الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

إماراتية وابنتها على مقاعد الدراسة

إماراتية وابنتها على مقاعد الدراسة
8 نوفمبر 2008 23:40
بقبضة قوية وخط تحاول جاهدة السيطرة عليه تمسك عوشة غيث القبيسي قلم الكتابة على السبورة البيضاء، وتخط الأحرف التي تطلب منها المعلمة كتابتها، تضع شمسة القلم وتبتسم لزميلاتها قبل أن تعود وتجلس معهن لتخرج طالبة غيرها إلى السبورة· هي ليست طالبة متفوقة فحسب، وليست صاحبة قصة استثنائية فقط، لكنها أيضاً أم جاءت بعد قرابة عشرين عاماً من الأمومة لتدرس مع ابنتها في مدرسة واحدة· تقول عوشة: ''حينما يبدو الأمر حلماً تكبر الرغبة في الانسان لتحقيقه، وحينما يصعب هذا الحلم يصبح الشخص أكثر شغفاً به، وهناك من الأحلام ما ينمو مثل وردة في النفس حتى إذا حانت اللحظة المناسبة قطفناها، وهذا بالضبط ما حصل معي لأني كنت أحلم بالمدرسة وأنا أرى صديقات الطفولة يذهبن إليها، كنت أتمنى أن أجلس في الصف وأن أكتب واجباً منزلياً وأن أتهجى الحروف مثلما تفعل صاحباتي، لكن أهلي كان لهم رأي مختلف، فهم كانوا يحتفظون بالعبارة القديمة (ما عندنا بنات يسيرن المدرسة)· حلمي وابنتي تتابع عوشة: لفترة طويلة بقيت أحلم بالدراسة والمدرسة، لكني تزوجت ولم أستطع مفاتحة زوجي في موضوع الدراسة، إذ انشغلت بالعمل المنزلي وبدوري الجديد كأم وربة منزل، إلى أن كبر الصغار والتحقوا بالمدارس، وانحصر دوري في متابعة الشؤون المنزلية فقط، حينها أدركت أن الوقت مناسب جداً لأحقق الحلم القديم وأن أدرس· عوشة تدرس في الصف الأول لتعليم الكبار، بينما ابنتها شمسة سالم القبيسي طالبة في الثانوية العامة في نفس المدرسة، تقول شمسة: لأمي طموح كبير فأنا لم أتوقع أن تقرر يوماً الدراسة، لكنها فعلت وسجلت بل وانتظمت أكثر مني، دائماً ما أراها تراجع ما تعلمته وتعيد كتابة الأحرف الكلمات، فأشعر بالفخر فعلاً ومع أني أسبقها بمراحل دراسية لكني أشعر أنها تتفوق علي في الصمود والقوة لأنها ما زالت تدير المنزل وتتابع كل التفاصيل فيه برغم أنها في المدرسة· في نفس الفصل عوشة ليست الأم الوحيدة التي تدرس هي وابنتها في مدرسة واحدة، هناك أيضاً نورة سالم الهاجري وابنتها بركة صالح منصر المنهالي اللتان تتميزان بأنهما تدرسان في فصل واحد· تقول نورة: لفترة طويلة من عمري كنت أتمنى أن أقرأ وأكتب، خاصة حينما كبر أبنائي ووجدتهم يتفوقون علي بالعلم، بينما أنا أغرق في ظلام الجهل، كنت أشعر أني أحتاج شخصاً متعلماً معي بشكل دائم فهم يقرأون لي كل شيء بدءاً من تاريخ انتهاء الحليب وحتى وصفاتي الطبية، كل شيء كنت أراه بعيون أبنائي، لكنهم كبروا وأصبحت أحتاج أن أتعلم لأقرأ بنفسي، وهذا ما دفعني للدراسة، لأنني أتمنى أن أرى الجانب المضيء من العالم بالمعرفة· نورة التي تدرس في الصف السابع قارئة نهمة للكتب، وهي وجه معروف في المكتبة المدرسية وتقول: الكتب عالم مختلف بالقراءة اكتسب مهارات كثيرة وأحاول اكتساب ثقافة جديدة، لا أدري لماذا يرغب الناس عن القراءة ويتركها الصغار قبل الكبار، فهي تشعرني بأهمية ما أتعلمه في المدرسة والحياة، وتساعدني على تحسين مهارة القراءة ونطق الحروف والتعبير· أمي أقوى مني بركة المنهالي هي ابنة نورة التي تدرس معها في الصف السابع وتقول: بصراحة أنا أغبط أمي على قوة إرادتها بينما أكره الضعف في نفسي، أمي بدأت من الصفر وهي أم وربة منزل وجدة أيضاً، بينما أنا تركت الدراسة حين كان يجب أن أكمل المشوار توقفت عن الاهتمام بمستقبلي ورأيت المدرسة كأنها مكان يعاقبونني حين أذهب إليه· وتتابع بركة: تركت الدراسة في الصف السابع وبقيت في البيت لسنوات، بينما بدأت أمي من الصفر، وفي كل عام أرى نتيجتها الدراسية، كنت أقول لنفسي أمي أفضل مني وسيكون مؤهلها الدراسي أقوى من مؤهلي، وفي هذا العام وصلت أمي للصف السابع فقررت أن أعود للدراسة معها في نفس الصف كي نكمل المشوار معها، وأستمد من قوتها ما يجعلني أثابر وأتفوق إن شاء الله
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©