الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

خبير نفسي يحذر من تأثيرات سلبية مستقبلية للمعاملة السيئة للأطفال

خبير نفسي يحذر من تأثيرات سلبية مستقبلية للمعاملة السيئة للأطفال
24 مايو 2014 23:06
إبراهيم سليم (أبوظبي) حذر الدكتور مايكل كابلان الأستاذ المساعد بالطب النفسي للأطفال في مركز جامعة «ييل» الأميركية من أن المعاملة السيئة للأطفال لها تأثيرات سلبية في المستقبل، مؤكداً أن لها تأثيراً مباشراً ودائماً على السلوك في مرحلة البلوغ. وقال كابلان في حوار لـ«الاتحاد»، على هامش مشاركته في ورشة نظمتها مؤسسة سلامة بنت حمدان مؤخراً حول التحكم في سلوكيات الطفل، إن الطفل عندما يتعلم قول كلمة «لا» لأول مرة يختبر الأب والأم من خلال رفضه الحدود التي يضعونها له، وذلك خلال توضيح كابلان طرق فهم الصراعات الطبيعية والسلوكية في المرحلة، التي يبدأ فيها الطفل بتشكيل استقلاليته، وماذا يدور داخله من مشاعر وأفكار، وكيفية تطوير سلوكيات أبوية صحيّة مناسبة لرعاية الأطفال الصغار خلال هذه الفترة الحرجة. وقال كابلان إن الأطفال لديهم رغبات واحتياجات تنبع من داخلهم، لذا فليس من الممكن تغييرها، وبوسعنا الاستجابة إليها بشكل مناسب وصحيح من خلال معرفة منبع هذه الرغبات والاحتياجات، إضافة إلى أنه ليس هناك ضرورة لتلبية جميع رغباتهم واحتياجاتهم، وعليهم أن يعرفوا أن هناك حدوداً يضعها الآباء والأمهات والمجتمع والثقافة الخاصة بهم، وأنه بإمكاننا تلبية رغباتهم عندما تكون ملائمة. وأكد كابلان أن طريقة معاملة الأطفال لها تأثير مباشر ودائم على سلوكهم عندما يصلون إلى مرحلة البلوغ، وأن الأبحاث أكدت ذلك على المدى البعيد. وأكد أن الأطفال الذي يتعرضون خلال فترة نموهم إلى العنف أو الإهمال البدني والانفعالي أكثر عرضة لعدم النجاح في حياتهم بشكل عام، مقارنة مع الأطفال، الذين ينشؤون في بيئة تدعم وتستجيب لتطلعاتهم بشكل جيد. وتشمل التأثيرات السلبية على الأطفال مستقبلاً وقوعهم في مشكلات انفعالية وسلوكية وفكرية، إضافة إلى إخفاقهم في الدراسة ووقوعهم في مشاكل بالعمل ومشاكل مع القانون. وكشف كابلان أن الأبحاث التي أجريت على الدماغ أثبتت أن المعاملة السيئة للأطفال على تركيب وعمل الدماغ، ما يؤكد استدامة آثارها، وتظهر آثارها السلوك والحياة الانفعالية، ما يعرض الأطفال لكثير من المخاطر عندما يكونون في مرحلة المراهقة أو في مرحلة النضج لاحقا إن مروا بمراهقة أيضاً سيئة. وتشكل رعاية الأطفال تحدياً كبيراً، كما أكد كابلان لكنها أيضاً «ذات مردود إيجابي» على حد تعبيره، موضحاً أن جميع الآباء والأمهات يتطلعون لأن يصبحوا أفضل والدين في الوقت الذي يحاول فيه الأطفال إرضاء والديهم. ومن السهل غالباً التركيز على الأشياء الخاطئة أكثر من الصحيحة. وفي الحقيقة، فإننا جميعاً نرتكب الأخطاء وليس ثمة شخص مثالي. لدينا الكثير من الفرص للتطور وتصحيح الأخطاء، والتركيز على تطوير فهم يتعلق بمنبع السلوك، فإذا «ما قمنا بالتفكير ملياً لمعرفة سبب تصرف طفل بأسلوب معين، فإن هذا يساعدنا على الاستجابة بالشكل الصحيح». وطالب كابلان الآباء «إذا شعروا ببعض القلق بطريقة أداء أطفالكم أو إذا شعرتم بأن الرعاية والتربية، التي تقدمونها غير جيدة، نرجو منكم استشارة المختصين ممن لديهم خبرة في تنمية وتطوير الأطفال». وحول مسألة عناد الطفل وكيفية ترويضه قال إن «التعامل مع الأطفال العنيدين ليس سهلاً، وأنا أوصي أولاً بمحاولة تحديد السبب وراء عناد الطفل وما هو الموقف الذي دفعه ليصبح كذلك». وأضاف: «إذا استطعنا تحديد المواقف التي تفضي للعناد، سيكون بوسعنا تفاديها، أو إعداد الطفل، أو تقليل إمكانية تحول الموقف إلى مشكلة. ثانياً، علينا تفادي التعليقات السلبية، فالأطفال غالباً ما يريدون التحكم في موقف ما ويواجهون مشكلة بعد ذلك، وإذا اشتركنا مع الأطفال في سلوكهم السلبي، ربما يتحول هذا الأمر إلى تعليق سلبي». وأكد كابلان أن الطريقة المثلى لتفادي العناد تتمثل في التركيز على السلوكيات الإيجابية للطفل وإطرائهم عندما يقومون بعمل جيد أو يكونون أكثر مرونة، لأن مدح السوك الإيجابي