمية إمداد الطفل بالأمان والحنان والتقدير الذاتي؛ فقد يشعر في مراحل عمره المتقدمة بأنه بحاجة إلى السعي وراء الاستحسان والاحترام الدائمين من مصادر أخرى، لذلك أتمنى أن يعي المسؤولون عن المناهج الدراسية أنها بحاجة إلى أن تخرج جيلاً قادراً على مواجهة التحديات التي نعيشها في هذا العصر، والتي تحتاج إلى إنسان لديه جهاز مناعي قوي وقاعدة نفسية سليمة تتجسد في الثقة بالنفس”. وتتابع “هذا يحتاج إلى منهج يعكف عليه متخصصون في المجالات كافة ويجمع بين الجانبيين النظري والعملي والذي يكسب الطلاب حسب المرحلة العمرية والدراسية العديد من المهارات التي قد تفشل بعد الأسر في إكسابها لأبنائها، وأهمها تنمية الثقة بالنفس طالما اتفقنا على أنها صفة مكتسبة لا نولد بها، وأن وجود مثل هذا المنهج يوفر على الدولة تلك الدورات الباهظة التكاليف التي على المؤسسات منحها للشباب والأجدر أن يكتسبها الشاب عبر مراحل عمره في الطفولة والمراهقة توفيرا للوقت والجهد والمال لتصبح أحد مكونات شخصيته”. وتضيف “ربما أن الثقة بالنفس إحدى هذه المهارات المرتبط بها التحدي والإرادة ومواجهة الأزمات والتعبير عن الرأي، إننا بهذا الاقتراح نصنع ثقافة مجتمع وليست مجرد دورات نخضع إليها بعد أن نكون قد ترسخت لدينا مفاهيم وقيم أصبحت جزءاً لا يتجزأ من ذواتنا”. توضح إبراهيم أن الثقة بالنفس تتأتى من خلال العمر والخبرة ومن المواقف التي يمر بها الفرد في الحياة. وتضيف “من الطبيعي ألا يكون لدى الشباب درجة كبيرة من الثقة بالنفس، ومع تقدم العمر فإن مستوى ثقتنا يزيد من الخبرة في أداء مهامنا، وكلما تراكمت هذه الخبرات كلما زاد تقديرنا لذواتنا. ومن الضروري أن نعي أن الثقة بالنفس ليست ثابتة فقد تنخفض وترتفع حسب المواقف الحياتية وحسب محطات الفشل والنجاح، ولكن يبقى أنه إذا كان لدى الشخص قاعدة قوية من تقدير الذات، فإنه بإمكانه استعادة ثقته بنفسه وإعادة بناء جسر الثقة بينه وذاته”. وتؤكد إبراهيم أن أهم مصدر للثقة هو الإيمان بالله. وتوضح “يعتبر الإيمان بالله المصدر الأساسي لثقتنا بأنفسنا، خاصة إذا اقترن بالتوكل عليه، لأن الإيمان والتوكل على الله يبعث الطمأنينة في النفس، ويقلل من نسب التوتر والقلق، ويقوي جهاز المناعة النفسي، ليكون أكثر قدرة على التعامل مع الحياة بحلوها ومرها، بل والأكثر من هذا مواجهة محطات الفشل وتحويلها إلى نقاط انطلاق للنجاح”. وتضيف “يجب أن نتعلم أنه حتى حينما تغلق الأبواب، فإنه لا بد أن تكون هناك نافذة مفتوحة في مكان آخر، ولذلك فالإنسان المتوكل على الله لديه ثقة تجعله يصنع من كل العقبات التي تقابله ويتعثر بها كتلاً لاستعادة بناء ثقته بنفسه”. وتلعب الصحبة الإيجابية في حياة الإنسان دوراً مهماً في إمداده بالثقة بالنفس، على العكس تماماً من صحبة الشخصيات السلبية؛ فالسلبية معدية والإيجابية أيضاً معدية. إلى ذلك، تقول إبراهيم “من المهم أن تتأكد من الاحتكاك ومعاشرة الأشخاص