الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الفحص الطبي قبل الزواج.. وقاية وضرورة أخلاقية وصحية

الفحص الطبي قبل الزواج.. وقاية وضرورة أخلاقية وصحية
11 مايو 2013 23:26
إذا كان الزواج بوصفه عقداً إنسانياً واجتماعياً، حالة من التوافق والانسجام والمودة والألفة بين طرفي العلاقة الزوجية من النواحي الصحية والنفسية والجنسية والاجتماعية والشرعية، بهدف تكوين أسرة سليمة، وإنجاب أبناء أصحاء وسعداء، فهو أيضاً حدث مهم في حياة الفرد الذي يستعد لبناء أسرة جديدة. ومن خلال الزواج، يدخل الفرد مرحلة جديدة في بناء العلاقات العاطفية والاجتماعية الأسرية والصحية، بما يضمن وقاية الطرفين والذرية من الأمراض الوراثية والمعدية، لبناء أسرة سعيدة مستقرة، تؤدي وظائفها بنجاح. لكن أن يصاب أحد أفراد الأسرة بأي من الأمراض الوراثية أو المعدية، فهذا يؤدي إلى تعكر صفو الحياة والعديد من المشاكل النفسية والاجتماعية والاقتصادية، فضلاً عن انعكاسات هذه الحالة السلبية على المريض والأسرة والمجتمع. المرض الوراثي بشكل عام ينتج عن خلل أو اضطراب في جين واحد أو أكثر، ويمكن لكثير من الأمراض أن تنتقل من جيل إلى آخر، وهي في معظمها تصيب الفرد أثناء الحياة الجنينية. وتنقسم الأمراض الوراثية إلى ثلاثة أنواع هي: الأمراض الجينية، والأمراض الكروموسومية، والأمراض المركبة. ويمكن إيجاز مسببات تلك الأمراض في اضطرابات في أعداد «الكروموسومات»، مثل «متلازمة داون» أو غيرها، وأمراض ناتجة عن حدوث طفرات جينية، ما يؤدي إلى إعطاب الجين، وعدم تأديته لوظيفته بالشكل المطلوب، مثل مرض «هنتينكتون»، كذلك هناك أمراض ناتجة عن توريث جينات معطوبة من الأبوين إلى الأبناء. تظهر هذه الأمراض عند تلاقي جينين متنحيين في الطفل، ما يسبب توريث المرض مثل «الثلاسيميا». الأسباب الدكتورة افتتاح فضل، أخصائية النساء والولادة بمستشفى المفرق، توضح حقيقة الأمراض الجينية، وتقول:«الأمراض الجينية، وفيها يتكون الكروموسوم من مورثات عدة متلاصقة يتحكم كل منها في صفة من صفات الإنسان، وتنتج الأمراض الجينية من خلل في المورثات دون حدوث تغيرات في الكروموسوم ككل، وهي نوعان: أمراض جينية سائدة، وهي التي تنتقل من جيل إلى جيل، وأمراض جينية متنحية، وتتميز بأن الأبوين يمكن أن يكونا طبيعيين، لكنهما حاملان للجين المرضي، وهي حالة تصيب الذكور والإناث بالتساوي، وتنتشر، حيث يكون زواج الأقارب، حيث توجد في كل حمل احتمالات ولادة (25% طبيعيون، 25% مرضى، 50% حاملون للمرض دون ظهور الأعراض عليهم)، أما الأمراض الكروموسومية، فهي التي يحدث فيها تغييرات عددية أو هيكلية في الكروموسومات، أما الأمراض الوراثية المركبة، فهي التي تكون نتيجة لأكثر من عامل وراثي وبيئي، وتسمى بالأمراض الوراثية ذات الأسباب المتعددة، ويندرج تحت هذا النوع كثير من الأمراض التي لم يعرف السبب الرئيس لظهورها، أو الأمراض التي تتداخل فيها العوامل الجينية والعوامل البيئية، مثل أمراض ثقوب القلب الوراثية». الفحص الطبي من خلال استعراض مسببات الأمراض الوراثية، تشير الدكتورة افتتاح فضل، إلى أهمية الفحص الطبي لطرفي العلاقة الزوجية قبل الزواج، ويقول: «نظراً لأهمية الفحص الطبي قبل الزواج في الكشف عن كثير من الأمراض الوراثية المحتملة، لا سيما بين الأقارب، لجأت كثير من الدول إلى اعتماده شرطاً ضرورياً لإتمام عقد الزواج». فالهدف الرئيسي من هذا الفحص، إخضاع العروسين للكشف الطبي العام والشامل «سريري ومخبري»، لأمراض الدم الوراثية، مثال فقر الدم المنجلي، وفقر دم البحر المتوسط وانحلال الدم، وأمراض الجهاز العصبي مثل مرض ضمور العضلات الجذعية وضمور العضلات باختلاف أنواعها، وضمور المخ والمخيخ، كذلك أمراض التمثيل الغذائي المعروفة بالأمراض «الاستقلابية» التي تنتج بسبب نقص أنزيمات معينة، فضلاً عن أمراض الغدد الصماء، خاصة أمراض الغدة. وتكمل الدكتورة فضل: «من خلال هذه الفحوص يمكن التأكد من سلامة البنية التناسلية لدى الطرفين، والتحقق من خلوهما من الأمراض السارية والمعدية، ومن الأمراض الزهرية والتناسلية، التي، في حال وجودها، قد تضر بصحة أحد الشريكين وتهدد حياته وحياة نسله بالخطر، مثل مرض السفلس مثلاً، أو غيره من الأمراض الخطرة مثل نقص المناعة المكتسب، والأمراض العقلية، والأمراض الوراثية المحتملة، كما يشمل الفحص القلب والشرايين والغدد