أفضل وسيلة لتقليل السلوكيات المعاندة لدى الأطفال. وثالثاً، فإن وضع الحدود والتناسق في استجابة الأب والأم المتوقعة تجاه الأطفال يمثل خير وسيلة لتغيير سلوكيات الأطفال. كما إن الغضب لا يؤدي سوى إلى زيادة عناد الأطفال. وأخيراً فأنا لا أفضل نعت الأطفال بصفة «معاند»، بل «ثابت» الذي هو أخف كثيراً. وحول ما تعانيه الأسر من تجاهل الأطفال للأوامر وخاصة التي تحميهم وكيف يمكن جعل الطفل أكثر استجابة قال كابلان: «عندما يتعلق الأمر بالسلامة، يجب على الآباء تولي المسؤولية لأن في مثل هذه المواقف فإن الحديث إلى الأطفال غير فعال وعلى الآباء التصرف بسرعة فيما يتعلق بسلوك الأطفال. فمثلاً، إذا ما كان الطفل يجري في حديقة كثيراً أو يلهو بأعواد الثقاب أو يتصرف بشكل غير آمن، فإنه على الوالدين التصرف بسرعة وحزم، ويمنح هذا السلوك الطفل تعليماً واضحاً لا يقبل اللبس ويؤكد لهم أن الوالدين مسؤولين عن سلامتهم». وأكد أنه «حتى عندما يبدو الأطفال مستمتعين بالمشاركة في سلوك خطر، فإنهم يريدون الشعور بأن ذويهم يتصرفون بطريقة تحافظ على سلامتهم». أو بمعنى آخر إن الطفل يقول داخله إن والدي سيتدخلان لحمايتي في الوقت المناسب أو إن ساءت الأمور. وحول أفضل أساليب للتعامل مع الأطفال، قال كابلان إن الأطفال يحتاجون للشعور بالأمن والأمان جسدياً وعاطفياً، وهم بحاجة إلى الرعاية والدعم من الكبار، الذين يستطيعون تلبية احتياجاتهم، من خلال توفير «قاعدة آمنة» من الثقة يستطيع الأطفال من خلالها المضي قدماً في استكشاف عوالمهم. وتقوم القاعدة الآمنة على حنان الوالدين وتفهمهم. كما يحتاج الأطفال إلى استجابات متسقة يمكن التنبؤ بها تجاه سلوكهم، تتضمن حدوداً لا يمكن تجاوزها. وهذا يتطلب اشتراك الآباء والأمهات في قيم مماثلة لتربية الأطفال، وتقديم الدعم من كل طرف للطفل بأساليب منضبطة. كما يجب التركيز على احتياج الأطفال إلى الحصول على الثناء والتشجيع على سلوكهم الايجابي وليس فقط التركيز على السلوك السلبي. ولذا فإن الآباء بحاجة لتمكين الأطفال من الحصول على الثقة والقدرة على اللعب والاستكشاف واستخدام خيالهم. وهذا الأمر يحتاج إلى وقت ومساحة للقيام بذلك، وكذلك القيود المفروضة على الوقت الذي يقضيه الأطفال في اللهو مع الأجهزة الإلكترونية ومشاهدة التلفاز. وطالب أستاذ الطب النفسي، الأسر في تعاملاتها مع الأطفال اتفاق الآباء والأمهات على الانضباط وحرية اللعب واستخدام الأطفال لخيالهم. ويعتمد سن الإدراك على نوع الإدراك الذي تود السؤال عنه. وعلى العموم فإن الإدراك الحقيقي لا يبدأ قبل سن السادسة عشرة. وحول إمكانية إصابة الأطفال بأمراض نفسية وعصبية وهل يتسبب الوالدين في ذلك؟ أوضح أنه بالنسبة للأمراض العقلية فإننا نعلم من خلال الأبحاث أن 20? من الأطفال قد يتطور لديهم بعض أنواع الأمراض العقلية قبل سن الثامنة عشرة. وهذا لا يعني مرضاً عقلياً خطيراً ولكن يحمل بعض معايير تشخيص المرض العقلي وبحاجة على الأرجح إلى بعض العلاج. ويساهم الآباء والأمهات في حادثة المرض العقلي لدى الأطفال، ولكن الأهم هو أنهم بمقدورهم الحيلولة دون أو تقليل احتمالية ذلك من خلال توفير علاقات آمنة وثابتة ورعاية متناسقة يمكن التنبوء بها. وقال نعرف أيضاً إن الأطفال الذين يعاني آباؤهم وأمهاتهم من مرض عقلي هم على الأرجح معرضون لمرض عقلي، وبوسع الآباء والأمهات الحيلولة دون حصول ذلك عبر الاهتمام بأنفسهم والحصول على المساعدة في حال معاناتهم من هذه الأمراض، ونعرف أيضاً أن أجواء التوتر والخلافات داخل العائلة، تلعب دوراً كبيراً في تطوير أمراض عقلية لدى الأطفال، لذا، فإن العمل على إزالة مثل هذه التوترات والخلافات داخل العائلة يشكل عامل وقاية للأطفال. الاستثمار في المستقبل تسعى مؤسسة سلامة بنت حمدان آل نهيان منذ تأسيسها في عام 2010 إلى «الاستثمار في مستقبل دولة الإمارات العربية المتحدة من خلال الاستثمار في العنصر البشري»، وتحقيقاً لهذا الهدف، تعمل المؤسسة على تطوير ودعم المبادرات الخيريّة في مجالات التعليم والفنون والثقافة والتراث والصحة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©