الذين يتحلون بالثقة بأنفسهم، لأنه يمكنهم أن يقدمون لك المساعدة عندما تنخفض ثقتك بنفسك، وإذا حاولنا أن نتخيل أن الثقة بالنفس عضلة في جسم الإنسان، فإن قانون العضل أنه كلما استخدمت العضلة زادت لياقتها ومرونتها، وكلما قل تمرينها ازدادت ضعفاً وتيبساً، وكذلك الثقة بالنفس”. وتقول “لعل المثال الذي طرحته الدكتورة جوديث برايلس في كتابها “الثقة تصنع النجاح” يجعلنا نرسم صورة أقرب إلى الأذهان عن هذه الصفة الإنسانية، فعندما يتذكر الإنسان المرة الأولى التي أمسك بها عجلة قيادة السيارة، بكلتا يديه ثم يدرك بعد الممارسة أن بإمكانه القيادة بيد واحدة ليشعر أنه أكثر ذكاء، وهذا يؤدي به إلى راحة أكبر، فتزداد ثقته بنفسه ويصبح سائقاً مجازاً بعرف القانون، لأنه امتلك المعرفة والممارسة والخبرة، وهكذا هي الثقة”. تزكية النفس من أهم عوامل تنمية الثقة بالنفس هي الصدق مع النفس. إلى ذلك، تقول إبراهيم “إن الصدق يتطلب جهداً من الإنسان للاقتراب من نفسه والاعتناء بها، وهذا الصدق سينعكس على حب الإنسان لذاته، لأن تقديره لذاته ينبع من حبه لها، لذلك فإن التحليل الدائم لنقاط الضعف والقوة لديه يدفعه لتطوير أدائه، والأهم التأكد من أمر مهم يزيد من الثقة بالنفس وهو اقتران أقوال الفرد بأفعاله، وانسجام أفعاله مع قيمه التي يؤمن بها، وهذا بحد ذاته ينمي ثقته بنفسه”. وتشير إبراهيم إلى أن الفرد سيكتشف خلال رحلته لتنمية الثقة بالنفس أنه لا بد أن يعي أنه تعلم شيئاً جديداً، واكتسب مهارة جديدة من خلال ممارسة هواية، أو مجرد الحصول على معلومة في ظل عصر يشهد ثورة معلوماتية مذهلة، كما أنه سيكتشف أن الثقة بالنفس تتطلب التخلي عن العادات السلبية، لأنه كلما ازدادت العادات السلبية كلما ازداد التدني في تقدير الذات، والذي يؤدي بدوره إلى انعدامها فشعور الشاب أنه عبد للسيجارة مثلاً تضرب ثقته بنفسه، هذه الضربة قد تكون القاضية إذا تمكنت منه إلى حد الإدمان”. وتزيد “يعتبر مدمن المخدرات فاقداً لتقديره لذاته وثقته بنفسه وخطوة التخلي عن العادات السيئة تمثل إنجازاً في حياة الإنسان، خاصة إذا اقترن باكتساب عادات إيجابية، والإنجازات في حياة الإنسان تمثل درجات كدرجات السلم الذي نصعد عليه للوصول إلى قمة الثقة بالنفس، وعلى الإنسان في هذه الرحلة أن تكون لديه رغبة حقيقة في التغيير، وأن يدرك أن الآخرين لا يمكنهم تغييره بقدر ما يستطيع هو أن يغير نفسه، وأن كلما ازداد عمر الإنسان زادت قدرته على التغيير في ذاته، وقلت قدرة الآخرين على تغييره، ولذلك من أكثر ما ينمي الثقة بالنفس هي تزكية النفس من الشوائب بصفة مستمرة”. وهناك من يعتبر المظهر الخارجي مصدراً للثقة بالنفس، فيظل لاهثاً وراء تحسين مظهره ومنهم من بات يبحث عن العمليات التجميلية. في هذا الصدد، تقول إبراهيم “الله جميل يحب الجمال والدين الإسلامي يحث على النظافة والتطهر والتجمل، على ألا يدخل الإنسان في دائرة اللهاث وراء عمليات