والأعصاب، والقدرة الجنسية، والقدرة على الإنجاب، وهذا الفحص مهم للغاية، لما يترتب عليه من آثار. كذلك تجرى للشريكين فحوص مخبرية للبول والدم، خاصة فئة الدم ونوعيته، لأن تعارض دم الأب مع دم الأم ما بين «سلبي وإيجابي» قد يسبب إجهاضات متكررة في المستقبل، وموت الأجنة قبل الولادة، وهناك لقاح خاص لهذه الحالة تحقن به الزوجة بعد الولادة مباشرة، ولا بد للطبيب من التحري عن الأمراض المتوارثة في عائلة كل منهما، وعن مدى القربى العائلية بين العروسين حتى يمكن تجنب إنجاب أطفال مرضى أو معاقين». مشاكل صحية تضيف الدكتورة فضل: «هُناك بعض المشكلات الصحية المنتشرة بين أطفال الأقارب، وهو ما يمكن تجنبه بالفحص الطبي المبكر قبل الزواج، مثل فقر الدم المنجلي، وأنيميا البحر الأبيض المتوسط، وزيادة معدل الولادة المبكرة، وزيادة نسبة حدوث الأمراض الخلقية والمشكلات الوراثية، وظهور الإعاقة الذهنية والتخلف العقلي «المنغولي»، كما يعد مرض الفينيلكيتونيوريا من أشهر الأمراض الناتجة عن زواج الأقارب، وهو من أمراض التمثيل الغذائي الذي ينتج عن نقص في أنزيم معين مسؤول عن تكسير مادة الحامض الأميني أو الفينيل آلانين، فتزداد نسبته في الدم، ويسبب التخلف الذهني، وصغر حجم الرأس، وتشنجات عصبية واصفراراً في لون الشعر». الولادات المبكرة وتضيف الدكتورة فضل: «تشير الدراسات الطبية إلى أن هناك نسبة كبيرة من حدوث الولادات المبكرة وظهور بعض الأمراض الوراثية بين زيجات الأقارب مقارنة بزيجات غير الأقارب. ورغم خطورة الأمراض الوراثيّة وآثارها السلبيّة على الفرد والمجتمع، فإنّ الوقاية منها وتفادي ظهورها وانتشارها ممكن، شرط الوعي بضرورة ذلك، ومن ثم هناك ضرورة تبني الاستشارات الوراثية قبل الزواج وقبل الحمل، واعتماد التثقيف الصحي فيما يخص زواج الأقارب، كجزء من برنامج الصحة الإنجابية، لذلك ينصح دائماً بإجراء الفحص الطبي قبل الزواج عند الرغبة بالزواج من الأقارب كابن العم أو ابن الخالة وابن العمة، وكذلك عند وجود أمراض وراثية منتشرة في المجتمع، مثل فقر الدم المنجلي والثلاسيميا، أو أي مرض وراثي آخر». الأمراض الوراثية .. حقائق وأرقام فوائد .. ولكن قد يكون لزواج الأقارب فائدة اجتماعية كونه يحافظ على بعض الصفات المرغوبة في المجتمع، مثل الذكاء والجمال والقربى، ولكنه قد يؤدي إلى زيادة نسبة الإصابة ببعض الأمراض الوراثية، مثل الثلاسيميا، وفقر الدم المنجلي، وبعض الأمراض العقلية، خاصة إذا وجدت أمراض وراثية في العائلة. إن احتمال ولادة طفل مصاب بمرض وراثي في حالات زواج الأقارب يصل إلى 8% مقابل 4% لظهور المرض نفسه في المجتمع عامة. كلفة علاج رصد المركز العربي للدراسات الجينية التابع لجائزة حمدان بن راشد للعلوم الطبية، وجود أكثر من 890 مرضاً وراثياً في الدول العربية، منها حوالي 250 مرضاً في الإمارات، لتحتل الدولة المرتبة السادسة عالمياً في مجال الأمراض الوراثية، وأن كلفة علاج 20 مرضاً فقط من الأمراض الوراثية في العالم العربي تصل إلى حوالي 13 مليار درهم، بالإضافة إلى الأعباء النفسية والاجتماعية التي تتسبب بها مثل هذه الأمراض. جينات تحمل كل خلية في الجسم ما يقرب من 100000 جين موزعة على الكروموسومات، والجينات هي المسؤولة عما نتوارثه من صفات واستعدادات للتفاعل مع ظروف البيئة، وقسم من الجينات تعمل على إنتاج أنزيمات معينة ضرورية للإنسان، وجينات أخرى تبقى كامنة حتى مرحلة قادمة من النمو مثل البلوغ الذي يرتبط بظهور أمراض عقلية معينة كمرض الفصام العقلي، وقد ينكسر أحد الكروموسومات، ثم يعاد التحامها في وضع مقلوب، فتتغير تبعاً لذلك مواضع الجينات على الكروموسوم، وتؤدي هذه الحالة إلى بعض التشوهات الجسمية والعقلية. الطفل المنغولي كسر الكروموسوم، قد يحدث تلقائياً أو بفعل عوامل بيئية مثل الإصابة بفيروس أو التعرض للأشعة أو تعاطي بعض العقاقير، ويعد الطفل المنغولي أحد الأمثلة على التغير في التركيب الكروموسومي. الأمراض المكتسبة تتمثل الأمراض المكتسبة التي يمكن أن تنتقل بالزواج في مجموعة من الأمراض الالتهابية والفيروسية التي يمكن أن تصيب الجنين أيضاً مثل: التهابات الكبد الفيروسية، فيروس نقص المناعة المكتسبة «الإيدز»، والتكسوبلاسموسيس، وبعض أنواع الطفيليات، وفيروس الهيربس أو ما يسمى «الحلا البسيط» من النمط الثاني.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©