أزمة الائتمان تعصف بسوق الشاحنات التجارية في أوروبا

أصيب مصنعو الشاحنات الأوروبيون بالصدمة من الانخفاض السريع في طلبيات الشراء من سائر دول أوروبا الغربية في الأسابيع الأخيرة بعد أن أدت تداعيات الأزمة المالية العالمية فيما يبدو الى توقف فترة الازدهار الاستثنائي التي شهدها القطاع مؤخراً· فبعد سنوات من التمتع بمعدلات النمو متسارعة بدأ رؤساء العديد من شركات الشاحنات التجارية والمزودون يتوقعون مستقبلاً مظلماً للصناعة في المستقبل القريب· وذكر هانز جواشيم نيكولين عضو مجلس الإدارة التنفيذي في شركة كونتنينتال الألمانية المصنعة للإطارات والمزودة للأجزاء الإلكترونية أن هذا الانخفاض الحاد قد ظهر فقط في غضون فترة الأسابيع الأربعة الماضية وبشكل فاجأ السوق بهذا الانخفاض الحاد في الطلب· واشتكى التنفيذيون في الشركات من أن درجة الغموض الذي أصبح يسود السوق نادراً ما كانت بهذه الدرجة من الارتفاع· إذ يقول ليف أوستلينج المدير التنفيذي لشركة سكانيا السويدية: ''لم يعد بإمكاني الآن إجراء أي نوع من التوقعات أو التنبؤات الخاصة بالمستقبل إذ إن هذا التراجع لم نشهده إلا خلال فترة الشهرين الماضيين''· ومضى يشير الى أن الأزمة المالية العالمية قد أدلت بتأثيراتها السالبة على سوق الشاحنات، حيث استطرد قائلاً: ''من المؤكد أن الانهيار المالي هو الذي أدى الى هذا الانخفاض في المبيعات، فعندما يعاني صندوق التروس من دخول الأتربة والرمال إليه فإن النظام بأكمله سوف يتأثر ويعاني من التوقف''· وعلى كل، فقد ذكر أندرياس يرنشلر الذي يرأس العمليات التجارية للشاحنات في شركة ديملر الألمانية للسيارات بأنه وعلى الرغم من تباطؤ وتيرة أوامر الشراء فإن كبريات الشركات المصنعة للشاحنات التجارية في العالم ما زالت تتوقع زيادة هامشية أو متواضعة في المبيعات في هذا العام· ففي خلال فترة الأشهر الثمانية الماضية حتى شهر أغسطس شهدت شركة ديملر زيادة صغيرة الحجم في مبيعاتها الى أكثر من 311 ألف آلية تجارية· وقال يرنشلر: ''لقد ظل معدل النمو في أوروبا طوال فترة العامين الماضيين قوياً بشكل غير اعتيادي· أما الآن فإن الأسواق بدأت تعود الى أقل من مستوياتها العادية''، بل إن بعض التنفيذيين في الشركات أشاروا من جانبهم الى أن دفاتر الطلبيات استمرت طوال السنوات الأخيرة تحتشد بأوامر الشراء وبشكل استثنائي الى درجة أن بعض المشترين كان يتعين عليهم الانتظار لفترة تزيد على العام حتى يتسلموا شاحناتهم· ويقول كلي نيلسون رئيس القسم الأوروبي لشاحنات شركة فولفو السويدية: ''إن لدينا الآن دفتر طلبيات لفترة ستة أشهر فقط بعد أن كانت هذه الفترة تمتد الى 12 شهراً وفي بعض الأحيان الى 18 شهراً في أثناء فترة الازدهار''· ومضى نيلسون يشير الى أن بعض مشغلي الأساطيل والشركات الناقلة الذين كان بانتظار تصنيع واستلام شاحناتهم قد سارعوا الى إلغاء الطلبيات التي تقدموا بها قبل فترة طويلة على خلفية الوضع الاقتصادي المتدهور بوتيرة متسارعة في أوروبا· وكذلك فإن بعض الزبائن باتوا يعانون الأمرين من أجل تمويل الشاحنات الجديدة بسبب عزوف البنوك عن توفير الائتمان· وحتى في حال تمكنهم من الحصول على التمويل فإنهم يجدونه بتكلفة عالية، إذ يشير انجون واينمان رئيس الإدارة التجارية للآليات في شركة مان الى أن بعض صغار الزبائن أصبحوا الآن يفضلون الانتظار لفترة تزيد على العام حتى يقدموا على استبدال شاحناتهم القديمة· على أن المدراء التنفيذيين أخذوا يأملون في أن يؤدي النمو القوي في الأسواق الناشئة الى تعويض انخفاض طلبيات الشراء في العالم الغربي· إذ يقول رينشلر: ''إنه نوع من التباطؤ غير التقليدي''· ومضى يشير الى أن كل شاحنة يتم شراؤها مؤخراً أصبحت تباع في البرازيل أو روسيا أو الصين والهند، ولكن روسيا التي أصبحت مؤخراً السوق الأكبر للشاحنات التجارية الأوروبية بات من المرجح أن تشهد انخفاضاً في الطلب عما قريب، حيث يقول أوستلينج: ''إن السوق الروسي أصبح مرشحاً لأن يشهد نوعاً من الاستقرار في أسوأ الحالات'' عن ''الفاينانشيال تايمز''