التجميل التي شاعت في الآونة الأخيرة، لأنه إذا كان المظهر الخارجي يلعب دوراً في ثقة الإنسان في نفسه، فإن تقبله لجسده وملامحه التي خلقه الله بها يزيد من ثقته بنفسه، ويعلي تقديره لذاته، كما أن التقدم في العمر يزيد اعتزاز الفرد بنفسه وبالتالي تقديره لها”. دور البطولة تشير إبراهيم إلى أن كل إنسان إذا كان يثق في نفسه، فإن تقدير الناس له يكون أكبر. في هذا السياق، تقول “كثير منا يتعامل مع ذاته بقدر كبير من الدونية، فيقلل من قيمتها، ويصنف نفسه على أنه قليل أو فاقد للثقة بالنفس، ويتقبل هذا الوهم على أنه حقيقة، ويصبح لديه اقتناع، بأنه تنقصه الثقة بالنفس، وينعكس ذلك على سلوكه الاجتماعي وقراراته وأدائه في المجالات الحياتية كافة، وربما يبدأ في محاولة كسب رضاء الآخرين، وقد تهون عليه نفسه أثناء ممارسة هذه السلوكيات”. وتضيف “يجب أن يضع الإنسان هذه المقولة نصب عينيه “من هانت عليه نفسه كان أهون عند الناس”؛ فنحن نقيم الشخص حسب تقييمه لذاته، فإن كان يقيم ذاته على أنه تنقصه الثقة، فإننا سنلحظ ذلك ونبدأ في التعامل معه من منطلق نظرته لنفسه، ولذلك الواثق بنفسه يمارس التواضع بمفهومه الصحيح الذي لا يمت بصلة للدونية في التعامل مع الذات أو مع الآخرين، فإذا كنت تمر بأزمة ثقة بالنفس وتشعر حيال نفسك بتلك الدونية فيمكنك أن تنشط الدورة الدموية لثقتك بنفسك، فأسباب الوصول إلى انعدام الثقة بالنفس متعددة وقد تختلف من فرد لآخر، ولكن في غالبيتها فهي ترتبط بالبيئة التي يعيش فيها وتنبع من طبيعة التنشئة الاجتماعية والأساليب التربوية الخاطئة في التعامل معه”. وتقول إبراهيم “بالرغم من قيمة التعرف إلى أسباب المشكلة، إلا أنه في كثير من الأحيان يكون ليس لدينا سلطان على الظروف التي نشأنا فيها، ولذلك فتح صندوق الذكريات التي أصابتنا بتراجع في الثقة بالنفس أحد أهم الأمور التي يجب أن يتنبه لها الإنسان، فما مضى قد مضى شعار يستحق أن يرفع، خاصة وأن كل منا يكون قد وصل إلى السن التي أصبح معها ناضجاً ومسؤولاً عن تصرفاته، ويستطيع التعامل مع أي حدث في ماضيه بنوع من التسامح أو إعطاء مبرر للمخطئ سواء أكان أباً أم أماً أم معلماً”. وحول اكتساب المهارة التي تتسبب في هذه الذكرى السيئة واكتساب خبرة منها في المستقبل، تقول إبراهيم “يجب أن يكون الإنسان هو المسيطر على الماضي، وليس العكس وهذا بحد ذاته يلعب دوراً حيوياً في إعادة بناء ثقته بنفسه، وإذا اقتنع الإنسان أنه كاتب قصة حياته التي هو أيضاً بطلها، فإن البطولة تحتاج إلى الثقة بالنفس، والتي ستجعل منه إنساناً طموحاً نشيطاً فاعلاً وفعالاً مقبلاً على الحياة بقوة وأمل، وقادراً على مواجهة الأزمات، وتجاوز المحن وقيادة ذاته والآخرين، والأهم أنه مؤمن متوكل على الله، آخذاً بالأسباب في كل أموره، إيجابي ومتفائل يعي أن الثقة بالنفس قد تهتز، ولكنه وحده القادر على استعادتها”.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©